مستمسك العروة الوثقى - ج ٢

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٠٣

ماء آخر ، أو أمكن التفريغ في ظرف آخر ، ومع ذلك توضأ أو اغتسل منهما ، فالأقوى أيضاً البطلان ، لأنه وإن لم يكن مأموراً بالتيمم ، إلا أن الوضوء أو الغسل حينئذ يعد استعمالا لهما عرفاً [١] ، فيكون منهياً عنه. بل الأمر كذلك لو جعلهما محلا لغسالة الوضوء ، لما ذكر من أن توضؤه حينئذ يحسب في العرف استعمالا لهما. نعم لو لم يقصد جعلهما مصباً للغسالة ، لكن استلزم توضؤه ذلك أمكن أن يقال : إنه لا يعد الوضوء استعمالا لهما. بل لا يبعد أن يقال : إن هذا الصب أيضاً لا يعد استعمالا [٢] ، فضلاً عن كون الوضوء كذلك.

( مسألة ١٤ ) : لا فرق في الذهب والفضة بين الجيد منهما والردي‌ء ، والمعدني والمصنوعي ، والمغشوش والخالص [٣] ، إذا لم يكن الغش إلى حد يخرجهما عن صدق الاسم ، وإن لم يصدق الخلوص. وما ذكره بعض العلماء من أنه يعتبر الخلوص ، وأن المغشوش ليس محرماً ، وإن لم يناف صدق الاسم ، كما في الحرير‌

______________________________________________________

[١] قد عرفت منعه في الصورة الأولى ، وحينئذ يكون الماء في يده بعد الأخذ من الإناء كسائر المياه الموجودة في سائر الأواني يجوز الوضوء به كما يجوز الوضوء بها.

[٢] لا يخلو من إشكال ، فإن جمع الماء في الإناء أوضح في صدق الاستعمال عليه من الوضوء من مائه ، الذي تقدم منه أنه استعمال للإناء ، وإذا صدق على صب الماء في الإناء إنه استعمال له فاذا كان الوضوء علة له كان حراماً ، لأن علة الحرام حرام. فتأمل جيداً.

[٣] للإطلاق.

١٨١

المحرَّم على الرجال ، حيث يتوقف حرمته على كونه خالصاً. لا وجه له. والفرق بين الحرير والمقام : أن الحرمة هناك معلقة في الاخبار على الحرير المحض ، بخلاف المقام ، فإنها معلقة على صدق الاسم.

( مسألة ١٥ ) : إذا توضأ أو اغتسل من إناء الذهب أو الفضة مع الجهل بالحكم [١] أو الموضوع ، صح.

( مسألة ١٦ ) : الأواني من غير الجنسين لا مانع منها ، وإن كانت أعلى وأغلى [٢] ، حتى إذا كانت من الجواهر الغالية ، كالياقوت والفيروزج.

( مسألة ١٧ ) : الذهب المعروف بالفرنكي لا بأس بما صنع منه ، لأنه في الحقيقة ليس ذهباً. وكذا الفضة المسماة بالورشو فإنها ليست فضة ، بل هي صفر أبيض.

( مسألة ١٨ ) : إذا اضطر الى استعمال أواني الذهب أو الفضة في الأكل والشرب وغيرهما جاز ، وكذا في غيرهما من الاستعمالات [٣].

______________________________________________________

[١] إذا كان عن قصور ، وإلا كان محرَّماً واقعاً ومعصية ، فلا تصح العبادة.

[٢] عند علمائنا ، كما عن التذكرة ، واتفاقاً ، كما عن كشف اللثام وفي مفتاح الكرامة : « ما وجدت فيه مخالفاً إلا الشافعي ، حيث حرَّم ذلك في أحد قوليه ». ويكفي في الجواز الأصل.

[٣] لحديث رفع الاضطرار‌ (١) وغيره.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الخلل في الصلاة ، وباب : ٥٦ من أبواب جهاد النفس.

١٨٢

نعم لا يجوز التوضؤ والاغتسال منهما [١] بل ينتقل إلى التيمم.

( مسألة ١٩ ) : إذا دار الأمر في حال الضرورة بين استعمالهما أو استعمال الغصبي قدّمهما [٢].

( مسألة ٢٠ ) : يحرم إجارة نفسه لصوغ الأواني من أحدهما وأجرته أيضاً حرام ، كما مر [٣].

( مسألة ٢١ ) : يجب على صاحبهما كسرهما [٤]. وأما غيره ، فان علم أن صاحبهما يقلد من يحرّم اقتناءهما أيضاً ، وأنهما من الأفراد المعلومة في الحرمة ، يجب عليه نهيه [٥].

______________________________________________________

[١] لعدم الاضطرار إليه ، فيبقى أخذ الماء منه للوضوء على حرمته الموجبة للانتقال إلى التيمم. نعم لو اضطر إلى تناول الماء منه تدريجاً وجب عليه أن يتوضأ بما يتناوله. بل لو اضطر الى غسل وجهه ويديه ومسح رأسه ورجليه بالماء الموجود في إناء الذهب والفضة ، فجاز له ذلك ، أو وجب ، وجب عليه أن يجعله وضوءاً ، فينوي به القربة ، بناءً على عدم قدح الضميمة الراجحة في صحة التعبد ولو في بعض الصور ، وحينئذ لا يشرع له التيمم لصدق الوجدان بعد ارتفاع التحريم.

[٢] لأهمية حرمة الغصب من حرمة استعمالهما ، كما يساعده ارتكاز المتشرعة ، واختلاف ألسنة أدلة الطرفين ، فقد قرن مال المسلم في أدلة الأولى بدمه ، وعبّر في كثير من أدلة الثانية بالكراهة وب « لا ينبغي » كما عرفت.

[٣] قد تقدم الكلام فيه.

[٤] هذا يتم لو قلنا بحرمة الاقتناء.

[٥] يعني : من باب النهي عن المنكر.

١٨٣

وإن توقف على الكسر يجوز له كسرهما ، ولا يضمن قيمة صياغتهما [١]. نعم لو تلف الأصل ضمن [٢] ، وإن احتمل أن يكون صاحبهما ممن يقلد مَن يرى جواز الاقتناء ، أو كانتا مما هو محل الخلاف في كونه آنية أم لا [٣] ، لا يجوز له التعرض له [٤].

______________________________________________________

[١] لسقوط الهيئة عن المالية.

[٢] لقاعدة الإتلاف. ولا ينافيها وجوب الأمر بالمعروف الموجب لوجوب الكسر ، كما لا ينافي وجوب حفظ النفس من الهلاك المؤدي لوجوب أكل مال الغير لضمانه ، لإمكان الجمع بينهما بلا تمانع. نعم لو علم لزوم الكسر للإتلاف أشكل وجوبه للضرر.

[٣] يعني : بحيث يحتمل فتوى مجتهده بالجواز فيه بالخصوص ، وإن كان يقول بالحرمة في غيره من الأفراد المعلومة. وإلا فمجرد كونه محلا للخلاف غير كاف في جواز الاستعمال.

[٤] لعدم كون إبقاء المالك للهيئة منكراً عنده حتى يجب نهيه عنه. نعم لو استفيد من الأدلة كراهة الشارع الأقدس وجود الإناء في الخارج ـ ولو ملكاً للغير ـ وجب الكسر على غير المالك ، وإن كان المالك لا يرى الحرمة. وهذا هو مقتضى إطلاق ما دلّ على النهي عن الآنية ، بناءً على ظهوره في النهي عن الوجود ، كما هو مبنى القول بحرمة الاقتناء. إلا أن يعارض بما دل على حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه ، لكنه موقوف على شموله للمقام مما وجب عليه الاذن بالتصرف واقعاً ، وإن كان جاهلاً بذلك معذوراً فيه. وفيه : أن العذر المفروض كاف في ثبوت جواز ترك الاذن ، وعموم ما دل على اعتبار الاذن في جواز التصرف بحاله.

١٨٤

( مسألة ٢٢ ) : إذا شك في آنية أنها من أحدهما أم لا ، أو شك في كون شي‌ء مما يصدق عليه الآنية أم لا لا مانع من استعمالها [١].

فصل في أحكام التخلي‌

( مسألة ١ ) : يجب في حال التخلي ـ بل في سائر الأحوال ـ ستر العورة عن الناظر المحترم [٢] ،

______________________________________________________

[١] لأصالة البراءة. لكنه يتم إذا كانت الشبهة موضوعية ، أما لو كانت مفهومية وجب الرجوع إلى المجتهد ليعلم الحال ، ولا يجوز الاستعمال ابتداءً ، كما في سائر الموضوعات المستنبطة. والحمد للّه ربّ الْعالمِين.

فصل في أحكام التخلي‌

[٢] بإجماع علماء الإسلام ، كما عن المعتبر ، والمنتهى ، والتحرير ، وجامع المقاصد ، وروض الجنان ، وفي الجواهر ادعى الإجماع عليه محصلاً ومنقولا ، بل ضرورة الدين في الجملة. ويشهد له ما في حديث المناهي‌ عن أبي عبد الله (ع) عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي (ص) : « قال : إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الأرض فليحاذر على عورته » (١). و‌مرسل الصدوق : « سئل الصادق (ع) عن قول الله عز وجل : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ ... ) (٢) فقال : كل ما كان في كتاب الله تعالى من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا ، إلا في هذا الموضع ، فإنه للحفظ من أن يُنظر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.

(٢) النور : ٣٠.

١٨٥

سواء كان من المحارم أم لا ، رجلا كان أو امرأة ، حتى عن المجنون والطفل المميز [١].

______________________________________________________

إليه » (١) ‌، وتشهد له الأخبار الناهية عن دخول الحمام بغير مئزر ، ففي حديث المناهي : « لا يدخل أحدكم الحمام إلا بمئزر .. » (٢). و‌في رواية حنان عن أبيه : « قال (ع) : ما يمنعكم عن الأُزر ، فإن رسول الله (ص) قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام » (٣). و‌في تحف العقول عن النبي (ص) : « يا علي إياك ودخول الحمام بغير مئزر ، ملعون ملعون الناظر والمنظور إليه » (٤). ولا ينافي ذلك ما‌ في مصحح ابن أبي يعفور « سألت أبا عبد الله (ع) أيتجرد الرجل عند صب الماء تُرى عورته ، أو يصب عليه الماء ، أو يرى هو عورة الناس؟ قال (ع) : كان أبي يكره ذلك من كل أحد » (٥). لإمكان حمل الكراهة فيه على الحرمة جمعاً ، لعدم ظهور لفظ الكراهة في الكراهة المصطلحة.

[١] كل ذلك لإطلاق النبوي المتقدم في تحف العقول‌ ، ومرسل الصدوق‌. إلا أن في حجيتهما إشكالاً ، لضعفهما ، وإن كان يوافقهما إطلاق الفتوى ، لعدم ثبوت جبرهما بمثل ذلك ، ما لم يثبت الاعتماد عليهما ، وهو غير ظاهر. لكن لا يبعد أن يكون الظاهر من الأصحاب التسالم على هذا الإطلاق. ولعل مثله كاف في الحكم بذلك ، ولا سيما مع موافقته لارتكاز المتشرعة. فتأمل.

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٩ من أبواب آداب الحمام حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ٣ من أبواب آداب الحمام حديث : ٥.

(٥) الوسائل باب : ٣ من أبواب آداب الحمام حديث : ٣.

١٨٦

كما أنه يحرم على الناظر أيضاً النظر إلى عورة الغير [١] ولو كان مجنوناً [٢] أو طفلا مميزاً. والعورة في الرجل القبل والبيضتان والدبر [٣] ، وفي المرأة القبل والدبر.

______________________________________________________

[١] بلا خلاف ظاهر. و‌في صحيح حريز عن أبي عبد الله (ع) : « لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه » (١). و‌في حديث المناهي : « نهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم ، ونهى المرأة أن تنظر إلى عورة المرأة. وقال : من نظر إلى عورة أخيه المسلم ، أو عورة غير أهله متعمداً أدخله تعالى مع المنافقين .. » (٢).

[٢] هذا يقتضيه إطلاق بعض النصوص. والكلام فيه هو الكلام في سابقه.

[٣] كما هو المشهور ، بل عن الخلاف والسرائر الإجماع عليه. ويشهد له‌ مرسل الواسطي عن أبي الحسن الماضي (ع) : « قال : العورة عورتان القبل والدبر ، والدبر مستور بالأليتين ، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة » (٣). و‌مرسل الكافي : « فأما الدبر فقد سترته الأليتان ، وأما القبل فاستره بيدك » (٤). و‌في مرسل الصدوق : « الفخذ ليس من العورة » (٥). وعن الكركي في حاشية الإرشاد : « الأولى إلحاق العجان بذلك في وجوب الستر ». لكن لا دليل له ظاهراً. وعن القاضي أنها من السرَّة إلى الركبة. ويشهد له‌ خبر الحسين بن علوان ، المروي عن

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٤ من أبواب آداب الحمام حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٤ من أبواب آداب الحمام حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ٤ من أبواب آداب الحمام حديث : ٤.

١٨٧

واللازم ستر لون البشرة ، دون الحجم [١] وان كان الأحوط ستره أيضاً [٢]. وأما الشبح ـ وهو ما يتراءى عند كون الساتر رقيقاً ـ فستره لازم ، وفي الحقيقة يرجع إلى ستر اللون [٣].

______________________________________________________

قرب الاسناد : « إذا زوَّج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها ، والعورة ما بين السرة والركبة » (١). و‌خبر بشير النبال : « سألت أبا جعفر (ع) عن الحمام. فقال (ع) : تريد الحمام؟ فقلت : نعم. فأمر بإسخان الماء ثمَّ دخل فائتزر بإزار فغطى ركبتيه وسرته .. إلى أن قال : قال عليه‌السلام هكذا فافعل » (٢). وما‌ عن علي (ع) : « ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذه ويجلس بين قوم » (٣). لكن لو تمت دلالتها وحجيتها أمكن الجمع بينها عرفاً ، بالحمل على الاستحباب.

[١] فإنه منصرف الأدلة. ويشهد له ما‌ في رواية المرافقي : « إن النورة سترة » (٤). وقريب منه ما‌ في مرسل محمد بن عمر (٥) المتضمن أن أبا جعفر (ع) اطلى ثمَّ ألقي الإزار ، فقيل له في ذلك ، فقال (ع) « أما علمت أن النورة قد أطبقت بالعورة ».

[٢] فقد حكي وجوبه عن المحقق الثاني.

[٣] لوقوع النظر على نفس البشرة وإن لم يتميز لونها. وبذلك يفترق الشبح عن الحجم ، إذ فيه إنما يكون النظر إلى الحائل لا غير.

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ٣١ من أبواب آداب الحمام حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١٠ من أبواب أحكام الملابس حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١٨ من أبواب آداب الحمام حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ١٨ من أبواب آداب الحمام حديث : ٢.

١٨٨

( مسألة ٢ ) : لا فرق في الحرمة بين عورة المسلم والكافر ، على الأقوى [١].

( مسألة ٣ ) : المراد من الناظر المحترم مَن عدا الطفل غير المميز [٢] ، والزوج والزوجة ، والمملوكة بالنسبة إلى المالك ، والمحللة بالنسبة إلى المحلل له ، فيجوز نظر كل من الزوجين إلى عورة الآخر ، وهكذا في المملوكة ومالكها ، والمحللة والمحلل له ولا يجوز نظر المالكة إلى مملوكها أو مملوكتها ، وبالعكس [٣].

( مسألة ٤ ) : لا يجوز للمالك النظر إلى عورة مملوكته إذا كانت مزوجة [٤] أو محلله أو في العدة وكذا إذا كانت مشتركة بين‌

______________________________________________________

[١] كما هو المشهور. وظاهر الحر في الوسائل جواز النظر إلى عورة من ليس بمسلم بغير شهوة ، وعن بدايته أيضاً. لمصحح ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله (ع) : « النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل نظرك إلى عورة الحمار » (١) ‌، ونحوه مرسل الصدوق‌ (٢) المؤيدان بالتقييد بالمؤمن والمسلم والأخ في جملة من روايات المنع. لكن هجرهما مانع عن جواز الاعتماد عليهما في ذلك.

[٢] لانصراف الأدلة عنه. مع أن الحكم فيه ينبغي أن يعد من القطعيات. ومثله ما بعده ، فان جواز الوطء من لوازمه الضرورية جواز النظر.

[٣] لإطلاق الأدلة.

[٤] الظاهر عدم الخلاف فيه والاشكال ، بل عن كاشف اللثام نسبة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب آداب الحمام حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب آداب الحمام حديث : ٢.

١٨٩

مالكين لا يجوز لواحد منهما النظر إلى عورتها ، وبالعكس.

( مسألة ٥ ) : لا يجب ستر الفخذين [١] ، ولا الأليتين ، ولا الشعر النابت أطراف العورة. نعم يستحب ستر ما بين السرة إلى الركبة [٢] ، بل إلى نصف الساق [٣].

( مسألة ٦ ) : لا فرق بين أفراد الساتر [٤] ،

______________________________________________________

حرمة النظر إلى ما لا يجوز لغير المالك إلى النص والإجماع ، وإن توقف فيه في محكي الرياض ، أو مال إلى الجواز في النظر إلى غير العورة بغير شهوة. كما أن الظاهر أن المحللة والمعتدة عندهم بحكم المزوجة في ذلك ، وأن جواز النظر إلى العورة دائر مدار جواز الوطء. ومنه يظهر الحكم في الأمة المشتركة. وكل ذلك مما يساعده إطلاق النصوص المتقدمة.

[١] لخروجهما عن العورة ، كما عرفت.

[٢] كما يظهر من خبر النبال المتقدم.

[٣] لا أعرف له وجهاً غير ما ربما نُسب إلى الحلبي من أن العورة من السرة إلى نصف الساق ، لقوله (ره) : « لا يتم ذلك في الصلاة إلا بساتر من السرة إلى نصف الساق ». ويحتمل استفادته من نصوص المئزر‌ (١) لأن المتعارف منه ما يستر إلى نصف الساق. ومن‌ رواية النبال (٢) المتضمنة أن أبا جعفر (ع) أمر صاحب الحمام فطلى ما كان خارجاً من الإزار ، ثمَّ قال (ع) : « اخرج عني » ، ثمَّ طلى هو ما تحته بيده ، ثمَّ قال (ع) : « هكذا فافعل ».

[٤] إذ هو المستفاد من إطلاق وجوب ما يمنع من النظر. ومنه‌

__________________

(١) تراجع الوسائل باب : ٩ ، ١٠ ، ١١ من أبواب آداب الحمام‌

(٢) تقدمت في المسألة الأولى‌

١٩٠

فيجوز بكل ما يستر ، ولو بيده ، أو يد زوجته ، أو مملوكته.

( مسألة ٧ ) : لا يجب الستر في الظلمة المانعة عن الرؤية ، أو مع عدم حضور شخص ، أو كون الحاضر أعمى ، أو العلم بعدم نظره.

( مسألة ٨ ) : لا يجوز النظر إلى عورة الغير من وراء الشيشة [١] ، بل ولا في المرآة ، أو الماء الصافي.

( مسألة ٩ ) : لا يجوز الوقوف في مكان يعلم بوقوع نظره على عورة الغير [٢] ، بل يجب عليه التعدي عنه وغضّ النظر. وأما مع الشك أو الظن في وقوع نظره فلا بأس [٣] ، ولكن الأحوط أيضاً عدم الوقوف ، أو غضِّ النظر.

( مسألة ١٠ ) : لو شك في وجود الناظر ، أو كونه محترماً ، فالأحوط الستر [٤].

______________________________________________________

يظهر الوجه في المسألة الآتية.

[١] إذ الأدلة وإن قصر لفظها عن شمول ذلك ، لكن المفهوم منها عرفاً ما يعمه.

[٢] هذا إذا كان النظر بغير اختياره ، فان الوقوف المذكور يكون علة للحرام فيحرم. أما إذا كان باختياره ، فتحريم مقدمته غير ظاهر.

[٣] للأصل ، ولا دليل على حجية الظن ، ولا على وجوب الاحتياط.

[٤] بل مقتضى وجوب الحفظ ـ كما في الآية ـ (١) والمحاذرة ـ كما في النبوي ـ (٢) هو لزوم الاحتياط في معرض نظر الغير إلى عورته.

__________________

(١) تقدم في أول الفصل.

(٢) وهي قوله تعالى ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ). النور : ٣٠.

١٩١

( مسألة ١١ ) : لو رأى عورة مكشوفة ، وشك في أنها عورة حيوان أو إنسان ، فالظاهر عدم وجوب الغض عليه [١]. وإن علم أنها من إنسان ، وشك في أنها من صبي غير مميز ، أو من بالغ أو مميز ، فالأحوط ترك النظر [٢]. وإن شك في أنها من زوجته أو مملوكته أو أجنبية ، فلا يجوز النظر ، ويجب الغض عنها ، لأن جواز النظر معلق على عنوان خاص ، وهو الزوجية أو المملوكية ، فلا بد من إثباته [٣]. ولو رأى عضواً من بدن إنسان لا يدري أنه عورته أو غيرها من أعضائه ،

______________________________________________________

[١] للأصل.

[٢] بل مقتضى استصحاب عدم البلوغ والتمييز جواز النظر. ولولاه كان أصل البراءة المقتضي للجواز محكما ، لكون الشبهة مصداقية. نعم إذا كان خروج الصغير غير المميز من باب التخصيص بالمخصص اللبي ، كان المرجع فيه العام المقتضي للمنع.

[٣] قد تقدم الكلام فيه في حكم الماء المشكوك الكرية ، والماء المشكوك كونه ماء استنجاء. فراجع. وقد ذكر المصنف (ره) في المسألة الخمسين من كتاب النكاح : أنه مع الشك في كون المنظور إليه من المماثل أو المحارم يجب الغض ، لأن جواز النظر مشروط بأمر وجودي ، وهو كونه مماثلاً أو من المحارم ، فمع الشك يعمل بمقتضى العموم ، لا من باب التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية ، بل لاستفادة شرطية الجواز بالمماثلة أو المحرمية وأن المقام من قبيل المقتضي والمانع وقد استشكلنا ـ في شرح ذلك المقام ـ في وجهه. فراجع. نعم لا يجوز النظر في المقام ، لاستصحاب عدم الزوجية والمملوكية.

١٩٢

جاز النظر [١] ، وإن كان الأحوط الترك.

( مسألة ١٢ ) : لا يجوز للرجل والأنثى النظر الى دبر الخنثى [٢]. وأما قُبلها فيمكن أن يقال بتجويزه لكل منهما للشك في كونه عورة [٣]. لكن الأحوط الترك ، بل الأقوى وجوبه ، لأنه عورة على كل حال [٤].

( مسألة ١٣ ) : لو اضطر إلى النظر إلى عورة الغير كما في مقام‌

______________________________________________________

[١] لأصالة البراءة.

[٢] لأنه عورة قطعاً.

[٣] هذا الشك إنما يكون بالإضافة إلى كل من قبليها ، لا بالإضافة إليهما معاً ، للعلم الإجمالي بكون أحدهما عورة. نعم ينحل هذا العلم الإجمالي بالنسبة إلى الأجنبي لو نظر إلى ما لا يماثل عورة نفسه ، لأن الطرف الآخر المماثل لعورة نفسه يعلم بحرمته تفصيلاً ، إما لأنه عورة ، أو لأنه جزء من بدن الأجنبي ، فيكون ما يخالف عورة نفسه شبهة بدوية. ولا يجي‌ء ذلك في المحرم لجواز نظره إلى البشرة غير العورة ، فالعلم الإجمالي بالنسبة إليه غير منحل.

[٤] كأن المراد أن كلاً من قُبليها عورة عرفا ، لأن كلاً من الفرج والقضيب عورة كذلك وإن اجتمعا لشخص واحد. وهذا وإن لم يكن بعيداً ، لكن إقامة الدليل عليه شرعاً مشكلة ، لعدم الدليل على أن القضيب عورة حتى لو خلق للمرأة ، وكذا الحال في البضع لو خلق للرجل. نعم لو كان للرجل احليلان كان كل منهما عورة ، وكذا لو خلق للمرأة بضعان فعموم حرمة النظر يمكن الرجوع إليه هنا ، ولا يمكن الرجوع في فرض المتن. فتأمل.

١٩٣

المعالجة ـ فالأحوط أن يكون في المرآة [١] المقابلة لها إن اندفع الاضطرار بذلك ، وإلا فلا بأس.

( مسألة ١٤ ) : يحرم في حال التخلي استقبال القبلة واستدبارها [٢] ،

______________________________________________________

[١] لاحتمال أهمية حرمة النظر بلا مرآة من حرمة النظر معها ، ومحتمل الأهمية مقدم عقلاً عند التزاحم.

[٢] كما هو المشهور ، كما عن جماعة بل الظاهر من المذهب ، كما عن السرائر بل هو إجماع ، كما عن الخلاف والغنية. لما‌ رفعه القمي ـ على ما في الكافي ـ : « خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد الله (ع) وأبو الحسن موسى (ع) قائم ، وهو غلام ، فقال له أبو حنيفة : يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال (ع) : اجتنب أفنية المساجد ، وشطوط الأنهار ، ومساقط الثمار ، ومنازل النزَّال ، ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول » (١). وللآخر الذي‌ رفعه محمد بن يحيى ـ على ما في الكافي ـ « سئل أبو الحسن (ع) ما حد الغائط؟ قال (ع) : لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، ولا تستقبل الريح ، ولا تستدبرها » (٢) ‌، وأرسل نحوه في الفقيه عن الحسن بن علي (ع) (٣) ، وفي المقنع عن الرضا (ع) (٤) ولما‌ في حديث المناهي : « نهى رسول الله (ص) عن استقبال القبلة ببول أو غائط » (٥). ونحوها غيرها. وضعف الجميع سنداً منجبر بما عرفت‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة ملحق حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة ملحق حديث : ٢.

(٥) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٤.

١٩٤

______________________________________________________

والسياق مساق المكروه لا يصلح قرينة على الكراهة مع كون القرينة على الكراهة خارجية ، كما في المقام. نعم سياقها مساق الأدب ربما يمنع من ظهورها في الوجوب ، ولا سيما مع الإشارة إليه في خبر محمد بن إسماعيل الآتي‌ ، وفيما عن علل محمد بن علي بن إبراهيم‌ (١). فيكون العمدة في إثبات الحرمة الإجماع لو تمَّ. اللهم إلا أن يقال : إن المنع عن الاستدبار لا يناسب كون الحكم أدبياً ، لأن الاستدبار لا ينافي الأدب.

وقد يحسن بهذه المناسبة أن نثبت ما ذكره الوالد العلامة المقدس طاب ثراه في كتابه : ( معارف الأحكام في شرح شرائع الإسلام ) في هذا المقام ـ قياماً ببعض حقوقه وموعظة للمتقين ـ قال قدس‌سره تحت عنوان ( إيقاظ ) : « وإذ قد عرفت أن الشارع المقدس أمرك بالانحراف عن القبلة وتجنبها في الحالتين ، تعظيما لها وإجلالا لقدرها ، لنسبتها إليه سبحانه فاذا لم يرض جل جلاله بمواجهة بيته الحسي المركب من الأحجار والأخشاب بالنجاسات ، مع ما بينها وبينه من المسافات ، فكيف يرضى أن يكون بيته المعنوي ، ومحل معرفته ، وفيوضاته ، وينبوع حكمته ، وموضع محبته ملطخاً بأدناس المعاصي وأرجاس الكبائر؟! كما‌ قال جل جلاله : « لم تسعني سمائي ولا أرضي ولا عرشي ولا كرسيي ، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن » ‌فجعل سبحانه قلب المؤمن أجل وأوسع من العرش والكرسي. فينبغي لمن أراد الوقوف بين يدي الملك الجليل ـ جل جلاله ـ أن يطهِّر بيته الشريف بماء التوبة ، ويظهر الحياء منه ، حيث تركه قذراً نجساً ، ولم يهيئه لحضوره وإقباله ـ جل جلاله ـ عليه ».

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.

١٩٥

بمقاديم بدنه [١]. وإن أمال عورته إلى غيرهما. والأحوط ترك الاستقبال والاستدبار بعورته فقط ، وإن لم يكن مقاديم بدنه إليهما [٢]. ولا فرق في الحرمة بين الأبنية والصحاري ، والقول بعدم الحرمة في الأول ضعيف [٣].

______________________________________________________

[١] كما هو المعروف. ويقتضيه ظاهر المرسل الثاني. وعن التنقيح أن المحرم الاستقبال بالفرج. ولعله مراد المشهور ، إذ من البعيد التزامهم بعدم الحرمة لو مال بكتفيه عن القبلة إذا كان قد وجّه فرجه إليها. ولا يبعد أن يكون هو ظاهر النصوص المتقدمة ، وأوضح منها النبوي المحكي‌ عن نوادر الراوندي : « نهى (ص) أن يبول الرجل وفرجه باد للقبلة » (١) ‌نعم ظاهر المرسل الأول ونحوه المنع عن الاستقبال بنفس البول والغائط ، ولو مع انحراف البدن عنها. لكن امتناع ذلك عادة بالنسبة إلى الغائط في الجالس الذي هو الغالب ، يوجب حمل الاستقبال بالبول على الاستقبال بالفرج حال البول ، كما لعله هو المعروف. فتأمل.

[٢] لكن عرفت الإشارة إلى امتناع التفكيك بين العورة وقسم من البدن عادة ، وأن ظاهر النصوص تحريم الاستقبال بالبدن بالمقدار المذكور ، الملازم للاستقبال بالعورة. والمظنون أن مراد الأصحاب ذلك. وكأن مراد المصنف رحمه‌الله من الاستقبال بالعورة ما يلازم استقباله بالبول ، بأن يميل عورته إلى القبلة وإن كان بدنه موجهاً إلى غيرها.

[٣] وإن حكي عن ابن الجنيد والمفيد وسلار. وكأنه‌ لخبر محمد بن إسماعيل : « دخلت على أبي الحسن الرضا (ع) ، وفي منزله كنيف مستقبل‌

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٤.

١٩٦

والقبلة المنسوخة ـ كبيت المقدس ـ لا يلحقها الحكم [١]. والأقوى عدم حرمتهما في حال الاستبراء والاستنجاء ، وإن كان الترك أحوط [٢]. ولو اضطر إلى أحد الأمرين تخير ، وإن كان الأحوط الاستدبار [٣].

______________________________________________________

القبلة. وسمعته يقول : من بال حذاء القبلة ، ثمَّ ذكر ، فانحرف عنها ، إجلالاً للقبلة ، وتعظيما لها ، لم يقم من مقعده ذلك حتى يغفر له » (١) ‌وفيه : أن صدره قضية في واقعة لا يصلح الاستدلال بها. مع أن البناء على القبلة أعم من التخلي مستقبلاً أو مستدبراً. وذيله لو لم يدل على المنع مطلقاً ، فلا يدل على الجواز في خصوص الأبنية ، كما لا يخفى.

[١] لعدم الدليل عليه.

[٢] فقد حكي عن الدلائل والذخيرة عموم الحكم لهما. لموثق عمار : « الرجل يريد أن يستنجي كيف يقعد؟ قال (ع) : يقعد كما يقعد للغائط » (٢). وإطلاق‌ النبوي : « إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها » (٣). لكن منصرف الموثق الكيفية بلحاظ بدن المتخلي لا بلحاظ أمر آخر خارج عنه. وإطلاق النبوي ممنوع. مع أن ضعفه يأبى الاعتماد عليه. نعم لو علم بخروج مقدار من البول بالاستبراء أمكن ثبوت المنع فيه كما سيأتي.

[٣] وبه جزم في الجواهر ، لأن الاستقبال أعظم قبحاً. وفيه : أنه يتم لو أحرز أن القبح العرفي هو المناط ، لكنه ممنوع ، لعدم ثبوته‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ٣٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٥.

١٩٧

ولو دار أمره بين أحدهما وترك الستر مع وجود الناظر ، وجب الستر [١]. ولو اشتبهت القبلة لا يبعد العمل بالظن [٢]. ولو ترددت بين جهتين متقابلتين اختار الأخريين ، ولو تردد بين المتصلتين فكالترديد بين الأربع ، التكليف ساقط ،

______________________________________________________

في الاستدبار. نعم احتمال الأهمية من الاستدبار بلا احتمال أهمية الاستدبار منه ـ كما يشهد به تكثر النصوص الدالة على حرمته ، بخلاف الاستدبار ـ يوجب تقديمه عليه عند التزاحم.

[١] للعلم بأهميته حسب ارتكاز المتشرعة ، الكاشف عن كونه كذلك عند الشارع. لا أقل من احتمال الأهمية.

[٢] لا للإلحاق بالصلاة ، فإنه قياس. ولا لأنه يفهم من قوله : « لا تستقبل القبلة » قيام الظن مقام العلم عند تعذره ، فإنه ممنوع. ولا لاستصحاب بقاء التكليف ، القاضي بقيام الظن مقام العلم ، وإلا لزم التكليف بما لا يطاق. إذ فيه : أن التكليف الواقعي معلوم بقاؤه ، والعجز عن العلم بالامتثال لا يمنع من ثبوته ، وإنما يمنع من حكم العقل بوجوب تحصيل العلم بامتثاله ، ولا يثبت ذلك اعتبار الظن بوجه. بل الوجه فيه : إطلاق بعض النصوص الشامل للمقام كالصلاة. كصحيح زرارة : « يجزئ التحري أبداً إذا لم يعلم أين وجه القبلة » (١). وإن كان محل إشكال أيضاً ، لاحتمال انصرافه إلى صورة التكليف بالاستقبال ، فلا يشمل ما نحن فيه. هذا بالنسبة إلى مطلق الظن. وأما العلامات المخصوصة فلا بد من ملاحظة الأدلة الدالة على حجية كل منها ، ليُرى إطلاقه بنحو يشمل المقام وعدمه والكلام فيه موكول إلى مبحث القبلة.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب القبلة في كتاب الصلاة حديث : ١.

١٩٨

فيتخير بين الجهات [١].

( مسألة ١٥ ) : الأحوط ترك إقعاد الطفل للتخلي على وجه يكون مستقبلاً أو مستدبراً [٢]. ولا يجب منع الصبي والمجنون إذا استقبلا أو استدبرا عند التخلي [٣]. ويجب ردع البالغ العاقل العالم بالحكم والموضوع ، من باب النهي عن المنكر كما أنه يجب إرشاده إن كان من جهة جهله بالحكم [٤] ،

______________________________________________________

[١] هذا يتم لو كان كل من الجهتين المتصلتين أو الجهات الأربع مما تحتمل القبلة في كل نقطة من نقاطها. أما إذا علم كون القبلة في إحدى نقطتين معينتين من الجهتين ، أو إحدى نقاط معينة من الجهات الأربع ، فلا وجه لسقوط التكليف ، لإمكان الانحراف عن النقطتين أو النقاط إلى غيرها. نعم لو ثبت كون القبلة التي يحرم استقبالها تمام الجهة من الجهتين أو الجهات تمَّ. لكنه غير ثابت هنا ، لصدق ترك الاستقبال بمجرد الانحراف عن القبلة ـ ولو يسيراً ـ وإن لم ينحرف عن الجهة. ثمَّ مقتضى إطلاق الأدلة بقاء التكليف ولو مع الجهل بالقبلة ، فإنما يتخير بين الجهات حيث يضطر إلى الاستقبال أو الاستدبار ، لا مطلقاً ، فإذا أمكن الانتظار الى أن يحصل له العلم بالقبلة ـ كي يجتنبها ـ وجب.

[٢] لأنه استقبال بالغير ، يحتمل عموم الأدلة له. لكن الظاهر منها الاستقبال ببدنه لا غير.

[٣] للأصل.

[٤] لما دل على وجوب إرشاد الجاهل بالأحكام ، من الآيات ، والروايات ، وقد تقدم الكلام في عمومه وخصوصه في مباحث التقليد (١).

__________________

(١) تقدم في المسألة : ٤٨ من مباحث التقليد.

١٩٩

ولا يجب ردعه إن كان من جهة الجهل بالموضوع [١]. ولو سأل عن القبلة. فالظاهر عدم وجوب البيان [٢]. نعم لا يجوز إيقاعه في خلاف الواقع [٣].

( مسألة ١٦ ) : يتحقق ترك الاستقبال والاستدبار بمجرد الميل إلى أحد الطرفين ، ولا يجب التشريق أو التغريب ، وإن كان أحوط [٤].

( مسألة ١٧ ) : الأحوط فيمن يتواتر بوله أو غائطه مراعاة ترك الاستقبال والاستدبار بقدر الإمكان ، وإن كان الأقوى عدم الوجوب [٥].

______________________________________________________

[١] لعدم الدليل ، والأصل البراءة.

[٢] للأصل. ووجوب أداء الشهادة إنما هو في حقوق الناس.

[٣] هذا مبني على حرمة التسبيب ، وقد تقدم في مبحث وجوب الاعلام بالنجس الاشكال فيه.

[٤] لما في بعض النصوص من‌ قول النبي (ص) : « ولكن شرّقوا أو غرّبوا » (١). لكنه محمول على الاستحباب ، لضعف الخبر ، وعدم ظهور العامل به.

[٥] إما لأن المحرّم في ظاهر النصوص إخراج البول ، لا مجرد خروجه وإما لأن منصرفها التخلي ، بل هو الموضوع في بعضها ، ففي حديث المناهي : « إذا دخلتم الغائط » (٢) ‌، و‌في آخر : « إذا دخلت المخرج » (٣)

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب الحكام الخلوة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٥.

٢٠٠