وأجاب السيد المحقق الفشاركي ـ على ما نقل عنه تلميذه الشيخ الحائري ـ : بأن يقال برجحان الفعل من جهة أنه عبادة ، ورجحان الترك من حيث انطباق عنوان راجح عليه ، ولكون رجحان الترك أشدّ من رجحان الفعل ، غلب جانب الكراهة وزال وصف الاستحباب ، ولكنّ الفعل لمّا كان مشتملاً على الجهة الراجحة لو أتى به يكون عبادة ، إذْ لا يشترط في صيرورة الفعل عبادةً وجود الأمر بل يكفي تحقق الجهة فيه على ما هو التحقيق ، فهذا الفعل مكروه فعلاً لكون تركه أرجح من فعله ، وإذا أتى به يقع عبادةً لاشتماله على الجهة.
ثم أشكل عليه تلميذه المحقق فقال : ويشكل بأنّ العنوان الوجودي لا يمكن أن ينطبق عليه العدم ، لأنّ معنى الانطباق هو الاتحاد في الوجود الخارجي ، والعدم ليس له وجود (١).
فقال شيخنا الأُستاذ : بأنّ كبرى كلام المستشكل تامّة ، إذ الانطباق لا يتحقق إلاّ مع الاتّحاد ، والاتحاد بين الوجود والعدم محال ـ والمسألة عقليّة لا ينفع فيها النقض بالأمثلة العرفية كما في كلام البعض ـ فما ذكره حق. لكنّ الإشكال في الصغرى ، فإن المجعول عنواناً في النصوص أمر عدمي مثل «عدم موافقة بني اميّة» ولا محذور في اتّحاده مع ترك الصوم. وعلى الجملة ، فإن صوم عاشوراء مبغوض لموافقته لآل اميّة ، فيكون تركه مطلوباً من جهة انطباق عنوان عدم الموافقة معهم له. فالإشكال مندفع.
__________________
(١) درر الفوائد (١ ـ ٢) ١٦٩.