ومن اشترى شيئا بنسية ، فلا يبيعه مرابحة ، فإن باعه كذلك ، كان للمبتاع من الأجل ، مثل ماله ، هكذا أورده شيخنا في نهايته (١).
والأولى عندي ، أن يكون المشتري بالخيار ، بين ردّه وإمساكه بالثمن ، من غير أن يكون له من الأجل مثل ماله ، لأنّه ليس عليه دليل فيرجع إليه ، وانّما هو خبر واحد ، وضعه في كتابه ، ورجع عنه في مبسوطة (٢).
وقال شيخنا أبو جعفر ، في نهايته : ولا يجوز أن يبيع الإنسان ، متاعا مرابحة بالنسبة ، إلى أصل المال ، بأن يقول : أبيعك هذا المتاع ، بربح عشرة ، واحدا أو اثنين ، بل يقول بدلا من ذلك : هذا المتاع علي بكذا ، وأبيعك إيّاه بكذا ، بما أراد (٣).
وقال في مسائل الخلاف : يكره بيع المرابحة ، بالنسبة إلى أصل المال ، وصورته أن يقول : بعتك برأس مال ، وربح درهم ، على كل عشرة ، وليس ذلك بمفسد للبيع (٤).
وقال شيخنا المفيد ، في مقنعته : ولا يجوز أن يبيع الإنسان شيئا مرابحة ، مذكورة بالنسبة إلى أصل المال ، كقولهم : أبيعك هذا المتاع بربح العشرة ، واحدا ، أو اثنين ، وما أشبه ذلك ، ولا بأس أن يقول ثمن هذا المتاع عليّ كذا ، وأبيعك إيّاه بكذا ، فيذكر أصل المال والربح ، ولا يجعل لكل عشرة منه شيئا (٥).
قال محمّد بن إدريس : الذي يقوى عندي ، وأفتي به ، أنّ بيع المرابحة ، مكروه غير محظور ، وأنّ البيع صحيح ، غير باطل ، وهو الذي ذهب إليه شيخنا أبو جعفر ، في مسائل خلافه ، ومبسوطة ، لأنّ بطلانه يحتاج إلى دليل ، والله تعالى قال « أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » وهذا بيع بغير خلاف ، فمن أبطله يحتاج إلى دليل ، وما ورد في ذلك من الأخبار فحمله على الكراهة هو الأولى.
إلا أنّ جملة الأمر ، وعقد الباب ، أن المكروه من بيع المرابحة ، أن يكون
__________________
(١) و (٣) النهاية : كتاب التجارة ، باب البيع بالنقد والنسيئة.
(٢) المبسوط : ج ٢ ، كتاب البيوع ، بيع المرابحة وأحكامها ، ص ١٤٢.
(٤) الخلاف : كتاب البيوع ، المسألة ٢٢٣.
(٥) المقنعة : أبواب المكاسب باب بيع المرابحة ص ٦٠٥.