مستمسك العروة الوثقى - ج ٢

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٠٣

ولا التعدد [١] وغيره ، بل بمجرد غمسه في الماء بعد زوال العين يطهر ،

______________________________________________________

الأمر به في الرضوي‌ والعلوي‌ ، لزم اعتباره في الكثير أيضاً ، وإن كان هو الثاني أو الخامس لم يلزم اعتباره فيه ، وإن كان هو الأمر به في رواية الحسين‌ فاعتباره في الكثير وعدمه تابعان لعدم ظهور الصب في القليل وظهوره ، فعلى الأول يلزم اعتباره لإطلاق الدليل ، وعلى الثاني يختص اعتباره بالقليل. فراجع ما أشرنا إليه من أدلة العصر. وتأمل.

[١] أما سقوط التعدد في الأواني فقد تقدم أن العمدة فيه ما تقدم في المطر (١) من‌ قوله (ع) : « كل شي‌ء يراه ماء المطر فقد طهر ». وأما سقوطه في غيرها فلذلك أيضاً. مضافاً إلى صحيح ابن مسلم الوارد في الثوب يصيبه البول من‌ قوله (ع) : « وإن غسلته في ماء جار فمرة واحدة » (٢) ‌و‌صحيح ابن سرحان : « ما تقول في ماء الحمام؟ فقال (ع) : هو بمنزلة الجاري » (٣). وإذا ثبت ذلك لماء الحمام الذي يكون في الحياض الصغار ، يثبت لما في الخزانة بطريق أولى ، وقد عرفت سابقاً أنه لا خصوصية للحمام في ذلك. هذا في الثوب ، أما الجسد فإن أمكن إلحاقه عرفاً بالثوب فهو ، وإلا كان المرجع فيه ـ مضافاً إلى الإطلاقات المشار إليها في المسألة الرابعة ، بناءً على قصور أدلة التعدد فيه عن شمول الكثير لاشتمالها على التعبير بالصب ـ ما ورد في ماء المطر ، بضميمة عدم القول بالفصل ، أو الأولوية ، على ما تقدم في سقوط التعدد في الأواني.

__________________

(١) تقدم في المسألة الثالثة عشرة.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب النجاسات حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب الماء المطلق حديث : ١.

٤١

ويكفي في طهارة أعماقه إن وصلت النجاسة إليها نفوذ الماء الطاهر فيه في الكثير [١] ، ولا يلزم تجفيفه أولاً.

______________________________________________________

[١] فإن نفوذه فيه يحقق الغسل المعتبر في التطهير ، إلا أن الاشكال في تحقق نفوذ الماء في أكثر الأمثلة المذكورة في كلماتهم ، بل الظاهر أن النافذ فيه رطوبة محضة ، ليست ماء عرفاً ، فكيف تصلح للمطهرية؟! مع أن لازم ذلك طهارة السطح الذي هو الجانب الآخر بمجرد وضع الظاهر في الكثير ، ولا يظن من أحد التزامه. وكأنه لذلك أطلق بعض المنع من قبولها للتطهير ، وفصَّل آخر ـ ونسب الى المشهور ـ فجوَّزه في الكثير دون القليل ، لعدم الانفصال المعتبر في الثاني ـ بناء منه على أن النافذ ماء ـ أو للاكتفاء في التطهير في الكثير بمجرد ملاقاة الرطوبة ـ بناء على أن النافذ ليس ماء ـ ولا دليل على الاكتفاء بذلك في القليل.

والأوفق بالقواعد المنع من تطهير باطنها إذا لم يكن النافذ فيه ماء عرفا ، بل كان رطوبة محضة ، وإن كان ماء ـ ولو كان أدنى مصاديقه ـ أمكن تطهيرها في الكثير. وكذا في القليل إن أمكن انفصال ماء الغسالة ولو لتوالي الصب على الظاهر ، وإن لم يمكن انفصاله إلا بتجفيفه ففيه تأمل ، للتأمل في كفاية التجفيف في حصول الطهارة وارتفاع النفرة عرفا.

نعم يمكن أن يستفاد إمكان تطهيرها مطلقاً مما ورد في تطهير الأواني بالغسل‌ (١) على اختلاف موضوعاتها من قدح أو إناء أو دن أو كوز أو ظرف ، وعلى اختلاف نجاستها من ولوغ ، أو موت جرذ ، أو خمر ، أو شرب خنزير ، أو مطلق القذارة ، أو غير ذلك ، فإن إطلاق الاجتزاء في حصول الطهارة بمجرد الغسل للسطح الظاهر مع كثرة الموارد التي ترسب فيها‌

__________________

(١) تقدم كثير من نصوص ذلك في المسألة الخامسة والسادسة والسابعة.

٤٢

______________________________________________________

النجاسة ، لكون الظرف من الخزف ونحوه ، دليل على طهارة الباطن بالتبعية. ومثله ما ورد‌ في رواية السكوني : « أن أمير المؤمنين (ع) سئل عن قدر طبخت وإذا في القدر فأرة. فقال (ع) : يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل » (١) ‌فان ظاهرها كون الفأرة واقعة حال الطبخ أو قبله ، الموجب لسراية الرطوبة النجسة إلى أعماق اللحم وتوابعه من المخ والشحم وغيرهما ، ضرورة كون المراد من اللحم ما يعم ذلك ، والمراد من غسل اللحم غسل جميع ما يصل اليه الماء على النحو المتعارف في الغسل بالماء القليل ، ولا يقدح في حصول الطهارة له رسوب الرطوبة النجسة في الخلل والمسام بواسطة الطبخ ، لحصول الطهارة بالتبعية. وقريب منها رواية زكريا بن آدم المتقدمة في نجاسة الخمر‌ (٢) ، و‌رواية ابن جعفر (ع) : « عن أكسية المرعزي والخفاف تنقع في البول أيصلى عليها؟ قال (ع) : إذا غسلت بالماء فلا بأس » (٣) ‌والمناقشة في النصوص من جهة عدم ظهورها في كون موردها مما تنجس فيه الباطن ، لعدم كون الرطوبة الداخلة في العمق من الرطوبة المسرية ، بل من الجائز أن تكون غير سارية فلا تنجس. بعيد في بعض مواردها بل لعله خلاف إطلاقها. وكذا في عدم ظهورها في طهارة الباطن بالغسل بل من الممكن أن تدل على طهارة الظاهر ، فان هذه المناقشة أيضاً بعيدة والمناقشة في السند ـ مع أنها لا تطرد في الجميع ـ يمكن دفعها بجبرها بالعمل ـ كما حكي ـ والمقام بعد مجال للتأمل. والله تعالى هو الموفق.

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب الماء المضاف حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب النجاسات حديث : ٨.

(٣) الوسائل باب : ٧١ من أبواب النجاسات حديث : ٢.

٤٣

نعم لو نفذ فيه عين البول ـ مثلا ـ مع بقائه فيه يعتبر تجفيفه [١]. بمعنى : عدم بقاء مائيته فيه [٢] ، بخلاف الماء النجس الموجود فيه ، فإنه بالاتصال بالكثير يطهر [٣] فلا حاجة فيه إلى التجفيف.

( مسألة ١٧ ) : لا يعتبر العصر ونحوه فيما تنجس ببول الرضيع [٤] وإن كان مثل الثوب [٥] والفرش ونحوهما ، بل يكفي صب الماء عليه [٦].

______________________________________________________

[١] بل يكفي نفوذ الماء الطاهر المؤدي إلى استهلاكه.

[٢] يعني : وإن بقيت رطوبته ، فإنها لا تمنع من وصول الماء إلى الأجزاء الباطنة ، فتطهر به.

[٣] يعني : بناءً على كفاية مجرد الاتصال ، كما تقدم. لكن هذا لو كان ما في الباطن ماء ، أما لو كان رطوبة فاتصال الرطوبة بالمعتصم غير مطهر لها كما لا يخفى.

[٤] كما يأتي وجهه.

[٥] لإطلاق النص. بل لعله المتيقن منه.

[٦] إجماعاً صريحاً وظاهراً ، محكياً عن جماعة ، منهم السيد والشيخ في الناصريات والخلاف. ويشهد به‌ حسن الحلبي المتقدم : « سألت أبا عبد الله (ع) عن بول الصبي. قال (ع) : تصب عليه الماء فان كان قد أكل فاغسله بالماء غسلاً. والغلام والجارية في ذلك شرع سواء » (١) ‌ولا مجال لتقييده بالعصر أو الانفصال بقرينة مقابلته بالغسل مع اتحاد المورد. ومنه يظهر لزوم حمل الصبي‌ في موثق سماعة : « سألته عن بول‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب النجاسات حديث : ٢‌

٤٤

مرة على وجه يشمل جميع أجزائه [١] وإن كان الأحوط مرتين [٢]. لكن يشترط أن لا يكون متغذيا [٣] معتاداً بالغذاء ولا يضر تغذيته اتفاقا نادراً ، وأن يكون ذكراً لا أنثى ، على الأحوط [٤]. ولا يشترط فيه أن يكون في الحولين ،

______________________________________________________

الصبي يصيب الثوب. فقال : اغسله .. » (١) ‌على من أكل ، حملاً للمطلق على المقيد. وقد تقدم الكلام في رواية الحسين الآمرة بالعصر‌ (٢) فراجع.

[١] على ما قطع به الأصحاب ـ كما عن المدارك ـ وإن كان مقتضى الاكتفاء بالرش المحكي عن بعض عدم اعتبار الاستيعاب ، لكنه لا وجه له ، لأنه خلاف النص ، والإجماع.

[٢] كما تقدم في المسألة الرابعة.

[٣] كما عن البيان. وعن المعتبر والمنتهى ونهاية الأحكام وغيرها التعبير بـ « من لم يأكل » ، وعن العلامة (ره) نسبته الى المشهور. وفي الشرائع التعبير بالرضيع ولعل المراد واحد. ومقتضى الجمود على عبارة النص الاكتفاء بمطلق الأكل في وجوب الغسل ، وعدم الاكتفاء بالصب. إلا أن الظاهر منه لما كان هو الأكل المتغذي به ، الذي يتعارف للأطفال بعد شهور من ولادتهم ، لأنه المنصرف اليه ، وإلا تعلق الحكم بأول الولادة ، لاستحباب تحنيكه بالتمر ، كما عن المنتهى ( فتأمل ) وجب تقييده به.

[٤] وعن المشهور الجزم به ، بل عن المختلف الإجماع عليه ، وفي الجواهر : « لعله لا خلاف فيه ». للأمر بالغسل من بول الأنثى‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب النجاسات حديث : ٣.

(٢) تقدم في المسألة الرابعة.

٤٥

بل هو كذلك ما دام بعد رضيعاً غير متغذ وإن كان بعدهما [١].

______________________________________________________

في رواية السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه : « ان علياً (ع) قال : لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل أن تطعم ، لأن لبنها يخرج من مثانة أمها ، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا من بوله قبل ان يطعم لأن لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين » (١). وقصور ذيل حسن الحلبي‌ عن إثبات مساواتهما في ذلك ، لاختصاصه بالجارية التي لا تعم الرضيعة. وإرادة الأعم منها غير ظاهرة ، لعدم القرينة عليه ، واستعمالها فيها في رواية السكوني مجاز ، وكون الغلام أعم من الرضيع ـ لو سلم ، كما عن الأزهري ، والثعالبي. ويشهد له الاستعمال في القرآن المجيد وغيره وتقدم في رواية السكوني ـ أو أنه محتمل لذلك ـ كما قد يظهر من القاموس ـ لا يصلح قرينة عليه. مع أن تقييد الغلام بغير الرضيع ، على تقدير عمومه ، أولى من التجوز في الجارية بحملها على ما يعم الرضيعة ولا سيما وأنه يساعده العدول عن التعبير بالصبي ـ كما في السؤال ـ إلى التعبير بالغلام ، فان العدول يناسب أن يكون المراد بالغلام غير المراد بالصبي. وعلى هذا فالمراد من اسم الإشارة في قوله (ع) : « في ذلك » ‌هو وجوب الغسل المجعول في الحديث لغير الرضيع. ومنه يظهر عدم ثبوت نسبة إلحاق الأنثى بالذكر إلى الصدوقين ، لاتحاد عبارتهما مع عبارة النص ، كما قيل.

[١] أخذاً بإطلاق النص. خلافاً للمحكي عن السرائر ، وروض الجنان ، بل جامع المقاصد ، والمسالك ، حيث قيدوه بما لم يتجاوز سن الرضاعة. وكأنه لدعوى الانصراف ، ولكنها غير ظاهرة. أو لقوله (ع) :

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب النجاسات حديث : ٤.

٤٦

كما أنه لو صار معتاداً بالغذاء قبل الحولين لا يلحقه الحكم المذكور ، بل هو كسائر الأبوال. وكذا يشترط في لحوق الحكم أن يكون اللبن من المسلمة ، فلو كان من الكافرة لم يلحقه [١]. وكذا لو كان من الخنزيرة.

( مسألة ١٨ ) إذا شُك في نفوذ الماء النجس في الباطن في مثل الصابون ونحوه بني على عدمه [٢] ، كما أنه إذا شك‌

______________________________________________________

« لا رضاع بعد فطام » (١) ‌، بناء على أن يكون المراد منه سن الفطام ـ كما فهمه الأصحاب ، ويستفاد من بعض النصوص‌ (٢) ـ وعموم النفي التنزيلي يقتضي شمول المقام « وفيه » : أنه يتم لو كان الأثر الشرعي للرضاع وعدمه ، والمذكور في النص الأكل وعدمه ، فالرضاع ليس موضوعاً للأثر.

[١] لما يستفاد من التعليل المذكور في رواية السكوني من وجوب الغسل لكل بول لذي لبن نجس. وعدم حجيته في نجاسة لبن الأنثى ، أو في كون خروجه من المثانة ـ لو سلم ـ لا يمنع من حجيته فيما ذكر ، لإمكان التفكيك بين الدلالات في الحجية. ولازم ذلك الحكم بوجوب الغسل فيما لو رضع من لبن خنزيرة أو كلبة ، بل لو ارتضعت الأنثى من لبن الذكر وبالعكس انعكس الحكم. إلا أن يقال : بعد عدم إمكان العمل بالرواية في موردها ، إما لقصور سندها ، أو للعلم بإرادة خلاف ظاهرها وردها إلى قائلها (ع) ، لا مجال للعمل بظاهر التعليل ، لعدم إمكان التفكيك عرفا بين مداليلها ، وإن جاز في بعض الموارد التي ليس مثلها المقام.

[٢] للأصل فيه وفيما بعده.

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٥ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

(٢) الوسائل باب ٥ : من أبواب ما يحرم بالرضاع حديث : ٥ ، ٩.

٤٧

بعد العلم بنفوذه في نفوذ الماء الطاهر فيه بني على عدمه ، فيحكم ببقاء الطهارة في الأول ، وبقاء النجاسة في الثاني.

( مسألة ١٩ ) : قد يقال بطهارة الدهن المتنجس إذا جعل في الكر الحار بحيث اختلط معه [١] ، ثمَّ أخذ من فوقه بعد برودته. لكنه مشكل ، لعدم حصول العلم بوصول الماء إلى جميع أجزائه ، وإن كان غير بعيد [٢] إذا غلى الماء مقداراً من الزمان.

______________________________________________________

[١] قال العلامة (ره) في محكي التذكرة : « لو طرح الدهن في ماء كثير ، وحرّكه حتى تخلل الماء أجزاء الدهن بأسرها طهر. وللشافعية قولان ».

[٢] وفي الجواهر : « أنه بعيد ممتنع » ، وفي المستند : « قيل باستحالة مداخلة الماء جميع أجزائه ».

أقول : الوجه في استحالته ابتناؤه على القول بوجود الجزء الذي لا يتجزأ ، وقد بُرهن على امتناعه في محله ، ولو بني على إمكانه فلا تبعد دعوى استحالته عادةً ، لاختلافه مع الماء ثقلاً ، المؤدي إلى انفصال أحدهما عن الآخر طبعاً ، لا أقل من أن ذلك مانع عن حصول العلم بمداخلة الماء جميع أجزائه. مع أنه لو سلم حصول العلم بذلك ، فلا دليل على حصول الطهارة به ، وإطلاق مطهرية الماء إنما يصح التمسك به بعد إحراز قابلية المحل ، وهو غير حاصل. ولذا كان بناء الأصحاب على عدم طهارة المائعات غير الماء إلا بالاستهلاك ، كما سبق. وإلى ذلك تشير الأخبار الآمرة بإلقاء السمن والزيت الجامدين إذا ماتت فيهما فأرة‌ (١).

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٣ من أبواب الماء المضاف حديث : ١ وفي باب : ٤٣ من الأطعمة المحرمة أحاديث أخر دالة على المطلب.

٤٨

( مسألة ٢٠ ) : إذا تنجس الأرز أو الماش أو نحوهما ، يجعل في وصلة ( خرقة ) ويغمس في الكر ، وإن نفذ فيه الماء النجس يصبر حتى يعلم نفوذ الماء الطاهر الى المقدار الذي نفذ فيه الماء النجس [١] ، بل لا يبعد تطهيره بالقليل [٢] ، بأن يجعل في ظرف ويصب عليه ، ثمَّ يراق غسالته ، ويطهر الظرف أيضاً بالتبع [٣] ، فلا حاجة إلى التثليث فيه ، وإن كان هو الأحوط. نعم لو كان الظرف أيضاً نجساً فلا بد من الثلاث.

( مسألة ٢١ ) : الثوب النجس يمكن تطهيره بجعله في طشت وصب الماء عليه [٤] ثمَّ عصره ، وإخراج غسالته وكذا اللحم النجس.

______________________________________________________

[١] على ما سبق في المسألة السادسة عشرة.

[٢] هذا في صورة عدم نفوذ الماء النجس واضح ، لوضوح إمكان استيلاء الماء القليل على السطح الظاهر ، أما في صورة نفوذه فهو مبني على ما سبق.

[٣] لسكوت الصحيح‌ (١) عن التعرض لوجوب تطهير المركن بعد الغسلة الأولى والثانية ، فإنه ظاهر في طهارته بالتبع ، ويساعده الارتكاز العرفي. وكذا الحال في الطشت في المسألة الآتية. ويأتي إن شاء الله في التاسع من المطهرات.

[٤] كما هو محمل صحيح ابن مسلم‌ (٢) عند القائلين باعتبار الورود وأما بناء على عدم اعتباره فيجوز أيضاً وضع الماء أولاً ، ثمَّ وضع الثوب فيه. وكذا الحال في اللحم.

__________________

(١) وهو صحيح محمد بن مسلم المتقدم في اشتراط الورود في التطهير بالماء.

(٢) تقدم في اشتراط الورود في التطهير بالماء.

٤٩

ويكفي المرة في غير البول ، والمرتان فيه ، إذا لم يكن الطشت نجساً قبل صب الماء ، وإلا فلا بد من الثلاث [١] والأحوط التثليث مطلقاً.

( مسألة ٢٢ ) : اللحم المطبوخ بالماء النجس أو المتنجس بعد الطبخ يمكن تطهيره في الكثير ، بل القليل إذا صب عليه الماء [٢] ونفذ فيه الى المقدار الذي وصل إليه الماء النجس [٣].

( مسألة ٢٣ ) : الطين النجس اللاصق بالإبريق يطهر بغمسه في الكر ونفوذ الماء إلى أعماقه ، ومع عدم النفوذ يطهر ظاهره ، فالقطرات التي تقطر منه بعد الإخراج من الماء طاهرة وكذا الطين اللاصق بالنعل. بل يطهر ظاهره بالماء القليل أيضاً ، بل إذا وصل إلى باطنه ـ بان كان رخواً ـ طهر باطنه أيضاً به [٤].

( مسألة ٢٤ ) : الطحين والعجين النجس يمكن تطهيره بجعله خبزاً ، ثمَّ وضعه في الكر حتى يصل الماء الى جميع أجزائه [٥] ،

______________________________________________________

[١] لقصور النص عن إثبات الطهارة بالتبعية.

[٢] كما هو مقتضى إطلاق روايتي السكوني وزكريا المتقدمتين (١) وغيرهما.

[٣] لعله خلاف إطلاق الروايتين ، كما عرفت في المسألة السادسة عشرة.

[٤] تقدم الكلام فيه. فراجع.

[٥] هذا واضح على تقدير نفوذ الماء في العمق ، لعدم اعتبار الانفصال لكن عرفت الإشكال في النفوذ ، والنصوص المتقدمة (٢) لا تدل على‌

__________________

(١) تقدم ذكرهما في ذيل المسألة السادسة عشرة.

(٢) تقدمت في المسألة السادسة عشرة.

٥٠

وكذا الحليب [١] النجس بجعله جبناً ووضعه في الماء كذلك.

( مسألة ٢٥ ) : إذا تنجس التنور يطهر بصب الماء في أطرافه من فوق الى تحت ، ولا حاجة فيه إلى التثليث ، لعدم كونه من الظروف ، فيكفي المرة في غير البول ، والمرتان فيه والأولى أن يحفر فيه حفيرة يجتمع الغسالة فيها [٢] ، وطمها بعد ذلك بالطين الطاهر.

( مسألة ٢٦ ) : الأرض الصلبة أو المفروشة بالآجر والحجر تطهر بالماء القليل إذا أجرى عليها ، لكن مجمع الغسالة يبقى نجساً ، ولو أريد تطهير بيت أو سكة فإن أمكن إخراج ماء الغسالة ـ بأن كان هناك طريق لخروجه ـ فهو ، وإلا يحفر حفيرة ليجتمع فيها ، ثمَّ يجعل فيها الطين الطاهر ، كما ذكر في التنور. وإن كانت الأرض رخوة ، بحيث لا يمكن إجراء الماء عليها ، فلا تطهر إلا بإلقاء الكر أو المطر أو الشمس. نعم إذا كانت رملاً يمكن تطهير ظاهرها بصب الماء عليها‌

______________________________________________________

إمكان تطهيرها ، لأن موردها النجاسة بعد الانجماد لا قبله ، كما في الفرض كما عرفت أيضاً الإشارة إلى إمكان تطهيرها بالقليل على تقدير نفوذه في عمقها ، وانفصاله بتوالي الصب.

[١] الإشكال في الحليب هو الإشكال في الدهن المتنجس وغيره من المائعات ، وقد تقدم في مبحث الماء المضاف أنها لا تطهر إلا بالاستهلاك لعدم الدليل على طهارتها بما ذكر ، حتى لو قلنا بوجود الجزء الذي لا يتجزأ.

[٢] هذا لا يرتبط بطهارة نفس التنور ، وانما يتوقف عليه طهارة أرضه ، لنجاسة ما يستقر فيه ماء الغسالة.

٥١

ورسوبه في الرمل فيبقى الباطن نجساً بماء الغسالة ، وإن كان لا يخلو عن إشكال [١] ، من جهة احتمال عدم صدق انفصال الغسالة.

( مسألة ٢٧ ) : إذا صبغ ثوب بالدم لا يطهر ما دام يخرج منه الماء الأحمر [٢]. نعم إذا صار بحيث لا يخرج منه طهر بالغمس في الكر أو الغسل بالماء القليل. بخلاف ما إذا صبغ بالنيل النجس ، فإنه إذا نفذ فيه الماء في الكثير بوصف الإطلاق يطهر وإن صار مضافاً أو متلوناً بعد العصر كما مر سابقاً [٣].

( مسألة ٢٨ ) : فيما يعتبر فيه التعدد لا يلزم توالي الغسلتين أو الغسلات [٤] ، فلو غسل مرة في يوم ، ومرة أخرى في يوم آخر ، كفى. نعم يعتبر في العصر الفورية بعد صب الماء على الشي‌ء المتنجس [٥].

______________________________________________________

[١] تقدم دفعه في المسألة السادسة عشرة.

[٢] لبقاء عين النجاسة المانع من حصول التطهير منها.

[٣] يعني : في صدر الفصل ، ومر أيضاً بعض الكلام فيه. فراجع.

[٤] للإطلاق.

[٥] قد يختلف اعتبارها وعدمه باختلاف دليل اعتبار العصر ، فان كان هو الأمر به في النصوص ، أو دخوله في مفهوم الغسل ، أو ظهور المقابلة بينه وبين الصب ، لم تجب الفورية ، للإطلاق ، وكذا لو كان هو الإجماع ، حيث لا يكون لمعقده إطلاق ، فإن المرجع مع الشك إطلاقات الغسل. وإن كان دليل اعتبار العصر الأصل ـ لعدم الإطلاق من جهة‌

٥٢

( مسألة ٢٩ ) : الغسلة المزيلة للعين بحيث لا يبقى بعدها شي‌ء منها ، تعد من الغسلات فيما يعتبر فيه التعدد [١] ، فتحسب مرة ، بخلاف ما إذا بقي بعدها شي‌ء من أجزاء العين ، فإنها لا تحسب [٢].

______________________________________________________

انصراف إطلاقات الغسل الى المتعارف ، فلا تصلح للمرجعية عند الشك ـ وجبت الفورية ، لجريان استصحاب النجاسة بدونها. فلا بد من ملاحظة الأدلة المتقدمة في اعتبار العصر ، والنظر في مقتضاها. ولو كان وجوب العصر لمقدميته للانفصال المعتبر في التطهير لأجل الارتكاز العرفي فالظاهر عدم اعتبار الفورية. نعم يعتبر عدم جفاف مقدار منه على المحل المغسول فإنه مما يمنع عن حصول الطهارة له عرفا ، فلو لم يجف لرطوبة الهواء جاز تأخر الانفصال ، ويحصل الطهر بعده.

[١] للإطلاق. وكأنه (ره) يريد صورة استمرار الصب بعد إزالة العين ، لئلا ينافي ما تقدم منه. ولكن عرفت أن قيام الدليل عليه مشكل.

[٢] وفي الجواهر : ان مقتضى الإطلاق احتسابها ( ودعوى ) : أنه إذا كانت العين موجودة بعد الغسلة الأولى كان مقتضى إطلاق الدليل وجوب الغسلتين منها ، كما في سائر الأفراد ( مندفعة ) بأن الفرد الواحد لا يمكن تطبيق الدليل عليه مرتين ، فاذا صدق عليه قبل الغسلة الأولى أنه بول ، فيجب غسله مرتين ، فلا مجال لتطبيقه بعد الغسلة الأولى لتنافي التطبيقين. لكن فيه : أن تنافيهما يوجب سقوطهما معاً ، والرجوع إلى استصحاب النجاسة. مضافا إلى أن إزالة العين من مقومات الغسل منها عرفا ، فلا يصدق الغسل منها مع عدم الإزالة. لا أقل من انصراف لدليل عن الغسل غير المزيل ، بل قد تقدم دعوى بعض انصرافه عن‌

٥٣

وعلى هذا فإن أزال العين بالماء المطلق فيما يجب فيه مرتان كفى غسله مرة أخرى ، وان أزالها بماء مضاف يجب بعده مرتان أخريان [١].

( مسألة ٣٠ ) : النعل المتنجسة تطهر بغمسها في الماء الكثير ولا حاجة فيها الى العصر ، لا من طرف جلدها [٢] ، ولا من طرف خيوطها. وكذا البارية. بل في الغسل بالماء القليل أيضاً كذلك ، لأن الجلد والخيط ليسا مما يعصر [٣] ، وكذا الحزام من الجلد ، كان فيه خيط ، أو لم يكن.

( مسألة ٣١ ) : الذهب المذاب ونحوه من الفلزات ، إذا صب في الماء النجس ، أو كان متنجساً فأذيب ، ينجس ظاهره وباطنه [٤] ، ولا يقبل التطهير إلا ظاهره [٥] ،

______________________________________________________

الغسلة المزيلة مطلقاً ، وإن كان ممنوعاً ، كما عرفت.

[١] لإطلاق دليل وجوب الغسل مرتين بالماء المطلق.

[٢] هذا لا حاجة إليه ، لعدم اعتبار العصر في الكثير مطلقاً ولا يختص بطرف شي‌ء دون شي‌ء.

[٣] قد يكون الخيط مما يعصر إذا كان رخواً يحمل مقداراً معتداً به من الماء وإن كان الفرض نادراً.

[٤] إذا كان يؤدي ذلك إلى ملاقاة الاجزاء الباطنة ، كما هو كذلك غالباً ، ومجرد الصب لا يلازم ذلك.

[٥] لامتناع نفوذ الماء في باطنه ، ولا مجال لدعوى كون طهارة الباطن بالتبعية للظاهر ، لأن ذلك ـ على تقدير تماميته ، كما عرفت ـ يختص بالمتنجس بالتبعية.

٥٤

فاذا اذيب ثانياً بعد تطهير ظاهره تنجس ظاهره ثانياً [١]. نعم لو احتمل عدم وصول النجاسة إلى جميع أجزائه ، وأن ما ظهر منه بعد الذوبان الأجزاء الطاهرة ، يحكم بطهارته ، وعلى أي حال بعد تطهير ظاهره لا مانع من استعماله وإن كان مثل القدر من الصفر [٢] ،

( مسألة ٣٢ ) : الحلي الذي يصوغه الكافر إذا لم يعلم ملاقاته له مع الرطوبة يحكم بطهارته ، ومع العلم بها يجب غسله [٣] ويطهر ظاهره ، وإن بقي باطنه على النجاسة إذا كان متنجساً قبل الإذابة.

( مسألة ٣٣ ) : النبات المتنجس يطهر بالغمس في الكثير بل والغسل بالقليل إذا علم جريان الماء عليه بوصف الإطلاق ، وكذا قطعة الملح. نعم لو صنع النبات من السكر المتنجس ، أو انجمد الملح بعد تنجسه مائعاً ، لا يكون حينئذ قابلا للتطهير [٤]

______________________________________________________

[١] لاختلاط أجزائه وامتزاجها.

[٢] للأصل ، ولعله من القطعيات. نعم لو احتمل ظهور الباطن بتوسط الاستعمال كان مقتضى الاستصحاب نجاسة ذلك الظاهر المردد بين الأول والأخير.

[٣] يعني : حيث يجب تطهيره.

[٤] يعني : بتمامه حتى باطنه ، لما سبق منا في الحليب الذي صنع جبناً. بل لو قيل بالطهارة هناك لا نقول بها هنا ، من جهة أن نفوذ الماء موجب لصيرورته مضافاً لا يقبل المطهرية. ولأجل ذلك فُرق بينه وبين الحليب النجس. وأما ظاهره فلا مانع من تطهيره إذا علم جريان‌

٥٥

( مسألة ٣٤ ) : الكوز الذي صنع من طين نجس ، أو كان مصنوعاً للكافر ، يطهر ظاهره بالقليل ، وباطنه أيضاً إذا وضع في الكثير فنفذ الماء في أعماقه [١].

( مسألة ٣٥ ) : اليد الدسمة إذا تنجست تطهر في الكثير والقليل ، إذا لم يكن لدسومتها جرم ، وإلا فلا بد من إزالته أولا ، وكذا اللحم الدسم ، والألية ، فهذا المقدار من الدسومة لا يمنع من وصول الماء.

( مسألة ٣٦ ) : الظروف الكبار التي لا يمكن نقلها كالحب المثبت في الأرض ونحوه ـ إذا تنجست يمكن تطهيرها بوجوه [٢] « أحدها » : أن تملأ ماء [٣] ثمَّ تفرغ ، ثلاث مرات « الثاني » : أن يجعل [٤] فيها الماء ، ثمَّ يدار إلى أطرافها بإعانة اليد أو غيرها [٥] ،

______________________________________________________

الماء عليه بوصف الإطلاق ، كما في الفرض الأول.

[١] لكن الإشكال في إمكان ذلك ، وليس هو مثل العجين النجس الذي يصنع خبزاً ، لأن التصاق بعض الأجزاء ببعض فيه مانع من نفوذ الماء في جميع أجزائه ، بخلاف الخبز ، إذ ليس التصاق أجزائه كذلك.

[٢] هذه الوجوه يمكن أن تستفاد من موثق عمار المتقدم‌ (١) ، ومن الرجوع الى الكيفية العرفية المنزل عليها إطلاق أدلة التطهير.

[٣] تقدم استشكال الجواهر فيه في المسألة الرابعة عشرة ، وتقدم دفعه.

[٤] هذا الوجه أوفق بمتن الموثق.

[٥] لإطلاق التحريك في الموثق.

__________________

(١) تقدم في المسألة الخامسة.

٥٦

ثمَّ يخرج منها ماء الغسالة [١] ، ثلاث مرات « الثالث » : أن يدار الماء إلى أطرافها [٢] ، مبتدئاً بالأسفل ، إلى الأعلى ، ثمَّ يخرج الغسالة المجتمعة ، ثلاث مرات « الرابع » : أن يدار كذلك لكن من أعلاها إلى الأسفل ، ثمَّ يخرج ، ثلاث مرات. ولا يشكل بأن الابتداء من أعلاها يوجب اجتماع الغسالة في أسفلها قبل أن يغسل ، ومع اجتماعها لا يمكن إدارة الماء في أسفلها. وذلك لأن المجموع يُعد غسلا واحداً ، فالماء الذي ينزل من الأعلى يغسل كل ما جرى عليه إلى الأسفل ، وبعد الاجتماع يعد المجموع غسالة ، ولا يلزم تطهير آلة إخراج الغسالة كل مرة [٣] وإن كان أحوط. ويلزم المبادرة إلى إخراجها عرفاً في كل غسلة [٤].

______________________________________________________

[١] يعني : ولو بآلة. لإطلاق الإفراغ.

[٢] فإنه جمع بين الصب والتحريك. وكذلك الرابع.

[٣] لإطلاق الموثق. ولعدم تنجس المغسول بماء غسالته. واستشكل في الجواهر في الأول بعدم كونه مسوقاً لذلك ، وفي الثاني بالمنع ، إذ مقتضى القاعدة تنجسه بها بعد الانفصال. ومن هنا اعتبر تطهير الآلة جماعة منهم الشهيد الثاني في الروضة ، ومقتضى إطلاق كلامه عدم الفرق في ذلك بين عودها لإخراج بعض كل من الغسالتين ، أو لإخراج الغسالة الثانية. ومع ذلك فقد قوَّى في نجاة العباد ما في المتن ، ويساعده الارتكاز العرفي في كيفية التطهير.

[٤] هذا خلاف إطلاق الموثق. إلا أن يدعى انصرافه إلى ذلك. لكنه غير ظاهر ، إلا إذا كان بقاؤه يؤدي إلى استقذار المحل المستقر فيه‌

٥٧

لكن لا يضر الفصل بين الغسلات الثلاث [١]. والقطرات التي تقطر من الغسالة فيها لا بأس بها [٢]. وهذه الوجوه تجري في الظروف غير المثبتة أيضاً ، وتزيد بإمكان غمسها في الكر أيضاً. ومما ذكرنا يظهر حال تطهير الحوض أيضاً بالماء القليل [٣].

( مسألة ٣٧ ) : في تطهير شعر المرأة ولحية الرجل لا حاجة إلى العصر وإن غسلا بالقليل ، لانفصال معظم الماء بدون العصر [٤].

( مسألة ٣٨ ) : إذا غسل ثوبه المتنجس ، ثمَّ رأى بعد ذلك فيه شيئاً من الطين ، أو من دقاق الأشنان الذي كان متنجساً لا يضر ذلك بتطهيره [٥].

______________________________________________________

على نحو ما تقدم في المبادرة إلى العصر.

[١] للإطلاق ، كما تقدم.

[٢] الكلام فيه هو الكلام في تطهير الآلة. إلا أن يدعى القطع بنفي البأس فيه ، لأنه لازم غالباً ، فلو بني على قدحه يلزم تعذر تطهير الأواني المثبتة أو الكبيرة التي يتعذر إفراغ الماء منها بغير آلة ، ولا يمكن الالتزام به ، للزوم الهرج بدونه ، ولا كذلك اعتبار عود الآلة طاهرة.

[٣] إذ لو فرض قصور النص عن شموله ، لاختصاصه بالإناء ، أمكن جريان ذلك فيه ، لأجل الارتكاز العرفي.

[٤] يمكن منعه في بعض أنواع الشعر الكثيف الذي يتخلل الماء بينه ولا ينفصل عنه. فتأمل.

[٥] لأنه لا يمنع من نفوذ الماء في أعماق الثوب ، ولو من الجانب الخالي عنه.

٥٨

بل يحكم بطهارته أيضاً ، لانغساله بغسل الثوب [١].

( مسألة ٣٩ ) : في حال إجراء الماء على المحل النجس ، من البدن أو الثوب ، إذا وصل ذلك الماء إلى ما اتصل به من المحل الطاهر. على ما هو المتعارف ـ لا يلحقه حكم ملاقي الغسالة [٢] حتى يجب غسله ثانياً ،

______________________________________________________

[١] هذا إذا علم بنفوذ الماء فيه ـ كما هو المتعارف ـ وإلا طهر ظاهره فقط ، كما تقدم.

[٢] وإن كان مقتضى القواعد الأولية ذلك ، إلا أنه يجب الخروج عنها بالسيرة القطعية المقتضية للطهارة ، تبعاً للمحل النجس. مضافا إلى الارتكاز العرفي ، المنزَّل عليه إطلاق أدلة التطهير الآمرة بالصب والغسل والى لزوم اختصاص التطهير بالماء المعتصم ـ غالباً ـ المؤدي إلى الهرج ، المعلوم عدمه. مع أنه يساعده الإطلاقات المقامية ، لأدلة التطهير العامة. لكن الظاهر اعتبار انفصال الماء عنه كالمتنجس الأصلي ، فلو لم ينفصل ، لمانع ، أو لقلته ، اختص مستقر الماء بالنجاسة ، أخذاً بالقاعدة ، وعدم ثبوت السيرة على خلافها. وفي البرهان القاطع جزم بالطهارة بالتبعية فيما لم ينفصل لقلته ، لأجل الحرج ، فيكون حكم البلة المذكورة حكم البلة المتخلفة في الأجزاء النجسة. ويشكل بأن الحرج الاتفاقي النادر لا يوجب الحكم بالطهارة ، كما تقدم ، والغالبي المؤدي إلى الهرج والمرج ، وكثرة السؤال ، وانكشاف الحال ، وإن كان دالاً على الطهارة ، لكنه غير حاصل.

ثمَّ إنه ربما يتوهم أن مقتضى القاعدة الحكم بعدم نجاسة المحل الطاهر بالماء النجس الجاري إليه ، أخذاً بقاعدة الطهارة أو استصحابها ، للعلم الإجمالي بتخصيص قاعدة تنجس ملاقي النجس ، أو تخصيص قاعدة الاحتياج‌

٥٩

بل يطهر المحل النجس بتلك الغسلة. وكذا إذا كان جزءٌ من الثوب نجساً فغسل مجموعه ، فلا يقال : إن المقدار الطاهر تنجس بهذه الغسلة ، فلا تكفيه. بل الحال كذلك إذا ضم مع المتنجس شيئاً آخر طاهراً ، وصب الماء على المجموع ، فلو كان واحد من أصابعه نجساً ، فضم إليه البقية ، وأجرى الماء عليها ، بحيث وصل الماء الجاري على النجس منها إلى البقية ، ثمَّ انفصل ، تطهر بطهره وكذا إذا كان زنده نجساً ، فأجرى الماء عليه ، فجرى على كفه ثمَّ انفصل ، فلا يحتاج إلى غسل الكف [١] لوصول ماء الغسالة إليها ، وهكذا. نعم لو طفر الماء من المتنجس حين غسله على محل طاهر من يده أو ثوبه يجب غسله بناءً على نجاسة الغسالة. وكذا لو وصل بعد ما انفصل عن المحل إلى طاهر منفصل. والفرق أن المتصل بالمحل النجس يعد معه مغسولاً واحداً ، بخلاف المنفصل [٢].

______________________________________________________

في تطهير النجس إلى استعمال الماء ، فان العلم المذكور يوجب سقوطهما عن الحجية ، والرجوع إلى الأصل المقتضي للطهارة « وفيه » : أنه لا مجال للعمل بأصالة العموم في القاعدة الثانية ، للعلم الإجمالي بعدم حجيتها ، إما لتخصيصها ، أو لتخصصها ، لأن تخصيص الأولى واقعاً يوجب طهارة المحل ، فيخرج عن صغريات القاعدة الثانية ، وعليه فأصالة العموم في الأولى بلا معارض. مضافا إلى أن القاعدة الثانية لو كانت مستفادة من الاستصحاب كانت الأولى حاكمة عليها. فتأمل جيداً.

[١] قد يشكل فيما لو كان من المواضع البعيدة ، لعدم ثبوت السيرة على الطهارة فيه. وإن كان الإطلاق أوفق بالمرتكزات العرفية.

[٢] هذا إنما يجدي في الفرق بينهما في الحكم لو كان الحكم بالطهارة‌

٦٠