قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

اللّباب في علوم الكتاب [ ج ٢٠ ]

49/599
*

الأول : إذا كان فعل العبد خلقا لله ـ تعالى ـ فكيف يعقل أن يكون فعل الله ـ تعالى ـ جزاء على فعل الله؟.

والجواب : أن الجزاء هو الكافي وذلك لا ينافي كونه فعلا لله.

السؤال الثاني : كون سعي العبد مشكورا يقتضي كون الله شاكرا له؟.

والجواب : كون الله ـ تعالى ـ شاكرا للعبد محال إلا على وجه المجاز ، وهو من ثلاثة أوجه:

الأول : قال القاضي : إن الثواب مقابل لعملهم كما أن الشكر مقابل للنعم.

والثاني : قال القفال : إنه مشهور في كلام الناس أن يقولوا للراضي بالقليل والمثنى به أنه مشكور ، فيحتمل أن يكون شكر الله لعباده ، وهو رضاه عنهم بالقليل من الطاعات وإعطائه إياهم عليها ثوابا كبيرا.

الثالث : أن منتهى درجة العبد أن يكون راضيا من ربه مرضيّا لربه ، كما قال تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) [الفجر : ٢٧ ـ ٢٨] ، وكونها راضية من ربه أقلّ درجة من كونها مرضية لربه ، فقوله تعالى : (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً) إشارة إلى الأمر الذي تصير به النفس راضية مرضية ، وقوله : (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) إشارة إلى كونها مرضية لربها لما كانت هذه الحالة أعلى المقامات وآخر الدرجات لا جرم وقع الختم عليها في ذكر مراتب أحوال الأبرار والصديقين.

قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢٤) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٢٥) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً)(٢٦)

قوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا). يجوز أن يكون توكيدا لاسم «إن» وأن يكون فصلا و «نزّلنا» على هذين الوجهين هو خبر «إن» ، ويجوز أن يكون «نحن» مبتدأ ، و «نزّلنا» خبره والجملة خبر «إنّ».

وقال مكي : «نحن» في موضع نصب على الصّفة لاسم «إن» لأن المضمر يوصف بالمضمر ؛ إذ هو بمعنى التأكيد لا بمعنى الغلبة ، ولا يوصف بالمظهر ؛ لأنه بمعنى التّحلية والمضمر مستغن عن التحلية ، لأنه لم يضمر إلا بعد أن عرف تحليته وعينه ، وهو محتاج إلى التأكيد لتأكيد الخبر عنه.

قال شهاب الدين (١) : وهذه عبارة غريبة جدّا ، كيف يجعل المضمر موصوفا بمثله ،

__________________

(١) الدر المصون ٦ / ٤٥٠.