وأشكل في (المحاضرات) ايضاً : بأنّه لمّا كان تصحيح العبادة ـ على القول بالامتناع ـ من طريق قصد الأمر أو الملاك ، فإنّه مع تقديم جانب النهي يسقط الأمر ، وإذا سقط فلا طريق لإحراز الملاك ، لوضوح أنّ عدم انطباق الطبيعة على هذا الفرد كما يمكن أنْ يكون من ناحية وجود المانع مع ثبوت المقتضي له ، يمكن أن يكون من ناحية عدم المقتضي له ، فالعقل لا يحكم ـ حينئذٍ ـ بحصول الامتثال بالإتيان بالمجمع.
لقد تعرّض صاحب (الكفاية) في المقدمة التاسعة لهذا المطلب وأوضحه ، بما حاصله : إنّ باب اجتماع الأمر والنهي متقوّم بوجود الملاك لكلا الدّليلين ، فإن لم يحرز وجوده لأحدهما كانت المسألة من باب التعارض ، والكاشف عن الملاك تارة دليل من خارج واخرى هو الإطلاق ، فإن كان الإطلاقان في مقام بيان الحكم الاقتضائي احرز الملاك ، وإن كانا في مقام بيان الحكم الفعلي خرجت المسألة إلى باب التعارض ـ لعدم إمكان توجّه الحكمين الفعليين إلى الشيء الواحد ـ وإذا رجّح طرف النهي وسقط الأمر ، أمكن أن يكون سقوطه من جهة عدم الملاك ، كما أمكن أن يكون من جهة الابتلاء بالمعارض.
فما جاء في الإشكال مذكور في (الكفاية) ، وليس بشيء جديد.
ثم قال الأُستاذ : بأن الصحيح في الإشكال على (الكفاية) هو أن يقال : إنّه مع تسليم كون المسألة من باب الاجتماع ، فإنّ ملاك الوجوب ـ بناءً على الامتناع وتقديم النهي على الأمر ـ يكون مغلوباً لملاك النهي ، وإذا تغلّب ملاك النهي كان