تقيّد الإطلاق ، وتقييده لا يستلزم المجازية ، لكونه خارجاً عن مدلول اللّفظ ـ كما هو المفروض ـ ، فلم يستعمل اللفظ في جزء المعنى الموضوع له حتى يلزم المجاز.
فهذا دليل القول باحتياج العام إلى المقدّمات في دلالته على العموم.
خلافاً للمشهور القائلين بأن أداة العموم موضوعة لإسراء الموضوع وانطباقه على جميع الأفراد والأقسام بلا حاجة إلى المقدّمات ، وعليه ، فقد قال صاحب (الكفاية) : أمّا في المتصل ، فإن أداة العموم مثل «كلّ» موضوعة لاستيعاب جميع الأفراد والأقسام من المدخول ، فهي مستعملة في معناها ولا مجازيّة. وكذلك «العالم» و «العادل» كما في المثال المتقدّم.
وأمّا في المنفصل ، فأداة العموم وإنْ استعملت لجميع الأقسام والأفراد ، لكن التخصيص يكشف عن عدم إرادة ذلك المدلول ، فتقع شبهة استعمال اللّفظ وإرادة المعنى غير الموضوع له ، فأجاب عن ذلك بالتفكيك بين الإرادتين الاستعمالية والجديّة والتصرف في الظهور والحجيّة ، قال :
وبالجملة ، الفرق بين المتصل والمنفصل وإنْ كان بعدم انعقاد الظهور في الأول إلاّ في الخصوص ، وفي الثاني إلاّ في العموم ، إلاّ أنه لا وجه لتوهّم استعماله مجازاً في واحدٍ منهما أصلاً ، وإنما اللاّزم الالتزام بحجية الظهور في الخصوص في الأول وعدم حجيّة ظهوره في خصوص ما كان الخاص حجةً فيه في الثاني.
وبيان المطلب هو : إن الدلالة إمّا تصوّرية ـ وبتعبير (الكفاية) : انسية ـ أو تصديقية استعمالية ، أو تصديقية جديّة. والمراد من الاولى هو مجيء المعنى من اللفظ إلى الذهن على أثر الأنس الموجود بين اللّفظ والمعنى ، وهذه الدلالة غير