يوجب عدم تحقق الغرض ، وحينئذٍ لا يبقى النهي ليكون التكلّم الثاني والثالث مضرّاً بالصّلاة ، بل إنها بالأول بطلت.
وقد ينهى الشارع عن شيء ويكون كلّ واحدٍ من أفراد التروك مطلوباً برأسه ، كالمنع عن شرب الخمر ، فإنه بارتكابه مرةً لا يسقط النهي بل يبقى متوجّهاً إلى الأفراد الأُخرى من هذا الفعل.
فهذا القسمان من النهي في عالم الثبوت متحقّقان.
فإن ورد وشك في أنه من أيّ القسمين فما هو مقتضى القاعدة؟
ذهب المحقق الخراساني إلى إنه يؤخذ بإطلاق الكلام من جهة المخالفة وعدمها ، فإنه لمّا لم يقيّد النهي بالمرّة وغيرها ، كان ظاهراً في بقائه بعد المعصية ، (ثم قال) : إنه لا بدّ من وجود الإطلاق من هذه الجهة ، ولا أثر لإطلاق الكلام من سائر الجهات ، من الزمان والمكان وغير ذلك.
وقد اختار الميرزا هذا المبنى بتقريبٍ آخر فقال ما حاصله :
إن المطلوب في النواهي تارةً : خلوّ صفحة الوجود عن الشيء ، وحينئذٍ يكون المتعلّق هو الطبيعة ، كالتكلّم في الصّلاة ، فإنه قد لوحظت الطبيعة وتعلّق بها النهي ، أمّا ترك هذا الفرد أو ذاك منها ، فهو من لوازم المطلوب.
وأُخرى : يكون على العكس ، إذ يتعلّق بالفرد ، وخلوّ صفحة الوجود عن الطبيعة لازم المتعلّق ، كالنهي عن شرب الخمر ، فإنه متعلّق بكلّ فردٍ فردٍ ، فلو اطيع لزم خلوّ صفحة الوجود من شرب الخمر.
وغالب النواهي في الشريعة من قبيل القسم الثاني ... أمّا موارد القسم الأوّل فقليلة ، ومثاله تروك الإحرام والنهي عن المفطرات في الصّوم.