تفسير التّحرير والتّنوير - ج ١١

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور

تفسير التّحرير والتّنوير - ج ١١

المؤلف:

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٥

عليه من عدوى فساد خليطه فهو المنهي عنه بقوله بعد هذا : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) [هود : ١١٣].

وعن الحسن البصري : جعل الله الدّين بين لاءين (وَلا تَطْغَوْا وَلا تَرْكَنُوا) [هود : ١١٣].

وجملة (إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) استئناف لتحذير من أخفى الطغيان بأن الله مطلع على كل عمل يعمله المسلمون ، ولذلك اختير وصف (بَصِيرٌ) من بين بقية الأسماء الحسنى لدلالة مادته على العلم البين ودلالة صيغته على قوته.

(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣))

الرّكون : الميل والموافقة ، وفعله كعلم. ولعلّه مشتق من الركن ـ بضم فسكون ـ وهو الجنب ، لأنّ المائل يدني جنبه إلى الشيء الممال إليه. وهو هنا مستعار للموافق ، فبعد أن نهاهم عن الطغيان نهاهم عن التقارب من المشركين لئلّا يضلوهم ويزلوهم عن الإسلام.

و (الَّذِينَ ظَلَمُوا) هم المشركون. وهذه الآية أصل في سدّ ذرائع الفساد المحقّقة أو المظنونة.

والمسّ : مستعمل في الإصابة كما تقدّم في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) في آخر الأعراف [٢٠١] ، والمراد : نار العذاب في جهنّم.

وجملة (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) حال ، أي لا تجدون من يسعى لما ينفعكم.

و (ثُمَ) للتّراخي الرتبي ، أي ولا تجدون من ينصركم ، أي من يخفّف عنكم مسّ عذاب النّار أو يخرجكم منها.

و (مِنْ دُونِ اللهِ) متعلّق بأولياء لتضمينه معنى الحماة والحائلين.

وقد جمع قوله : (وَلا تَطْغَوْا) [هود : ١١٢] وقوله : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) أصلي الدّين ، وهما : الإيمان والعمل الصالح ، وتقدّم آنفا قول الحسن : «جعل الله الدين بين لاءين (وَلا تَطْغَوْا) ، ولا تركنوا».

٣٤١

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤))

انتقل من خطاب المؤمنين إلى خطاب النّبيء صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وهذا الخطاب يتناول جميع الأمّة بقرينة أنّ المأمور به من الواجبات على جميع المسلمين ، لا سيما وقد ذكر معه ما يناسب الأوقات المعيّنة للصلوات الخمس ، وذلك ما اقتضاه حديث أبي اليسر الآتي.

وطرف الشيء : منتهاه من أوّله أو من آخره ، فالتثنية صريحة في أنّ المراد أوّل النّهار وآخره.

و (النَّهارِ) : ما بين الفجر إلى غروب الشمس ، سمي نهارا لأنّ الضياء ينهر فيه ، أي يبرز كما يبرز النهر.

والأمر بالإقامة يؤذن بأنّه عمل واجب لأنّ الإقامة إيقاع العمل على ما يستحقه ، فتقتضي أنّ المراد بالصّلاة هنا الصلاة المفروضة ، فالطّرفان ظرفان لإقامة الصّلاة المفروضة ، فعلم أنّ المأمور إيقاع صلاة في أوّل النّهار وهي الصّبح وصلاة في آخره وهي العصر وقيل المغرب.

والزلف : جمع زلفة مثل غرفة وغرف ، وهي السّاعة القريبة من أختها ، فعلم أن المأمور إيقاع الصلاة في زلف من اللّيل ، ولمّا لم تعيّن الصلوات المأمور بإقامتها في هذه المدّة من الزمان كان ذلك مجملا فبينته السنة والعمل المتواتر بخمس صلوات هي الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وكان ذلك بيانا لآيات كثيرة في القرآن كانت مجملة في تعيين أوقات الصلوات مثل قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) [الإسراء : ٧٨].

والمقصود أن تكون الصّلاة أول أعمال المسلم إذا أصبح وهي صلاة الصبح وآخر أعماله إذا أمسى وهي صلاة العشاء لتكون السيّئات الحاصلة فيما بين ذلك ممحوة بالحسنات الحافّة بها. وهذا مشير إلى حكمة كراهة الحديث بعد صلاة العشاء للحثّ على الصّلاة وخاصة ما كان منها في أوقات تعرض الغفلة عنها. وقد ثبت وجوبهما بأدلّة أخر وليس في هذه الآية ما يقتضي حصر الوجوب في المذكور فيها.

وجملة (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) مسوقة مساق التّعليل للأمر بإقامة الصّلوات،

٣٤٢

وتأكيد الجملة بحرف (إِنَ) للاهتمام وتحقيق الخبر. و (إِنَ) فيه مفيدة معنى التّعليل والتفريع ، وهذا التعليل مؤذن بأنّ الله جعل الحسنات يذهبن السيّئات ، والتّعليل مشعر بعموم أصحاب الحسنات لأنّ الشأن أن تكون العلّة أعم من المعلول مع ما يقتضيه تعريف الجمع باللّام من العموم.

وإذهاب السيّئات يشمل إذهاب وقوعها بأن يصير انسياق النّفس إلى ترك السّيئات سهلا وهيّنا كقوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)[العنكبوت : ٤٥] ويكون هذا من خصائص الحسنات كلّها. ويشمل أيضا محو إثمها إذا وقعت ، ويكون هذا من خصائص الحسنات كلّها فضلا من الله على عباده الصالحين.

ومحمل السيّئات هنا على السيّئات الصغائر التي هي من اللّمم حملا لمطلق هذه الآية على مقيد آية (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) [النجم : ٣٢] وقوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) [النساء : ٣١] ، فيحصل من مجموع الآيات أنّ اجتناب الفواحش جعله الله سببا لغفران الصغائر أو أنّ الإتيان بالحسنات يذهب أثر السيئات الصغائر ، وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) في سورة النّساء [٣١].

روى البخاري عن عبد الله بن مسعود ـ رضي‌الله‌عنه ـ : أنّ رجلا أصاب من امرأة قبلة حرام فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكرت ذلك فأنزلت عليه (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) فقال الرجل : ألي هذه؟ قال : لمن عمل بها من أمّتي.

وروى الترمذي عن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنّي عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسّها وها أنا ذا فاقض فيّ ما شئت ، فلم يرد عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا فانطلق الرجل فأتبعه رجلا فدعاه فتلا عليه وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) إلى آخر الآية ، فقال رجل من القوم : هذا له خاصة؟ قال : لا ، بل للنّاس كافة. قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وأخرج الترمذي حديثين آخرين : أحدهما عن معاذ بن جبل ، والآخر عن أبي اليسر وهو صاحب القصة وضعّفهما. والظاهر أن المرويّ في هذه الآية هو الذي حمل ابن عبّاس وقتادة على القول بأنّ هذه الآية مدنيّة دون بقية هذه السورة لأنه وقع عند البخاري والترمذي قوله : (فأنزلت عليه) فإن كان كذلك كما ذكره الرّاوي فهذه الآية ألحقت بهذه السورة في هذا المكان لمناسبة وقوع قوله: (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) [هود : ١١٢] قبلها وقوله : (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ

٣٤٣

الْمُحْسِنِينَ) [هود : ١١٥] بعدها.

وأمّا الذين رجّحوا أنّ السورة كلّها مكيّة فقالوا : إنّ الآية نزلت في الأمر بإقامة الصّلوات وإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخبر بها الذي سأله عن القبلة الحرام وقد جاء تائبا ليعلمه بقوله : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) ، فيؤوّل قول الراوي : فأنزلت عليه ، أنّه أنزل عليه شمول عموم الحسنات والسيئات لقضيّة السائل ولجميع ما يماثلها من إصابة الذنوب غير الفواحش.

ويؤيّد ذلك ما في رواية الترمذي عن علقمة والأسود عن ابن مسعود قوله : فتلا عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ) ، ولم يقولا : فأنزل عليه.

وقوله : (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) أي تذكرة للّذي شأنه أن يذكر ولم يكن شأنه الإعراض عن طلب الرشد والخير ، وهذا أفاد العموم نصّا. وقوله : (ذلِكَ) الإشارة إلى المذكور قبله من قوله : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) [هود : ١١٢].

(وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥))

عطف على جملة (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) [هود : ١٠٩] الآيات ، لأنّها سيقت مساق التّثبيت من جرّاء تأخير عقاب الذين كذبوا.

ومناسبة وقوع الأمر بالصّبر عقب الأمر بالاستقامة والنّهي عن الركون إلى الذين ظلموا ، أنّ المأمورات لا تخلو عن مشقة عظيمة ومخالفة لهوى كثير من النفوس ، فناسب أن يكون الأمر بالصبر بعد ذلك ليكون الصبر على الجميع كلّ بما يناسبه.

وتوجيه الخطاب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تنويه به. والمقصود هو وأمته بقرينة التعليل بقوله : فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) لما فيه من العموم والتفريع المقتضي جمعهما أنّ الصبر من حسنات المحسنين وإلا لما كان للتفريع موقع. وحرف التأكيد مجلوب للاهتمام بالخبر.

وسمّي الثواب أجرا لوقوعه جزاء على الأعمال وموعودا به فأشبه الأجر.

(فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦))

٣٤٤

هذا قوي الاتّصال بقوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ) [هود : ١٠٢] فيجوز أن يكون تفريعا عليه ويكون ما بينهما اعتراضا دعا إليه الانتقال الاستطرادي في معان متماسكة. والمعنى فهلا كان في تلك الأمم أصحاب بقية من خير فنهوا قومهم عن الفساد لما حلّ بهم ما حلّ. وذلك إرشاد إلى وجوب النهي عن المنكر. ويجوز أن يكون تفريعا على قوله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) [هود : ١١٢] والآية تفريع على الأمر بالاستقامة والنهي عن الطغيان وعن الركون إلى الذين ظلموا ، إذ المعنى : ولا تكونوا كالأمم من قبلكم إذ عدموا من ينهاهم عن الفساد في الأرض وينهاهم عن تكذيب الرّسل فأسرفوا في غلوائهم حتى حلّ عليهم غضب الله إلّا قليلا منهم ، فإن تركتم ما أمرتم به كان حالكم كحالهم ، ولأجل هذا المعنى أتي بفاء التفريع لأنّه في موقع التفصيل والتعليل لجملة (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) [هود : ١١٢] وما عطف عليها ؛ كأنّه قيل : وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم فلولا كان منهم بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلى آخره ، أي فاحذروا أن تكونوا كما كانوا فيصيبكم ما أصابهم ، وكونوا مستقيمين ولا تطغوا ولا تركنوا إلى الظّالمين وأقيموا الصلاة ، فغيّر نظم الكلام إلى هذا الأسلوب الذي في الآية لتفنن فوائده ودقائقه واستقلال أغراضه مع كونها آئلة إلى غرض يعمّمها. وهذا من أبدع أساليب الإعجاز الذي هو كردّ العجز على الصدر من غير تكلّف ولا ظهور قصد.

ويقرب من هذا المعنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم فإنّما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم».

و (لو لا) حرف تحضيض بمعنى (هلّا). وتحضيض الفائت لا يقصد منه إلّا تحذير غيره من أن يقع فيما وقعوا فيه والعبرة بما أصابهم.

والقرون : الأمم. وتقدّم في أوّل الأنعام.

والبقية : الفضل والخير. وأطلق على الفضل البقية كناية غلبت فسارت مسرى الأمثال لأنّ شأن الشيء النفيس أنّ صاحبه لا يفرط فيه.

وبقيّة الناس : سادتهم وأهل الفضل منهم ، قال رويشد بن كثير الطائي :

إنّ تذنبوا ثم تأتيني بقيّتكم

فما عليّ بذنب منكم فوت

ومن أمثالهم «في الزوايا خبايا وفي الرجال بقايا». فمن هنالك أطلقت على الفضل والخير في صفات الناس فيقال : في فلان بقية ، والمعنى هنا : أولو فضل ودين وعلم

٣٤٥

بالشريعة ، فليس المراد الرّسل ولكن أريد أتباع الرسل وحملة الشرائع ينهون قومهم عن الفساد في الأرض.

والفساد : المعاصي واختلاف الأحوال ، فنهيهم يردعهم عن الاستهتار في المعاصي فتصلح أحوالهم فلا يحق عليهم الوهن والانحلال كما حلّ ببني إسرائيل حين عدموا من ينهاهم. وفي هذا تنويه بأصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإنّهم أولو بقيّة من قريش يدعونهم إلى الإيمان حتى آمن كلّهم ، وأولو بقية بين غيرهم من الأمم الذين اختلطوا بهم يدعونهم إلى الإيمان والاستقامة بعد الدخول فيه ويعلّمون الدين ، كما قال تعالى فيهم : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [آل عمران : ١١٠].

وفي قوله : (مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ) إشارة إلى البشارة بأنّ المسلمين لا يكونون كذلك ممّا يومئ إليه قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِكُمْ).

وقرأ ابن جمّاز عن أبي جعفر «بقية» ـ بكسر الباء ـ الموحّدة وسكون القاف وتخفيف التّحتية ـ فهي لغة ولم يذكرها أصحاب كتب اللغة ولعلّها أجريت مجرى الهيئة لما فيها من تخيّل السمت والوقار.

و (إِلَّا قَلِيلاً) استثناء منقطع من (أُولُوا بَقِيَّةٍ) وهو يستتبع الاستثناء من القرون إذ القرون الذين فيهم (أُولُوا بَقِيَّةٍ) ليسوا داخلين في حكم القرون المذكورة من قبل ، وهو في معنى الاستدراك لأنّ معنى التحضيض متوجّه إلى القرون الذين لم يكن فيهم أولو بقية فهم الذين ينعى عليهم فقدان ذلك الصنف منهم. وهؤلاء القرون ليس منهم من يستثنى إذ كلهم غير ناجين من عواقب الفساد ، ولكن لمّا كان معنى التحضيض قد يوهم أنّ جميع القرون التي كانت قبل المسلمين قد عدموا أولي بقية مع أن بعض القرون فيهم أولو بقيّة كان الموقع للاستدراك لرفع هذا الإيهام ، فصار المستثنى غير داخل في المذكور من قبل ، فلذلك كان منقطعا ، وعلامة انقطاعه انتصابه لأنّ نصب المستثنى بعد النفي إذا كان المستثنى منه غير منصوب أمارة على اعتبار الانقطاع إذ هو الأفصح. وهل يجيء أفصح كلام إلّا على أفصح إعراب ، ولو كان معتبرا اتّصاله لجاء مرفوعا على البدلية من المذكور قبله.

و (من) في قوله : (مِمَّنْ أَنْجَيْنا) بيانيّة ، بيان للقليل لأنّ الذين أنجاهم الله من القرون هم القليل الذين ينهون عن الفساد ، وهم أتباع الرسل.

٣٤٦

وفي البيان إشارة إلى أنّ نهيهم عن الفساد هو سبب إنجاء تلك القرون لأنّ النهي سبب السبب إذ النهي يسبّب الإقلاع عن المعاصي الذي هو سبب النجاة.

ودلّ قوله : (مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) على أن في الكلام إيجاز حذف تقديره : فكانوا يتوبون ويقلعون عن الفساد في الأرض فينجون من مسّ النار الذي لا دافع له عنهم.

وجملة (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) معطوفة على ما أفاده الاستثناء من وجود قليل ينهون عن الفساد ، فهو تصريح بمفهوم الاستثناء وتبيين لإجماله. والمعنى : وأكثرهم لم ينهوا عن الفساد ولم ينتهوا هم ولا قومهم واتّبعوا ما أترفوا فيه كقوله تعالى : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) [البقرة : ٣٤] تفصيلا لمفهوم الاستثناء.

وفي الآية عبرة وموعظة للعصاة من المسلمين لأنّهم لا يخلون من ظلم أنفسهم.

واتباع ما أترفوا فيه هو الانقطاع له والإقبال عليه إقبال المتّبع على متبوعه.

وأترفوا : أعطوا التّرف ، وهو السعة والنعيم الذي سهّله الله لهم فالله هو الذي أترفهم فلم يشكروه.

و (كانُوا مُجْرِمِينَ) أي في اتّباع الترف فلم يكونوا شاكرين ، وذلك يحقّق معنى الاتّباع لأنّ الأخذ بالترف مع الشكر لا يطلق عليه أنه اتّباع بل هو تمحّض وانقطاع دون شوبه بغيره. وفي الكلام إيجاز حذف آخر ، والتقدير : فحقّ عليهم هلاك المجرمين ، وبذلك تهيّأ المقام لقوله بعده : (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ) [هود : ١١٧].

(وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧))

عطف على جملة (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ) [هود : ١١٦] لما يؤذنه به مضمون الجملة المعطوف عليها من تعرّض المجرمين لحلول العقاب بهم بناء على وصفهم بالظلم والإجرام ، فعقب ذلك بأن نزول العذاب ممّن نزل به منهم لم يكن ظلما من الله تعالى ولكنهم جرّوا لأنفسهم الهلاك بما أفسدوا في الأرض والله لا يحبّ الفساد.

وصيغة (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ) تدل على قوة انتفاء الفعل ، كما تقدّم عند قوله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ) الآية في آل عمران [٧٩] ، وقوله : (قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) في آخر العقود [١١٦] فارجع إلى ذينك الموضعين.

٣٤٧

والمراد ب (الْقُرى) أهلها ، على طريقة المجاز المرسل كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢].

والباء في (بِظُلْمٍ) للملابسة ، وهي في محل الحال من (رَبُّكَ) أي لمّا يهلك النّاس إهلاكا متلبسا بظلم.

وجملة (وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) حال من (الْقُرى) أي لا يقع إهلاك الله ظالما لقوم مصلحين.

والمصلحون مقابل المفسدين في قوله قبله : (يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) ـ وقوله ـ (وَكانُوا مُجْرِمِينَ) [هود : ١١٦] ، فالله تعالى لا يهلك قوما ظالما لهم ولكن يهلك قوما ظالمين أنفسهم. قال تعالى : (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) [القصص : ٥٩].

والمراد : الإهلاك العاجل الحالّ بهم في غير وقت حلول أمثاله دون الإهلاك المكتوب على جميع الأمم وهو فناء أمة وقيام أخرى في مدد معلومة حسب سنن معلومة.

[١١٨ ، ١١٩] (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩))

لمّا كان النعي على الأمم الذين لم يقع فيهم من ينهون عن الفساد فاتّبعوا الإجرام ، وكان الإخبار عن إهلاكهم بأنّه ليس ظلما من الله وأنهم لو كانوا مصلحين لما أهلكوا ، لمّا كان ذلك كله قد يثير توهّم أن تعاصي الأمم عمّا أراد الله منهم خروج عن قبضة القدرة الإلهية أعقب ذلك بما يرفع هذا التوهّم بأنّ الله قادر أن يجعلهم أمّة واحدة متفقة على الحق مستمرّة عليه كما أمرهم أن يكونوا.

ولكن الحكمة التي أقيم عليها نظام هذا العالم اقتضت أن يكون نظام عقول البشر قابلا للتطوّح بهم في مسلك الضّلالة أو في مسلك الهدى على مبلغ استقامة التفكير والنظر ، والسلامة من حجب الضلالة ، وأن الله تعالى لمّا خلق العقول صالحة لذلك جعل منها قبول الحق بحسب الفطرة التي هي سلامة العقول من عوارض الجهالة والضلال وهي الفطرة الكاملة المشار إليها بقوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) ، وتقدّم الكلام عليها في سورة البقرة [٢١٣]. لم يدّخرهم إرشادا أو نصحا بواسطة الرّسل ودعاة الخير وملقّنيه

٣٤٨

من أتباع الرسل ، وهم أولو البقية الذين ينهون عن الفساد في الأرض ، فمن الناس مهتد وكثير منهم فاسقون ولو شاء لخلق العقول البشرية على إلهام متّحد لا تعدوه كما خلق إدراك الحيوانات العجم على نظام لا تتخطّاه من أوّل النشأة إلى انقضاء العالم ، فنجد حال البعير والشّاة في زمن آدم ـ عليه‌السلام ـ كحالهما في زماننا هذا ، وكذلك يكون إلى انقراض العالم ، فلا شكّ أن حكمة الله اقتضت هذا النظام في العقل الإنساني لأنّ ذلك أوفى بإقامة مراد الله تعالى من مساعي البشر في هذه الحياة الدنيا الزائلة المخلوطة ، لينتقلوا منها إلى عالم الحياة الأبديّة الخالصة إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، فلو خلق الإنسان كذلك لما كان العمل الصالح مقتضيا ثواب النعيم ولا كان الفساد مقتضيا عقاب الجحيم ، فلا جرم أنّ الله خلق البشر على نظام من شأنه طريان الاختلاف بينهم في الأخوة ، ومنها أمر الصلاح والفساد في الأرض وهو أهمّها وأعظمها ليتفاوت الناس في مدارج الارتقاء ويسموا إلى مراتب الزلفى فتتميز أفراد هذا النوع في كل أنحاء الحياة حتى يعد الواحد بألف (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [الأنفال : ٣٧].

وهذا وجه مناسبة عطف جملة (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) على جملتي (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ).

ومفعول فعل المشيئة محذوف لأنّ المراد منه ما يساوي مضمون جواب الشرط فحذف إيجازا. والتقدير : ولو شاء ربك أن يجعل الناس أمّة واحدة لجعلهم كذلك.

والأمّة : الطائفة من الناس الذين اتّحدوا في أمر من عظائم أمور الحياة كالموطن واللّغة والنّسب والدّين. وقد تقدمت عند قوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) في سورة البقرة [٢١٣]. فتفسر الأمّة في كل مقام بما تدل عليه إضافتها إلى شيء من أسباب تكوينها كما يقال : الأمة العربيّة والأمّة الإسلاميّة.

ومعنى كونها واحدة أن يكون البشر كلّهم متّفقين على اتّباع دين الحق كما يدل عليه السياق ، فآل المعنى إلى : لو شاء ربك لجعل الناس أهل ملّة واحدة فكانوا أمّة واحدة من حيث الدّين الخالص.

وفهم من شرط (لو) أنّ جعلهم أمّة واحدة في الدّين منتفية ، أي منتف دوامها على الوحدة في الدّين وإن كانوا قد وجدوا في أوّل النشأة متّفقين فلم يلبثوا حتّى طرأ الاختلاف بين ابني آدم ـ عليه‌السلام ـ لقوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) [البقرة : ٢١٣] وقوله: (وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا) في سورة يونس [١٩] ؛ فعلم أنّ الناس

٣٤٩

قد اختلفوا فيما مضى فلم يكونوا أمّة واحدة ، ثم لا يدري هل يؤول أمرهم إلى الاتّفاق في الدّين فأعقب ذلك بأنّ الاختلاف دائم بينهم لأنّه من مقتضى ما جبلت عليه العقول.

ولمّا أشعر الاختلاف بأنه اختلاف في الدّين ، وأنّ معناه العدول عن الحق إلى الباطل ، لأنّ الحق لا يقبل التعدّد والاختلاف ، عقّب عموم (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) باستثناء من ثبتوا على الدين الحق ولم يخالفوه بقوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) ، أي فعصمهم من الاختلاف.

وفهم من هذا أنّ الاختلاف المذموم المحذّر منه هو الاختلاف في أصول الدّين الذي يترتّب عليه اعتبار المخالف خارجا عن الدين وإن كان يزعم أنّه من متّبعيه ، فإذا طرأ هذا الاختلاف وجب على الأمّة قصمه وبذل الوسع في إزالته من بينهم بكلّ وسيلة من وسائل الحقّ والعدل بالإرشاد والمجادلة الحسنة والمناظرة ، فإن لم ينجع ذلك فبالقتال كما فعل أبو بكر في قتال العرب الذين جحدوا وجوب الزكاة ، وكما فعل عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ في قتال الحروريّة الذين كفروا المسلمين. وهذه الآية تحذير شديد من ذلك الاختلاف.

وأما تعقيبه بقوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) فهو تأكيد بمضمون (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ). والإشارة إلى الاختلاف المأخوذ من قوله : (مُخْتَلِفِينَ) ، واللّام للتعليل لأنّه لمّا خلقهم على جبلّة قاضية باختلاف الآراء والنزعات وكان مريدا لمقتضى تلك الجبلّة وعالما به كما بيّناه آنفا كان الاختلاف علّة غائية لخلقهم ، والعلّة الغائية لا يلزمها القصر عليها بل يكفي أنها غاية الفعل ، وقد تكون معها غايات كثيرة أخرى فلا ينافي ما هنا قوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦] لأنّ القصر هنالك إضافيّ ، أي إلّا بحالة أن يعبدوني لا يشركوا ، والقصر الإضافي لا ينافي وجود أحوال أخرى غير ما قصد الردّ عليه بالقصر كما هو بيّن لمن مارس أساليب البلاغة العربية.

وتقديم المعمول على عامله في قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) ليس للقصر بل للاهتمام بهذه العلّة ، وبهذا يندفع ما يوجب الحيرة في التفسير في الجمع بين الآيتين.

ثم أعقب ذلك بقوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) لأنّ قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) يؤذن بأنّ المستثنى منه قوم مختلفون اختلافا لا رحمة لهم فيه ، فهو اختلاف مضاد للرحمة ، وضدّ النعمة النقمة فهو اختلاف أوجب الانتقام.

٣٥٠

وتمام كلمة الرب مجاز في الصّدق والتحقّق ، كما تقدّم عند قوله تعالى : وتمت كلمات (رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) في سورة الأنعام [١١٥] ، فالمختلفون هم نصيب جهنم.

والكلمة هنا بمعنى الكلام. فكلمة الله : تقديره وإرادته. أطلق عليها (كَلِمَةُ) مجازا لأنّها سبب في صدور كلمة (كن) وهي أمر التكوين. وتقدّم تفصيله في قوله تعالى : وتمت كلمات (رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) في سورة الأنعام [١١٥].

وجملة (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) تفسير للكلمة بمعنى الكلام. وذلك تعبير عن الإرادة المعبّر عنها بالكلام النفسي.

ويجوز أن تكون الكلمة كلاما خاطب به الملائكة قبل خلق الناس فيكون (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) تفسيرا ل (كَلِمَةُ).

و (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) تبعيض ، أي لأملأن جهنم من الفريقين. و (أَجْمَعِينَ) تأكيد لشمول تثنية كلا النوعين لا لشمول جميع الأفراد لمنافاته لمعنى التبعيض الذي أفادته مَنْ).

(وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠))

هذا تذييل وحوصلة لما تقدّم من أنباء القرى وأنباء الرسل ...

فجملة (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) إلى آخرها عطف الإخبار على الإخبار والقصة على القصة ، ولك أن تجعل الواو اعتراضيّة أو استئنافية. وهذا تهيئة لاختتام السورة وفذلكة لما سيق فيها من القصص والمواعظ.

وانتصف (كُلًّا) على المفعولية لفعل (نَقُصُ). وتقديمه على فعله للاهتمام ولما فيه من الإبهام ليأتي بيانه بعده فيكون أرسخ في ذهن السامع.

وتنوين (كُلًّا) تنوين عوض عن المضاف إليه المحذوف المبيّن بقوله : (مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ). فالتقدير : وكلّ نبأ عن الرسل نقصّه عليك ، فقوله : (مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) بيان للتّنوين الذي لحق (كلّا). و (ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) بدل من (كُلًّا).

والقصص يأتي عند قوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) في أوّل سورة يوسف [٣].

٣٥١

والتثبيت : حقيقته التسكين في المكان بحيث ينتفي الاضطراب والتزلزل. وتقدّم في قوله تعالى : (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) في سورة النساء [٦٦] ، وقوله : (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) في سورة الأنفال [١٢] ، وهو هنا مستعار للتقرير كقوله : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة : ٢٦٠].

والفؤاد : أطلق على الإدراك كما هو الشّائع في كلام العرب.

وتثبيت فؤاد الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم زيادة يقينه ومعلوماته بما وعده الله لأن كل ما يعاد ذكره من قصص الأنبياء وأحوال أممهم معهم يزيده تذكرا وعلما بأنّ حاله جار على سنن الأنبياء وازداد تذكرا بأنّ عاقبته النصر على أعدائه ، وتجدّد تسلية على ما يلقاه من قومه من التكذيب وذلك يزيده صبرا. والصبر : تثبيت الفؤاد.

وأنّ تماثل أحوال الأمم تلقاء دعوة أنبيائها مع اختلاف العصور يزيده علما بأنّ مراتب العقول البشريّة متفاوتة ، وأن قبول الهدي هو منتهى ارتقاء العقل ، فيعلم أن الاختلاف شنشنة قديمة في البشر ، وأنّ المصارعة بين الحق والباطل شأن قديم ، وهي من النواميس التي جبل عليها النظام البشري ، فلا يحزنه مخالفة قومه عليه ، ويزيده علما بسموّ أتباعه الذين قبلوا هداه ، واعتصموا من دينه بعراه ، فجاءه في مثل قصة موسى ـ عليه‌السلام ـ واختلاف أهل الكتاب فيه بيان الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين فلا يقعوا فيما وقع فيه أهل الكتاب.

والإشارة من قوله : (فِي هذِهِ) قيل إلى السورة وروي عن ابن عبّاس ، فيقتضي أن هذه السورة كانت أوفى بأنباء الرسل من السور النازلة قبلها وبهذا يجري على قول من يقول : إنها نزلت قبل سورة يونس. والأظهر أن تكون الإشارة إلى الآية التي قبلها وهي (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) ـ إلى قوله ـ (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [هود : ١١٦ ـ ١١٩]. فتكون هذه الآيات الثلاث أول ما نزل في شأن النهي عن المنكر.

على أن قوله : (وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُ) ليس صريحا في أنه لم يجىء مثله قبل هذه الآيات ، فتأمل.

ولعلّ المراد ب (الْحَقُ) تأمين الرسول من اختلاف أمته في كتابه بإشارة قوله : فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ) [هود : ١١٦] المفهم أنّ المخاطبين ليسوا بتلك

٣٥٢

المثابة ، كما تقدّمت الإشارة إليه آنفا.

وتعريفه إشارة إلى حق معهود للنبي ؛ إمّا بأن كان يتطلّبه ، أو يسأل ربه.

والموعظة : اسم مصدر الوعظ ، وهو التّذكير بما يصدّ المرء عن عمل مضرّ.

والذكرى : مجرد التّذكير بما ينفع. فهذه موعظة للمسلمين ليحذروا ذلك وتذكيرا لهم بأحوال الأمم ليقيسوا عليها ويتبصّروا في أحوالها. وتنكير (مَوْعِظَةٌ وَذِكْرى) للتعظيم.

[١٢١ ، ١٢٢] (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢))

عطف على جملة (وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُ) [هود : ١٢٠] الآية ، لأنّها لما اشتملت على أنّ في هذه القصة ذكرى للمؤمنين أمر بأن يخاطب الذين لا يؤمنون بما فيها خطاب الآيس من انتفاعهم بالذكرى الذي لا يعبأ باعراضهم ولا يصدّه عن دعوته إلى الحقّ تألبهم على باطلهم ومقاومتهم الحق. فلا جرم كان قوله : (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) عديلا لقوله : (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) [هود : ١٢٠]. وهذا القول مأمور أن بقوله على لسانه ولسان المؤمنين.

وقوله : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ) هو نظير ما حكي عن شعيب ـ عليه‌السلام ـ في هذه السورة آنفا.

وضمائر (إِنَّا عامِلُونَ) و (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) للنبي والمؤمنين الذين معه.

وفي أمر الله رسوله بأن يقول ذلك على لسان المؤمنين شهادة من الله بصدق إيمانهم. وفيه التفويض إلى رأس الأمّة بأن يقطع أمرا عن أمته ثقة بأنّهم لا يردّون فعله. كما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لهوازن لما جاءوا تائبين وطالبين ردّ سباياهم وغنائمهم «اختاروا أحد الأمرين السبي أو الأموال». فلمّا اختاروا السبي رجع السبي إلى أهله ولم يستشر المسلمين ، ولكنّه جعل لمن يطيب ذلك لهوازن أن يكون على حقه في أوّل ما يجيء من السبي ، فقال المؤمنين : طيّبنا ذلك.

وقوله : (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) تهديد ووعيد ، كما يقال في الوعيد : سوف ترى.

(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ

٣٥٣

وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣))

كلام جامع وهو تذييل للسورة مؤذن بختامها ، فهو من براعة المقطع. والواو عاطفة كلاما على كلام ، أو واو الاعتراض في آخر الكلام ومثله كثير.

واللّام في (لِلَّهِ) للملك وهو ملك إحاطة العلم ، أي لله ما غاب عن علم الناس في السماوات والأرض. وهذا كلام يجمع بشارة المؤمنين بما وعدوا من النعيم المغيب عنهم ، ونذارة المشركين بما توعدوا به من العذاب المغيب عنهم في الدنيا والآخرة.

وتقديم المجرورين في (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ) لإفادة الاختصاص ، أي الله لا غيره يملك غيب السماوات والأرض ، لأنّ ذلك ممّا لا يشاركه فيه أحد. وإلى الله لا إلى غيره يرجع الأمر كله ، وهو تعريض بفساد آراء الذين عبدوا غيره ، لأنّ من لم يكن كذلك لا يستحق أن يعبد ، ومن كان كذلك كان حقيقا بأن يفرد بالعبادة.

ومعنى إرجاع الأمر إليه : أنّ أمر التّدبير والنصر والخذلان وغير ذلك يرجع إلى الله ، أي إلى علمه وقدرته ، وإن حسب الناس وهيئوا فطالما كانت الأمور حاصلة على خلاف ما استعد إليه المستعد ، وكثيرا ما اعتزّ العزيز بعزّته فلقي الخذلان من حيث لا يرتقب ، وربّما كان المستضعفون بمحل العزة والنصرة على أولي العزة والقوة.

والتعريف في (الْأَمْرُ) تعريف الجنس فيعمّ الأمور ، وتأكيد الأمر ب (كُلُّهُ) للتّنصيص على العموم.

وقرأ من عدا نافعا (يُرْجَعُ) ببناء الفعل بصيغة النائب ، أي يرجع كل ذي أمر أمره إلى الله. وقرأه نافع بصيغة الفاعل على أن يكون (الأمر) هو فاعل الرجوع ، أي يرجع هو إلى الله.

وعلى كلتا القراءتين فالرجوع تمثيل لهيئة عجز الناس عن التصرف في الأمور حسب رغباتهم بهيئة متناول شيء للتصرّف به ثم عدم استطاعته التصرف به فيرجعه إلى الحري بالتصرف به ، أو تمثيل لهيئة خضوع الأمور إلى تصرف الله دون تصرّف المحاولين التصرف فيها بهيئة المتجوّل الباحث عن مكان يستقرّ به ثم إيوائه إلى المقرّ اللائق به ورجوعه إليه ، فهي تمثيلية مكنية رمز إليها بفعل (يُرْجَعُ) وتعديته ب (إِلَيْهِ).

وتفريع أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعبادة الله والتوكّل عليه على رجوع الأمر كله إليه ظاهر ، لأنّ

٣٥٤

الله هو الحقيق بأن يعبد وأن يتوكّل عليه في كلّ مهم. وهو تعريض بالتخطئة للذين عبدوا غيره وتوكّلوا على شفاعة الآلهة ونفعها. ويتضمّن أمر النبي عليه الصلاة والسّلام بالدّوام على العبادة والتوكّل.

والمراد أن يعبده دون غيره ويتوكّل عليه دون غيره بقرينة (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) ، وبقرينة التفريع لأنّ الذي يرجع إليه كل أمر لا يعقل أن يصرف شيء من العبادة ولا من التوكّل إلى غيره ، فلذلك لم يؤت بصيغة تدل على تخصيصه بالعبادة للاستغناء عن ذلك بوجوب سبب تخصيصه بهما.

وجملة (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) فذلكة جامعة ، فهو تذييل لما تقدّم. والواو فيه كالواو في قوله : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فإنّ عدم غفلته عن أيّ عمل أنّه يعطي كل عامل جزاء عمله إن خيرا فخير وإنّ شرا فشرّ ، ولذلك علّق وصف الغافل بالعمل ولم يعلّق بالذوات نحو : بغافل عنكم ، إيماء إلى أنّ على العمل جزاء.

وقرأ نافع ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم ، وأبو جعفر ، ويعقوب «عمّا تعملون» ـ بتاء فوقية ـ خطابا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والناس معه في الخطاب. وقرأ من عداهم بالمثنّاة التحتيّة على أن يعود الضمير إلى الكفّار فهو تسلية للنبي ـ عليه الصلاة والسّلام ـ وتهديد للمشركين.

٣٥٥
٣٥٦

محتوى الجزء الحادي عشر

من كتاب تفسير التحرير والتنوير

سورة يونس

أغراض السورة................................................................... ٦

(الر)......................................................................... ٨

(تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ)................................................... ٨

(أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ ـ إلى ـ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ).... ١٠

(قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لسحر مبين)............................................ ١٢

(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ـ إلى ـ أَفَلا تَذَكَّرُونَ).................. ١٣

(إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ـ إلى ـ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ)....................... ١٥

(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً ـ إلى ـ نفصل الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).................. ١٨

(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ـ إلى ـ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ).......................... ٢٢

(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ـ إلى ـ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).................. ٢٣

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ـ إلى ـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)................ ٢٥

(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ ـ إلى ـ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ).......................... ٢٩

(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ ـ إلى ـ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)............ ٣٢

(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ ـ إلى ـ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ).............. ٣٥

(ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ.................... ٣٦

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ـ إلى ـ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).. ٣٧

(قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ ـ إلى ـ أَفَلا تَعْقِلُونَ).............................. ٤٠

٣٥٧

(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ـ إلى ـ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ)................ ٤٤

(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ ـ إلى ـ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)........... ٤٥

(وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً ـ إلى ـ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).............. ٤٧

(وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ـ إلى ـ إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).............. ٤٩

(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً ـ إلى ـ إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ)...................... ٥١

(هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ـ إلى ـ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ)...... ٥٤

(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ ـ إلى ـ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)....................... ٥٨

(إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا ـ إلى ـ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)................ ٥٩

(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)................. ٦٢

(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى ـ إلى ـ هُمْ فِيها خالِدُونَ)................................. ٦٣

(وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ ـ إلى ـ هُمْ فِيها خالِدُونَ)................................. ٦٥

(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ـ إلى ـ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ)........................ ٦٦

(هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ)............................................. ٧٠

(وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ)................................................. ٧٠

(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)................................................. ٧١

(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ـ إلى ـ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ)....................... ٧١

(فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُ ـ إلى ـ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ).................................... ٧٣

(كذلك حقت كلمات رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)................... ٧٥

(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ـ إلى ـ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)....................... ٧٥

(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ ـ إلى ـ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).......... ٧٦

(وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ـ إلى ـ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ)......................... ٧٩

(وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ ـ إلى ـ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ)..... ٨١

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ـ إلى ـ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).................... ٨٣

(بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ـ إلى ـ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)............. ٨٤

٣٥٨

(وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ)................ ٨٧

(وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي ـ إلى ـ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ)......................... ٨٨

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ـ إلى ـ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ).......................... ٨٩

(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)....................... ٩٢

(ويوم نحشرهم كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا ـ إلى ـ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ)........................... ٩٢

(وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ ـ إلى ـ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ)............... ٩٤

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)......... ٩٧

(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ـ إلى ـ وَلا يَسْتَقْدِمُونَ).................. ٩٩

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً ـ إلى ـ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ)................... ١٠١

(ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ)...... ١٠٤

(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)................. ١٠٤

(وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ).......................... ١٠٥

(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ـ إلى ـ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)...................... ١٠٧

(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ـ إلى ـ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)....... ١٠٨

(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)................. ١١١

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ ـ إلى ـ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ).................. ١١٥

(وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ـ إلى ـ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ)........ ١١٧

(وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ ـ إلى ـ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)............. ١١٨

(أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ـ إلى ـ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)................. ١٢٢

(وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)...................... ١٢٦

(أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ ـ إلى ـ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)...................... ١٢٩

(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ـ إلى ـ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ).. ١٣٠

(قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ ـ إلى ـ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).............. ١٣٢

(قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ـ إلى ـ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ)................. ١٣٥

٣٥٩

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ ـ إلى ـ ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ)................... ١٣٧

(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ ـ إلى ـ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).......... ١٤٢

(فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ ـ إلى ـ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ)................ ١٤٣

(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ ـ إلى ـ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ)..... ١٤٥

(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى ـ إلى ـ وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ).......................... ١٤٦

(فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا ـ إلى ـ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ)....................... ١٤٨

(قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا ـ إلى ـ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ)......... ١٥٠

(وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ ـ إلى ـ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)................ ١٥١

(فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ ـ إلى ـ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ).................. ١٥٦

(وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ ـ إلى ـ وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).. ١٥٨

(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ ـ إلى ـ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).............................. ١٦٠

(وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ ـ إلى ـ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ)............. ١٦٣

(قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)........... ١٦٧

(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ ـ إلى ـ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ).......................... ١٦٨

(آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ـ إلى ـ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ)............. ١٧٠

(وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ـ إلى ـ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)............... ١٧٤

(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ ـ إلى ـ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ)................. ١٧٦

(إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كلمات ربك ـ إلى ـ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ)............. ١٧٨

(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها ـ إلى ـ وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)............... ١٧٩

(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ذ ١٨٢

(وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ)...... ١٨٤

(قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) ١٨٥

٣٦٠