العقل يعضد ما اخترناه ، إذ لا إجماع من أصحابنا على خلاف ما شرحناه ، ولا تواتر من الأخبار على ضد ما بيّناه. وقول شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمهالله مختلف على ما بيّناه في كتبه وحكيناه ، وأقوال المفسرين مختلفة على ما سطّرناه.
ولو لا الإجماع من أصحابنا على أنّ الذي بيده عقدة النكاح ، الأب والجدّ على غير البالغ ، لكان قول الجبائي قويا ، مع أنّه قد روي في بعض أخبارنا أنّه الزوج (١).
وروي أنّه إذا كان لرجل عدة بنات ، فعقد لرجل على واحدة منهن ، ولم يسمّها بعينها ، لا للزوج ولا للشهود ، فإن كان الزوج قد رآهن كلّهن ، كان القول قول الأب ، وعلى الأب أن يسلّم إليه التي نوى العقد عليها عند عقدة النكاح ، وإن كان الزوج لم يرهن كلّهن كان العقد باطلا ، ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (٢).
وعاد عنه في مبسوطة ، وضعفه ، وقال : النكاح باطل في الموضعين (٣).
وهو الذي يقوى في نفسي ، لأنّ العقد حكم شرعي ، يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، ومن شرط صحته تمييز المعقود عليها ، ولأنّه إذا ميزها من غيرها ، صحّ العقد بلا خلاف ، وإذا لم يميزها ليس على صحته دليل ، أو فيه خلاف ، فالاحتياط يقتضي ما قلناه واخترناه ، وإنّما أورد الخبر شيخنا في نهايته إيرادا لا اعتقادا ، كما أورد أمثاله مما لا يعمل به ، رواها أبو عبيدة فحسب.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة في فصل فيما ينعقد به النكاح : لا يصح النكاح حتى تكون المنكوحة معروفة بعينها ، على صفة تكون متميزة عن غيرها ، وذلك بالإشارة إليها أو التسمية أو الصفة (٤).
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة : لا يصح نكاح الثيب إلا بإذنها ، وإذنها
__________________
(١) مستدرك الوسائل : الباب ٣٧ من أبواب المهور ، ح ٤.
(٢) النهاية : كتاب النكاح باب من يتولى العقد على النساء آخر الباب.
(٣) المبسوط : ج ٤ ، كتاب النكاح ، فصل فيما ينعقد به النكاح ، ص ١٩٢ ، والعبارة هكذا : وإن قال : إحدى ابنتي أو قال : بنتي فقط ، فالنكاح باطل.
(٤) المبسوط : ج ، كتاب النكاح ، ص ١٩٢.