أورد هذه الرواية ، فلا يظن ظان أنّه إذا قال روى أصحابنا ، أو رواية أصحابنا ، انّ جميع الإماميّة روت ذلك ، وتواترت به ، وأجمعت عليه ، وانّما مراده رحمهالله ، انّ هذا القول والرواية من جهة أصحابنا ، وراويها منهم ، لا من رواية مخالفيهم ، فهذا مقصوده ومراده رحمهالله ، فلا يتوهم عليه غير ذلك ، فيغلط عليه ، ويعتقد أنّ جميع ما يورده ويطلقه في نهايته اعتقاده ، وحقّ وصواب عنده.
ومن مات وعليه ديون لجماعة من الناس ، تحاصّوا ما وجد من تركته ، بمقدار ديونهم ، ولم يفضل بعضهم على بعض ، فإن وجد واحد منهم متاعه بعينه عنده ، وكان للميت مال ، يقضي ديون الباقين عنه ، رد عنه (١) بغير نمائه المنفصل عنه ، كالحمل ، ولم يحاصه باقي الغرماء ، وإن لم يخلّف وفاء لديون الباقين ، كان صاحبه وباقي الغرماء سواء.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وكذلك لو كان حيّا والتوى على غرمائه ، ( معنى التوى دافع وماطل ) ردّ عليه ماله ، ولم يحاصه باقي الغرماء (٢).
قال محمّد بن إدريس مصنف هذا الكتاب : حكم الحيّ هاهنا بخلاف حكم الميّت ، لأنّ الحيّ ، من وجد عين متاعه أخذه بعينه ، دون نمائه المنفصل ، ولم يحاصّه باقي الغرماء ، سواء بقي له بعد أخذه ، وفاء لديون الباقين ، أو لم يبق ، والميّت ، لصاحب المتاع ، أخذه بشرط أن يكون للميّت بعد أخذه ، وفاء لديون الباقين.
وإذا مات من له الديون ، فصالح المدين ورثته على شيء ، مما كان عليه ، كان ذلك جائزا ، وتبرأ بذلك ذمّته ، إذا أعلمهم مقدار ما عليهم من المال ، ورضوا ( بضمّ الضاد ) بمقدار ما صالحوه عليه ، ومتى لم يعلمهم مقدار ما عليه من المال ، ولم يرضوا ( بفتح الضاد ) به بعد إعلامهم ، لم يكن ذلك الصلح جائزا ، ولم تبرأ بذلك الذمّة.
__________________
(١) ل : رد عليه.
(٢) النهاية : باب قضاء الدين عن الميت.