ولكنَّ ذلك كلّه يتوقّف على تغيير عنوان البحث ، حتى يمكن تحقق هذه الجهة أو تلك فيه ، أمّا مع عنوانه كما في (الكفاية) وغيرها من كتب الأعلام ، فلا يصح البحث لأنْ يكون من مسائل هذا العلم أو ذاك ، بل هو من مسائل علم الاصول.
فالحق ما ذهب إليه وإن كان كلامه مخدوشاً كما ذكرنا ، خلافاً للشيخ الأعظم (١) ، حيث جعلها من المبادئ الأحكاميّة ، لأنّا لا نبحث في هذه المسألة عن خواص الأمر والنهي ، وعن أنه هل يوجد بينهما التضادّ أو لا ليكون من المبادي ، وإنما نبحث عن أنّ اجتماع الأمر والنهي في الشيء الواحد ذي العنوانين هل ينتهي إلى اجتماع الضدّين أو لا؟
وللميرزا (٢) القائل بأنها من المبادئ التصديقية للمسألة الاصوليّة ، وذلك لأنّ المبدا التصديقي هو كلّ ما أوجب التصديق بثبوت المحمول للموضوع ، مثلاً : عند ما نقول : هل خبر الثقة حجة أو لا؟ فإنّ ما يعرّف «خبر الثقة» و «الحجيّة» يسمّى ب «المبدا التصوري» (٣) وما يدلّ على ثبوت «الحجية» ل «خبر الثقة» يسمى ب «المبدا التصديقي». ونحن في هذه المسألة نقول : هل يقع التعارض بين دليلي الأمر والنهي فيما إذا تعلَّقا بالواحد ذي العنوانين أو لا؟ وهذا مبدأ تصديقي لتحقق موضوع المسألة الاصولية ، وأمّا المبدا التصديقي للمسألة الاصولية فهو الأدلّة على الترجيح أو التخيير بناءً على التعارض.
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٢٥.
(٢) أجود التقريرات ٢ / ١٢٨.
(٣) كفاية الاصول : ١٥٢.