له ، وجمع بين الأخبار ، وتوسّطها على هذا القول (١).
قال محمّد بن إدريس : إنى لأربأ بشيخنا أبي جعفر ، مع جلالة قدره وتبحره ورئاسته ، من هذا القول المخالف لأصول المذهب ، وله رحمهالله في كتابه الاستبصار توسّطات عجيبة ، لا استجملها له ، والذي حمله على ذلك ، جمعه بين المتضاد ، وهذا لا حاجة فيه ، بل الواجب الأخذ بالأدلة القاطعة للأعذار ، وترك أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا ، فإنّه أسلم للديانة ، لأنّ الله تعالى ، ما كلّفنا إلا الأخذ بالأدلة ، وترك ما عداها.
ولا يجوز للمرتهن أن يبيع الرهن ، إلا بإذن صاحبه ، فإن غاب عنه ، فالأولى الصبر عليه إلى أن يجيء ، أو يأذن له في بيعه ، فإن لم يصبر ورفع أمره إلى الحاكم ، وأقام بيّنة بالدين والرهن ، وسأله بيعه عليه ، فالواجب على الحاكم بيع ذلك ، وتسليم ثمنه إليه ، وحفاظ ما زاد على الدين ، إن زاد الثمن على الدين ، ورده على صاحبه إذا قدم ، وإن كان قد وكله في بيعه حال الرهن ، عند حلول الأجل ، وأخذ ماله من جملته كان ذلك جائزا ، وساغ له بيعه من غير أمر الحاكم.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وإن كان شرط المرتهن على الراهن ، أنّه إذا حلّ أجل ماله عليه ، كان وكيلا له في بيع الرهن ، وأخذ ماله من جملته ، كان ذلك جائزا فإذا حلّ الأجل ، ولم يوفه المال ، باع الرهن ، فإن فضل منه شيء ، ردّه على صاحبه ، وإن نقص طالبه به على الكمال ، وإن تساوى لم يكن له ولا عليه شيء (٢).
قال محمّد بن إدريس : قوله رحمهالله : « وإن كان شرط المرتهن على الراهن أنّه إذا حلّ أجل ماله عليه كان وكيلا له في بيع الرهن » غير واضح (٣) ، لأنّا قد بيّنا في باب الوكالة ، أنّه إذا قال له : إذا جاء رأس الشهر ، فقد وكلتك في كذا
__________________
(١) الاستبصار : ح ٣ ، كتاب البيوع ، باب انّه إذا اختلف نفسان في متاع في يد واحد .. ، ص ١٢٢.
(٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب الرهون ، وأحكامها.
(٣) ج : غير صحيح.