في موضع آخر ، حيث قال ـ بعد ردّ خبر التثليث المتقدّم (١) : بأنّه لا يدلّ على الحظر أو وجوب التوقّف ، بل مقتضاه أنّ من ارتكب الشبهة واتّفق كونها (٢) حراما في الواقع يهلك لا مطلقا ـ : ويخطر بخاطري أنّ من الأخباريّين من يقول بهذا المعنى (٣) ، انتهى.
أوامر الاحتياط إرشاديّة |
ولعلّ هذا القائل اعتمد في ذلك على ما ذكرنا سابقا (٤) : من أنّ الأمر العقليّ والنقليّ بالاحتياط للإرشاد ، من قبيل أوامر الطبيب لا يترتّب على موافقتها ومخالفتها عدا ما يترتّب على نفس الفعل المأمور به أو تركه لو لم يكن أمر. نعم ، الإرشاد على مذهب هذا الشخص على وجه اللزوم ـ كما في بعض أوامر الطبيب ـ لا للأولويّة كما اختاره القائلون بالبراءة. وأمّا ما يترتّب على نفس الاحتياط فليس إلاّ التخلّص عن الهلاك المحتمل في الفعل.
نعم ، فاعله يستحقّ المدح من حيث تركه لما يحتمل أن يكون تركه مطلوبا عند المولى ، ففيه نوع من الانقياد ، ويستحقّ عليه المدح والثواب. وأمّا تركه فليس فيه إلاّ التجرّي بارتكاب ما يحتمل أن يكون مبغوضا للمولى ، ولا دليل على حرمة التجرّي على هذا الوجه واستحقاق العقاب عليه. بل عرفت في مسألة حجّية العلم (٥) : المناقشة
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ٨٢.
(٢) كذا في (ص) ، وفي غيرها : «كونه».
(٣) انظر الفوائد الحائريّة : ٢٤٢ ، ولكن ليست هذه العبارة «ويخطر بخاطري ...» في نسختنا من الفوائد.
(٤) راجع الصفحة ٦٩.
(٥) راجع مبحث القطع ١ : ٤٥.