فأشكل عليه في الميرزا (١) : بأنّ كون الحكم في محلّ الاجتماع فعليّاً تارةً واقتضائياً اخرى ، غير معقول ، لأنّ الحكم قبل وجود موضوعه خارجاً يكون إنشائياً ثابتاً لموضوعه المقدّر الوجود ، وبعد وجود موضوعه يستحيل أنْ لا يكون فعليّاً. وتبعه المحقق الخوئي وشيخنا الأُستاذ في هذا الإشكال.
وحاصل الكلام هو : إن بلوغ الحكم إلى مرتبة الفعليّة ـ وهي المرتبة الثالثة بناءً على نظريّة المحقق الخراساني ـ يتوقف على وجود موضوعه خارجاً بجميع قيوده وشروطه ، وعليه ، فلا يلازم أن يكون فعليّاً حين الجعل والإنشاء الحقيقيّة لما تقرّر من أن الأحكام الشرعية مجعولة على نحو القضايا الحقيقيّة ... فما في (الكفاية) من أن إطلاق كلٍّ من الدليلين قد يكون لبيان الحكم الفعلي ، غير صحيح.
هذا بالنسبة إلى الدلالة على الحكم الفعلي.
وأمّا بالنسبة إلى دلالة الدليل على الحكم الاقتضائي ، ففيه : إن الحكم الاقتضائي غير معقول ، لأنّ الحكم ـ سواء كان مجعولاً اعتباريّاً من الحاكم كما هو التحقيق ، أو كان الإرادة أو الكراهة المبرزة ـ لا يمكن أن يتكفّل الملاك في هذه المرتبة ، لأنّ مرتبة الاقتضاء هي مبدأ الحكم ، ومبدأ الشيء ليس من مراتبه ، إلاّ في الامور التكوينية النار ـ مثلاً ـ مبدأ للحرارة وهي موجودة بوجود النار.
والسبب في ذلك : أن تأثير الملاك وكون الحكم تابعاً له هو بمعنى أن الصّورة العلمية للملاك تكون علّةً فاعليةً للحكم ، فالحاكم عند ما يرى أن لهذا الفعل مصلحةً لزومية ، فالصّورة العلميّة لها تصير علّةً للحكم فينشئ الحكم على
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ١٤٦ ـ ١٤٧.