ذلك لا ينافي عقد الإجارة.
وقال بعض أصحابنا : لا يجوز أن يؤجر ما استأجره بأكثر ممّا استاجره به من جنسه ، سواء كان المستأجر هو المؤجر ، أو غيره ، إلا أن يحدث فيما استأجره حدثا يصلحه به ، ومنهم من قال : ذلك (١) على الكراهة ، دون الحظر ، وهو الذي اخترناه ، وقد قلنا ما عندنا فيه قبل هذا المكان ، فليلحظ هناك ، فلا فائدة في إعادته ، ولأنّ الأصل في العقل والشرع جواز التصرّف فيما يملك الإنسان ، فإذا ملك المستأجر التصرّف بالعقد ، جاز أن يملكه لغيره ، على حسب ما يتفقان عليه ، من زيادة ونقصان ، اللهم إلا أن يكون استأجر الدار على أن يكون هو الساكن ، والدابة على أن يكون هو الراكب ، فإنّه لا يجوز والحال هذه ، إجارة ذلك لغيره على حال.
وقد قلنا أنّ المستأجر يملك الفسخ بانهدام الدار أو بعضها ، أو غرق الأرض على وجه يمنع استيفاء المنفعة ، وتسقط عنه الأجرة إلى أن يعيد المالك المسكن إلى الحالة الأولى ، لأنّ المعقود عليه قد فات ، اللهم إلا أن يكون ذلك بتعدي المستأجر ، فيلزمه الأجرة والضمان لإعادته إلى حالته الاولى.
ولا يملك المستأجر فسخ الإجارة بالسفر ، وإن كان ذلك بحكم حاكم ، ولا بغير ذلك من الأعذار المخالفة ، لما قدّمنا ذكره ، مثل أن يستأجر جملا للحج ، فيمرض ، أو يبدو له من الحج ، أو حانوتا لبيع البز فيه ، فيحترق أو يسرق بزه.
ولا تنفسخ الإجارة بالبيع ، وعلى المشتري إن كان عالما بالإجارة ، الإمساك عن التصرّف ، حتى تنقضي مدّتها ، وإن لم يكن عالما بذلك ، فله الخيار في الرد.
ومتى تعدّى المستأجر ما اتفقا عليه ، من المدّة أو المسافة ، أو الطريق ، أو مقدار المحمول ، أو عينه ، إلى ما هو أشق في الحمل ، أو المعهود في السير ، أو في
__________________
(١) ج : لا يجوز ذلك.