تارةً : الموضوع غير مشكوك فيه ، وإنما الفحص يكون عمّا ينافي المحمول له ، كأنْ يكون خبر الثقة حجة ، ثم يفحص عمّا إذا كان له معارض ، فهذا فحصٌ في موارد التعارض. واخرى : لا يتحقق الموضوع إلاّ بعد الفحص ، وهذا في الاصول العقلية ، كقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، إذ الموضوع فيها ـ وهو عدم البيان ـ لا يتحقق إلاّ بالفحص.
وقد وقع الكلام بينهم في أثر الفحص في موارد العام والخاص والمطلق والمقيد ، والفرق بينهما وبين موارد الاصول العملية الشّرعية. فقد قال في (الكفاية) : بأنْ الفحص عن المخصص ـ مثلاً ـ فحصٌ عن مزاحم الحجّة وهو العام ، أمّا في الاصول الشرعيّة ، فهو فحص عن أصل الحجيّة ، لأنّ دليل الاستصحاب مثل «لا تنقض اليقين بالشك» (١) ودليل البراءة مثل «رفع ما لا يعلمون» (٢) مطلق ، يعمّ حالي قبل الفحص وبعده ؛ لكنّ الإطلاق فيهما مقيّد بالإجماع بما بعد الفحص ، فكان الموضوع غير محقَّق قبله ، فيكون الفحص عن أصل الحجّة. ثم أمر بالفهم.
ولعلّه إشارة إلى أنْ الإجماع المذكور مدركي ، والمدرك إمّا العلم الإجمالي الذي ذكره الشيخ أو الروايات مثل «هلاّ تعلَّمت».
إنّ حجيّة كلّ خبرٍ ـ كما هو معلومٌ ـ متوقفة على تمامية ثلاث جهات هي جهة السند والدلالة والصدور. ولا بدّ للتمامية من الفحص وإلاّ فلا حجيّة ...
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ / ٢٤٥ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، رقم : ١.
(٢) وسائل الشيعة ١٥ / ٣٦٩ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، رقم : ١.