والعقد صحيح ، فمن أبطله يحتاج إلى دليل.
وإن عتق العبد ، لم يكن للحرة عليه اختيار ، لأنّها رضيت به ، وهو عبد ، فإذا صار حرا كانت أولى بالرضا به.
فإن عقد العبد على حرة بغير إذن مولاه ، كان العقد موقوفا على رضى مولاه ، فإن أمضاه كان ماضيا ، ولم يكن له بعد ذلك فسخه ، إلا أن يطلّق العبد ، أو يبيع هو عبده (١).
وقد قلنا ما عندنا في ذلك ، ولو لا الإجماع من أصحابنا على الجارية ، وأنّ في بيعها يكون المشتري مخيّرا ، لما قلنا به ، ولم يوافقنا عليه أحد سوى ابن عباس ، فكيف يلحق العبد بغير دليل ، وهل هذا إلا محض القياس ، ولم يذهب أحد من مصنّفي أصحابنا إلى ذلك ، سوى الرواية التي أوردها شيخنا في نهايته (٢) إيرادا ، وعاد عنها في مبسوطة ، على ما حكيناه عنه ، فإنّه قال : وإن كان للعبد زوجة فباعه مولاه ، فالنكاح باق بالإجماع (٣) ، فليلحظ ذلك ويتأمّل.
فإن طلّق العبد كان طلاقه واقعا ، ليس لمولاه عليه اختيار ، فإن فسخه كان مفسوخا ، وإن رزق منها أولادا ، وكانت عالمة بأنّ مولاه لم يأذن له في التزويج ، كان أولاده رقا لمولى العبد ، ولا صداق لها على السيد ، ولا نفقة ، وإن لم تكن عالمة بأنّه عبد ، كان أولادها أحرارا ، لا سبيل لمولى العبد عليهم.
والأمة إذا تزوجت بغير إذن مولاها بعبد ، كان أولادها رقا لمولاها ، إذا كان العبد مأذونا له في التزويج ، فإن لم يكن مأذونا له في ذلك ، كان الأولاد رقا لمولى العبد ومولى الأمة بينهم بالسوية.
وإذا زوّج الرجل جاريته عبده ، فعليه أن يعطيها شيئا من ماله مهرا لها ، وكان الفراق بينهما بيده ، وليس للزوج طلاق على حال ، فمتى شاء المولى أن يفرّق
__________________
(١) النهاية : كتاب النكاح ، باب العقد على الإماء والعبيد وأحكامه ص ٤٧٨.
(٢) الوسائل : تقدم المصدر في ص ٥٩٨.
(٣) المبسوط : ج ٤ ، كتاب النكاح ، فصل في العيوب التي توجب الردّ في النكاح ، ص ٢٥٧.