أنا محمّد بن عبيد الله (١) بن عمرو بن معاوية بن عتبة بن أبي سفيان قال :
زوّج معاوية بن أبي سفيان ابنته من عبد الله بن عامر بن كريز ، فلمّا ابتنى (٢) بها امتنعت عليه امتناعا شديدا لم يصل معه منها إلى شيء ، فضربها ، فبكت ، وسمع الجواري بكاءها ، فصحن ، ووقع ذلك في أذن معاوية فجاء مبادرا ، وسمع مقالة الجواري ، فدخل على عبد الله البيت فقال له : مثل هذه تضرب؟ قبح الله رأيك ، وقبح ما أتيت به ، أخرج عن هذا البيت إلى غيره ، فلمّا خرج أقبل على ابنته فقال : يا بنية لا تفعلي فإنّما هو زوجك الذي أحلّه الله لك ، أوما سمعت يا بنية قول الشاعر :
من الخفرات البيض أما حرامها |
|
فصعب وأما حلّها فذلول |
ثم نهض فخرج ، وعاد زوجها إلى البيت ، فلانت وأذعنت.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن كرتيلا ، أنا أبو بكر محمّد بن علي الخياط ، أنا أحمد بن عبد الله السوسنجردي ، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب علي بن محمّد ، أنا أبي ، أنا محمّد بن مروان بن عمر السعيدي ، حدّثني أبو الضحاك مخلد بن محمّد بن الضحاك بن مخلد أبي عاصم النبيل ، نا الزبير بن محمّد بن خالد العثماني ، حدّثني عبد الله بن القاسم الأيلي قال :
زوّج معاوية بن أبي سفيان ابنته هندا من عبد الله بن عامر بن كريز ، وبنى له قصرا (٣) إلى جانب قصره ، وجعل بينهما بابا وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين ، قال : فبينا هو (٤) في المشرقة (٥) يوما إذ مرّت به حاضنتها فقال لها : ما فعلت تلكم؟ فقالت : بخير يا أمير المؤمنين ، قال : فإني أعزم عليكم بحقي عليك قالت : يا أمير المؤمنين فإنها مصعت واعتاصت عليه ، فقام حافيا آخذا بأزرار ثيابه ومضى حتى دخل عليها ، فسلّم والنسوة عندها ،
__________________
(١) في الجليس الصالح : عبد الله.
(٢) كذا بالأصل و «ز» والجليس الصالح ، قال القاضي الجريري : قال جمهور من اللغويين : الكلام الصحيح في هذا : بنى عليها ، وذاك أن الرجل من العرب كان إذا تزوج بنى على امرأته بنيا من خباء وغيره للخلوة بها والإفضاء إليها ، وكثر ذلك وعرف حتى قيل لكل من دخل بزوجته : قد بنى عليها ، ومما حدث في زماننا من كلام سفلة العامة أن يقولوا لمن غشي امرأته : قد ابتنى بها ، وإن كان إتيانه بها زنا وسفاحا.
(٣) بالأصل : قصر ، والمثبت عن «ز».
(٤) بالأصل و «ز» : هن.
(٥) المشرقة : موضع القعود في الشمس.