أن يدعى على غيره ما لا يعلم استحقاقه وان كانت هناك شبهة ظاهرة وظن قوي.
وإذا قال المدعى في مجلس الحكم : ادعى عليه ، أو اتهمه ، أو حدث ما يقتضي استناد دعواه إلى التهمة دون العلم أسقط دعواه ، ولا يقبل من الدعاوي إلا قوله : « استحق » وما أفاد معنى ذلك ، وليتق الله هذا المدعى من دعوى الكذب والمطالبة بالباطل ، وليتق الله هذا المنكر من الكذب ودفع الحق.
وإذا تحاكم اليه بعض كفار الأصل كاليهود والنصارى أو كفار الملة كالمجبرة والمشبهة والوعيدية فليحكم بينهم بما يقتضيه المشروع دون ما يرونه أولئك في دينهم وهؤلاء في مذهبهم.
وليعلم أن الحكم بين الناس رتبة عظيمة ومنزلة جليلة ورئاسة نبوية وخلافة إمامية لم يبق في أعصارنا هذه وما قبلها بأعصار من رئاسات الدين غيرها ، فبحسب قوة المأهول لها (١) في الدين وصحة عزيمته في تنفيذ الأحكام وصادق نيته في القيام بما جعل اليه واضطلاعه به وبصيرته فيه تعلوا كلمة الإسلام ويعز الدين ، وبحسب ضعفه عن ذلك أو جهله به يضمحل الحق وتندرس أعلامه.
فليتق الله من عرض لذلك ، فلا يتقلده الا بعد الثقة من نفسه بالقيام بما جعل اليه ، وإذا علم من نفسه تكامل الشروط فعرض للحكم وجب عليه تكلفه ، لكونه أمرا بمعروف ونهيا عن منكر ، فاذا تقلده فليصمد (٢) للنظر في مصالح المسلمين وما عاد بنظام الملة وقوى الحق ، وليجتهد في إحياء السنن واماتة البدع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإبطال ما يمكن منه من أحكام الجور وإنفاذ ما استطاعة من الحق.
وليتخير الحكام النائبين عنه في البلاد ، ولا يقلد الحكم من لا يتكامل له
__________________
(١) كذا يقرء ما في بعض النسخ.
(٢) في بعض النسخ : فليحمل.