٥٠٢٠ ـ فأصبحن لا يسألنني عن بما به (١)
فالباء بمعنى «عن» وهي مؤكدة لها ، وإذا كانوا قد أكدوا مع اتفاق اللفظ ؛ كقوله : [الوافر]
٥٠٢١ ـ فلا ـ والله ـ لا يلفى لما بي |
|
ولا للما بهم أبدا دواء (٢) |
فلأن يؤكد مع اختلافه أحرى ، ولم يذكر الزمخشري غير كونها بمعنى «قد» ، وبقي على الزمخشري قيد آخر ، وهو أن يقول : في الجمل الفعلية ، لأنه متى دخلت «هل» على جملة اسمية استحال كونها بمعنى «قد» لأن «قد» مختصة بالأفعال.
قال شهاب الدين (٣) : وعندي أن هذا لا يرد لأنه تقرر أن «قد» لا تباشر الأسماء.
فصل في المراد بالإنسان المذكور في الآية
قال قتادة والثوري وعكرمة والشعبي : إن المراد بالإنسان هنا آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهو مروي عن ابن عباس (٤).
وقيل : المراد بالإنسان : بنو آدم لقوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ).
فالإنسان في الموضعين واحد وعلى هذا فيكون نظم الآية أحسن.
وقوله (حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ).
قال ابن عباس في رواية أبي صالح : مرت به أربعون سنة قبل أن ينفخ فيه الروح وهو ملقيّ بين «مكة» والطائف (٥).
وعن ابن عباس في رواية الضحاك أنه خلق من طين فأقام أربعين سنة ، ثم من حمإ مسنون أربعين سنة ، ثم من صلصال أربعين سنة ، فتم خلقه في (٦) مائة وعشرين سنة ، ثم نفخ فيه الروح(٧).
وحكى الماوردي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : أن الحين المذكور هاهنا هو الزمن الطويل الممتد الذي لا يعرف مقداره (٨).
وقال الحسن : خلق الله تبارك وتعالى كل الأشياء ما يرى وما لا يرى من دوابّ البر
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر الدر المصون ٦ / ٤٣٧.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٣) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨١) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن المنذر وينظر تفسير الماوردي (٦ / ١٦١).
(٥) تقدم.
(٦) في أ : بعد.
(٧) تقدم.
(٨) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٦٢) عن ابن عباس.