قولان ، أحدهما أنّه ينفسخ ، والآخر له الخيار ، إن شاء رضي بتأخيره إلى قابل ، وإن شاء فسخه ، دليلنا ان هذا عقد ثابت ، وفسخه يحتاج إلى دليل ، وليس في الشرع ما يدل عليه ، هذا آخر المسألة (١).
وقال رحمهالله أيضا ، في الجزء الثاني من كتاب السلم ، مسألة : إذا أسلم في رطب إلى أجل ، فلمّا حلّ الأجل لم يتمكن من مطالبته ، لغيبة المسلم إليه ، أو غيبته ، أو هرب منه ، أو توارى من سلطان ، وما أشبه ذلك ، ثم قدر عليه ، وقد انقطع الرطب ، كان المسلف بالخيار ، بين أن يفسخ العقد ، وبين أن يصبر إلى عام القابل (٢).
قال محمد بن إدريس : والمسألة الأولى ، القول فيها هو الصحيح ، دون الأخيرة ، لأنّ الأخيرة اختار شيخنا رحمهالله فيها أحد قولي الشافعي ، دليلنا على أنّ العقد لا ينفسخ ، ولا يكون للمشتري الخيار في الفسخ ، ما دلّ عليه رحمهالله ، وهو أنّ العقد ثابت بالإجماع ، وقوله تعالى « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » وفسخه يحتاج إلى دليل ، وليس في الشرع ما يدل عليه.
ويجوز السلف في المعدوم ، إذا كان مأمون الانقطاع ، في وقت المحل.
السلم لا يكون إلا مؤجلا على ما قدّمناه ، قصر الأجل ، أو طال ، ولا يصحّ أن يكون حالا.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه : إذا كان السلم مؤجلا ، فلا بدّ من ذكر موضع التسليم ، فإن كان في حمله مئونة لا بدّ من ذكره (٣).
قال محمّد بن إدريس : لم يذهب إلى هذا أحد من أصحابنا ، ولا ورد به خبر عن أئمتنا عليهمالسلام ، وانّما هذا أحد قولي الشافعي ، اختاره شيخنا أبو جعفر رحمهالله ، ألا تراه في استدلاله لم يتعرض لإجماع الفرقة ، ولا أورد خبرا في ذلك ، لا من طريقنا ، ولا من طريقة المخالف ، وليس من شرط صحة السلم ، ذكر
__________________
(١) الخلاف : كتاب البيوع ، المسألة ١٦٥.
(٢) و (٣) الخلاف : كتاب السلم ، المسألة ٢ ـ ٩.