بناءً على أنّ الأمر بالشيء ملازم عقلاً مع النهي عن ضدّه ، يكون العمل منهيّاً عنه حقيقةً ـ وإنْ كان ملاك النهي هو المزاحمة ـ ، وكلّ عملٍ ينهى المولى عنه فالعقل يحكم بعدم صلاحيته للمقربيّة ، ولا أقل من الشك في ذلك ، فهو فاسد.
واخرى : نفسي ، وهو على قسمين ، أحدهما : التحريمي ، وهذا لا كلام في دخوله ، لأنه منشأ للفساد بلا إشكال. والثاني هو التنزيهي.
وفي دخول النهي المولوي التنزيهي مثل : لا تصلّ في الحمام ونحوه ، بحث وخلاف ، فصاحب (الكفاية) أدخله والميرزا أخرجه ، والوجه في ذلك هو : أنّه إنْ كان النهي تحريميّاً فالترخيص في التطبيق مرتفع ، أمّا مع التنزيهي ، فالترخيص في التطبيق موجود فلا ملاك للفساد.
والمختار عند الأُستاذ ـ في الدّورتين ـ هو الأوّل ، لأن موضوع البحث هو اقتضاء النهي للفساد وعدم اقتضائه له ، سواء كان دليل العبادة أو المعاملة ـ وهو الإطلاق ـ بدليّاً أو شموليّاً ، فإنْ كان بنحو الإطلاق البدلي ـ كما في صلّ ولا تصلّ في الحمام ـ فلا منافاة بين النهي التنزيهي والترخيص في التطبيق ، وأمّا إن كان بنحو الإطلاق الشمولي ، كما لو قال أكرم كلّ عالمٍ ثم قال : لا تكرم النحويين ، فإنّ النهي عن إكرام النحويين وإن كان تنزيهياً ، لا يجتمع مع الأمر بإكرام العلماء بنحو الشمول ، فيكون داخلاً في البحث ... فالحق هو القول الأوّل ... إلاّ إذا كان النهي التنزيهي إرشاداً إلى قلّة الثواب في العبادة ، فهو غير داخلٍ في البحث ، لأن قلّة الثواب عليها ملازمٌ لصحّتها.
ذكر صاحب (الكفاية) قدسسره (١) أن المراد بالعبادة هاهنا : ما يكون
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٨١.