الوجود كأن نقول : إن وجد زيد وكان عالماً ، إنْ وجدت المرأة وكانت قرشيةً.
فإنْ كان التقييد من قبيل الأول ، فهو غير دائر مدار وجود الموضوع ، بل التقييد موجود مع عدم الموضوع ، كما أن الملازمة بين الفساد وتعدّد الآلهة موجودة وهي غير دائرة مدار وجود الآلهة ، وإنْ كان من قبيل الثاني ، فيدور مدار الموضوع ، فلا تقييد للمرأة بالقرشية قبل وجودها ....
وعلى هذا ، فإنّ الاستصحاب إنما يجري في الأول دون الثاني ، لكونه بعد الوجود ، وإذا كان بعده فنقيضه أيضاً بعده ـ بحكم المقدمة الثانية ـ وقد عرفت في المقدمة الثالثة أن المستصحب إما حكم الموضوع وإما نقيضه ، ولا وجود لأحدهما بعد الوجود (١).
أجاب الأُستاذ
بأنّ في كلامه مواقع للنظر. منها :
إن المقصود هو إجراء استصحاب العدم الأزلي في الزمان لا في المرتبة ، لأن الأحكام الشرعية تدور مدار الزمان ، والتقييد بين المرأة والقرشية هو في ظرف وجود المرأة وإلاّ فليس في عالم العدم شيء ، فلا معنى لقوله بالتقييد قبل الوجود.
هذا أولاً.
وثانياً : قد تقدم أنْ لا برهان على كون النقيضين في مرتبةٍ واحدة.
فظهر : إنّ التقييد في قضيّة : إذا وجدت المرأة وكانت قرشية ، هو بعد وجود المرأة ، لكنّ عدم التقييد وعدم القرشية ليس بعد وجودها ، فكما يجري الاستصحاب في الصورة الاولى ، كذلك هو جارٍ في الثانية أيضاً. فلا وجه للتفصيل المذكور.
__________________
(١) نهاية الأفكار (١ ـ ٢) ٥٢٨.