ثلاثة ، ولا من عرف اسمه ونسبه ، لأنّ وجه كون الإجماع حجة عندنا ، دخول قول معصوم من الخطأ في جملة القائلين بذلك ، فإذا علمنا في جماعة قائلين بقول أنّ المعصوم ليس هو في جملتهم ، لا نقطع على صحة قولهم إلا بدليل غير قولهم ، وإذا تعيّن المخالف من أصحابنا باسمه ونسبه ، لم يؤثر خلافه في دلالة الإجماع ، لأنّه انّما كان حجة لدخول قول المعصوم فيه ، لا لأجل الإجماع ، ولما ذكرناه يستدل المحصّل من أصحابنا على المسألة بالإجماع ، وإن كان فيها خلاف من بعض أصحابنا المعروفين بالأسامي والأنساب ، فليلحظ ذلك وليحقق.
وإذا تزوج الرجل بصبية لم تبلغ تسع سنين ، فوطأها قبل التسع ، لم يحل له وطؤها أبدا ، وهو بالخيار بين أن يطلّقها ، أو يمسكها ، ولا يحلّ له وطؤها أبدا ، وليس بمجرد الوطء تبين منه ، وينفسخ عقدها كما يظن ذلك من لا يحصل شيئا من هذا الفن ، ولا يفهم معنى ما يقف عليه من سواد الكتب.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وإذا تزوج الرجل بصبيّة لم تبلغ تسع سنين ، فوطأها ، فرّق بينهما ، ولم تحل له أبدا (١).
معنى قوله رحمهالله « فرق بينهما » المراد بذلك في الوطء ، دون بينونة العقد وانفساخه ، لأنّ الإجماع منعقد منه رحمهالله ومن أصحابنا بأجمعهم ، أنّ من دخل بامرأة (٢) ووطأها ولها دون تسع سنين ، وأراد طلاقها ، طلّقها على كلّ حال ، ولا عدّة عليها منه بعد الطلاق ، على الأظهر من أقوال أصحابنا ، فإذا كانت قد بانت بوطئه لها قبل بلوغها التسع ، فلا حاجة إلى طلاقها ، ولا يتقدر ذلك بحال.
وقد كنّا أملينا مسألة قبل تصنيفنا لهذا الكتاب بسنين عدة ، في هذا المعنى ، فأحببنا إيرادها هاهنا ، وها هي.
إن سأل سائل فقال : أرى في معظم كتبكم مسألة ظاهرها متضاد متناف ،
__________________
(١) النهاية : كتاب النكاح ، باب ما أحلّ الله من النكاح وما حرّم منه.
(٢) ل. ق : بامرأته.