المفسدة مزاحمةً بالمصلحة كما في مورد أكل الميتة مثلاً للضرورة ـ لا تكون تلك المفسدة متعلّقةً لغرض المولى ، فلا تصلح لأنْ تكون منشأً للتقييد ... فالحق مع المشهور.
نعم ، في خصوص الصّلاة بحثٌ من جهةٍ اخرى ، وذلك أنّه بناءً على وجوب الصّلاة على المضطر غير المتمكّن من الخروج في جميع الوقت ، وصحّة صلاته ، فهل الواجب الإتيان بها صلاةً اختياريّةً تامّة الأجزاء والشرائط ، أو يصلّي إيماءً بدلاً عن الركوع والسجود؟
قولان ، قال بالأوّل صاحب (الجواهر) وتبعه الميرزا (١). وبالثاني : بعض مشايخ صاحب (الجواهر) قدسسرهم.
وقد استدلّ للثاني : بأنّ الركوع والسجود يستلزم الحركة ، وهي تصرّف في ملك الغير ، فليأتٍ بالصّلاة بالإيماء لئلاّ يلزم التصرف الزائد.
للأول : بأنّ من يكون في ملك الغير لا ينفكّ عن وضعٍ من الأوضاع ، والغصب صادق على كلّ الأوضاع وفي كلّ آن من الآنات ، واختلاف الأوضاع ـ بأنْ يركع أو يسجد مثلاً ـ لا يعتبر زيادةً في التصرف حتى تكون معصيةً إضافيّة.
وقد فصّل الشيخ الأُستاذ في هذا المقام فقال : بأنْ مقتضى القاعدة الأوليّة هو الصّلاة الإيمائية ، لأن تبدّل الأوضاع يستلزم الحركة بالضرورة وهي أمر زائد ، على أنّ في السجود اعتماداً على الأرض وهو تصرّف زائد. لكنّ مقتضى القواعد الثانوية من رفع العسر والحرج وسهولة الشريعة وسماحتها هو ارتفاع الحرمة عن هذا القدر من التصرّف لمن اضطرّ بالصّلاة في المكان المغصوب كالمحبوس
__________________
(١) فوائد الاصول (١ ـ ٢) ٤٤٥ ـ ٤٤٦.