يتقدّم ما كان بالوجدان على ما كان بالأصل ، لأنّه مع الوجدان لا مجال للأصل. وإنْ كان المستند في كلا الكلامين هو الأصل ، فلا تقدّم لأحدهما على الآخر. وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأن الظهور في الدليلين على حدٍّ سواء ، لأن دلالة الدليل المقيَّد على وجوب عتق المؤمنة بالخصوص هي من جهة الظهور الإطلاقي في الوجوب التعييني ، ودلالة المطلق على كفاية صرف وجود عتق الرقبة هي من جهة الظهور الإطلاقي كذلك ، فكلاهما ظهور إطلاقي ، ولا وجه لتقدّم أحدهما على الآخر.
وفي (المحاضرات) (١) الإشكال على (الكفاية) : بأنه لا يتم على مسلك صاحب (الكفاية) ، حيث أنه قد صرَّح في بحث الأوامر بأنْ صيغة الأمر لم توضع للدلالة على الوجوب التعييني ، بل هو مستفاد من الإطلاق ومقدّمات الحكمة.
وعليه ، فلا فرق بين الظهورين ، وليس ظهور الأمر في الوجوب التعييني بأقوى من ظهور المطلق في الإطلاق.
وقد ذكر الأُستاذ : أن وجه الأظهرية قد خفي على هذين المحققين فأشكلا بما ذكر ، وذلك أن صاحب (الكفاية) قد صرّح في المبحث الثاني (٢) من مباحث صيغة الأمر بأنّها تدلُّ على الوجوب ، والدليل هو التبادر عند استعمالها بلا قرينةٍ (قال) : ويؤيّده عدم صحّة الاعتذار عن المخالفة باحتمال إرادة الندب.
ثم ذكر في المبحث السادس (٣) : «قضية إطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيّاً تعيينيّاً عينيّاً ، لكون كلّ واحدٍ مما يقابلها يكون فيه تقييد الوجوب وتضيق دائرته ، فإذا كان في مقام البيان ولم ينصب قرينةً عليه ، فالحكمة تقتضي كونه مطلقاً ،
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ / ٥٤٤.
(٢) كفاية الاصول : ٧٠.
(٣) كفاية الاصول : ٧٦.