وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وإذا كان للولد مال ، ولم يكن لوالده ، جاز له أن يأخذ منه ما يحج به حجة الإسلام ، فأمّا حجة التطوع ، فلا يجوز له أن يأخذ نفقتها من ماله ، إلا بإذنه (١).
إلا أنه رجع عن هذا في كتاب الإستبصار ، في الجزء الثالث ، فإنّه رحمهالله ، قال : قال محمد بن الحسن : هذه الأخبار كلّها دالة ، على أنّه انّما يسوغ للوالد أن يأخذ من مال ولده ، إذا كان محتاجا فأمّا مع عدم الحاجة ، فلا يجوز له أن يتعرض له ، ومتى كان محتاجا وقام الولد به ، وبما يحتاج إليه ، فليس له أن يأخذ من ماله شيئا ، قال رحمهالله : فإن ورد في الأخبار ما يقتضي ، جواز تناوله من مال ولده مطلقا ، من غير تقييد ، فينبغي أن يحمل على ذلك التقييد.
قال رحمهالله : والذي يدلّ على ما ذكرناه ، من التقييد ، ما رواه محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما يحل للرجل من مال ولده ، قال : قوته بغير سرف ، إذا اضطر إليه ، قال : قلت له : فقول رسول الله صلىاللهعليهوآله للرجل الذي أتاه فقدّم أباه : أنت ومالك لأبيك ، فقال : إنّما جاء بأبيه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقال له : يا رسول الله ، هذا أبي ، قد ظلمني ميراثي من أمي ، فأخبره الأب ، أنّه قد أنفقه عليه ، وعلى نفسه ، فقال : أنت ومالك لأبيك ، ولم يكن عند الرجل شيء أفكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يحبس الأب للابن (٢) ثم قال رحمهالله : فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سعيد بن يسار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أيحج الرجل من مال ابنه ، وهو صغير؟ قال : نعم ، قلت : يحج حجة الإسلام ، وينفق منه ،
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب ما يجوز للرجل أن يأخذ من مال ولده.
(٢) الوسائل : الباب ٧٨ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٨.