مصباح الفقيه - ج ٥

الشيخ آقا رضا الهمداني

مصباح الفقيه - ج ٥

المؤلف:

الشيخ آقا رضا الهمداني


المحقق: المؤسّسة الجعفريّة لإحياء التراث ـ قم المقدّسة
الموضوع : الفقه
الناشر: المؤسّسة مهدي موعود « عج »
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

إجماع علمائنا عليه (١).

ففي موثّقة إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها» (٢).

وخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «مشى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خلف جنازة ، فقيل :يا رسول الله مالك تمشي خلفها؟ فقال : إنّ الملائكة رأيتهم يمشون أمامها ونحن نتبع (٣) لهم» (٤).

ورواية سدير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «من أحبّ أن يمشي مشي (٥) الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير» (٦).

ويظهر من بعض الأخبار كراهة التقدّم ، كخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم‌السلام قال : «سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم ، خالفوا أهل الكتاب» (٧).

وعن المقنع أنّه روي «اتبع الجنازة ولا تتبعكم فإنّه من عمل المجوس» (٨).

وعن الفقه الرضوي «إذا حضرت جنازة فامش خلفها ولا تمش أمامها ، و

__________________

(١) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ٢٦٦ ، وانظر : جامع المقاصد ١ : ٤١٥.

(٢) الكافي ٣ : ١٦٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٣١١ / ٩٠٢ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

(٣) في المصدر : «تبع» بدل «نتبع».

(٤) الكافي ٣ : ١٦٩ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣١١ / ٩٠٣ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

(٥) في المصدر : «ممشى» بدل «مشي».

(٦) الكافي ٣ : ١٧٠ / ٦ ، التهذيب ١ : ٣١١ ـ ٣١٢ / ٩٠٤ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب الدفن ، الحديث ٣.

(٧) التهذيب ١ : ٣١١ / ٩٠١ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب الدفن ، الحديث ٤.

(٨) المقنع : ٦٠ ، الوسائل : الباب ٥ من أبواب الدفن ، الحديث ٦.

٣٦١

إنّما يؤجر من تبعها لا من تبعته» (١).

لكن ظاهر بعض الروايات عدم الكراهة ، كما عن المعتبر والذكرى (٢) التصريح بذلك.

كخبر محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته عن المشي مع الجنازة ، فقال : «بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها» (٣).

ويقرب منه خبره (٤) الآخر.

وفي ذيل موثّقة إسحاق ، المتقدّمة (٥) قال : «ولا بأس أن يمشي بين يديها».

وفي خبر الحسين بن عثمان أنّ الصادق عليه‌السلام تقدّم سرير ابنه إسماعيل بلا حذاء» (٦).

وفي جملة من الأخبار التفصيل بين جنازة المؤمن وغيره ، فلا يكره المشي أمام جنازة المؤمن ، ويكره في غيره.

ففي رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل كيف أصنع إذا خرجت مع الجنازة أمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها؟ فقال : «إن كان

__________________

(١) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٦٩ ، مستدرك الوسائل ، الباب ٤ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

(٢) الحاكي عنهما هو صاحب كشف اللثام فيه ٢ : ٣٢٦ ـ ٣٢٧ ، وانظر : المعتبر ١ : ٢٩٣ ، والذكرى ١ : ٣٩١.

(٣) الكافي ٣ : ١٦٩ ـ ١٧٠ / ٤ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

(٤) الكافي ٣ : ١٧٠ / ٥ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

(٥) في ص ٣٦١ ، وفي التهذيب دون الكافي.

(٦) الكافي ٣ : ٢٠٤ / ٥ ، التهذيب ١ : ٤٦٣ / ١٥١٣ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٧.

٣٦٢

مخالفا فلا تمش أمامه ، فإنّ ملائكة العذاب يستقبلونه بألوان العذاب» (١).

ورواية يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «امش أمام جنازة المسلم العارف ، ولا تمش أمام جنازة الجاحد ، فإنّ أمام جنازة المسلم ملائكة يسرعون به إلى الجنّة ، وأنّ أمام جنازة الكافر ملائكة يسرعون به إلى النار» (٢).

ورواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام كيف أصنع إذا خرجت مع الجنازة أمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها؟ فقال : «إن كان مخالفا فلا تمش أمامه ، فإنّ ملائكة العذاب يستقبلونه بأنواع العذاب» (٣).

ورواية قرب الإسناد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام عن عليّ عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا لقيت جنازة مشرك فلا تستقبلها ، خذ عن يمينها وشمالها» (٤).

فلا ريب في كراهة المشي أمام جنازة غير المؤمن ، وأمّا المؤمن فالظاهر عدم الكراهة ، لكنّ الأفضل ما عرفت ، لما عرفت.

ويستحبّ للمشيّع التفكّر في ماله والاتّعاظ بالموت والتخشّع. ويكره له الضحك واللهو واللعب.

ففي خبر عجلان أبي صالح ، قال : قال له الصادق عليه‌السلام : «يا أبا صالح إذا أنت حملت جنازة فاذكر كأنّك المحمول ، وكأنّك سألت ربّك الرجوع إلى الدنيا ففعل ، فانظر ماذا تستأنف؟» قال : ثمّ قال : «عجب لقوم حبس أوّلهم عن آخرهم ثمّ نودي

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٠ / ٧ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب الدفن ، الحديث ٣.

(٢) الكافي ٣ : ١٦٩ / ٢ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب الدفن ، الحديث ٤.

(٣) التهذيب ١ : ٣١٢ / ٩٠٥ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب الدفن ، الحديث ٥.

(٤) قرب الإسناد : ١٣٩ / ٤٩٣ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب الدفن ، الحديث ٨.

٣٦٣

فيهم بالرحيل وهم يلعبون» (١).

وروي أنّ عليّا عليه‌السلام شيّع جنازة فسمع رجلا يضحك ، فقال : «كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب» (٢).

ويكره للمشيّع الجلوس حتى يوضع الميّت في لحده ، ذكره جملة من الأصحاب ، لما رواه عبد الله بن سنان ـ في الصحيح ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ينبغي لمن شيّع جنازة أن لا يجلس حتّى يوضع في لحده ، فإذا وضع في لحده فلا بأس بالجلوس» (٣).

خلافا للمحكيّ عن ظاهر الشيخ وابن الجنيد (٤) فلم يكرهاه ، للأصل.

وخبر عبادة بن صامت أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان في جنازة لم يجلس حتى يوضع في اللحد ، فاعترض بعض اليهود وقال : إنّا نفعل ذلك ، فجلس وقال :«خالفوهم» (٥).

وأجيب عن الرواية بأنّ دلالتها على خلاف المدّعى أولى ، لأنّ «كان» تدلّ على الدوام ، والجلوس في الواقعة الخاصّة إنّما وقع لإظهار المخالفة وأيضا بأنّ

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٥٨ ـ ٢٥٩ / ٢٩ ، الوسائل ، الباب ٥٩ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

(٢) نهج البلاغة ـ بشرح محمد عبده ـ ٣ : ١٧٩ / ١٢٢ ، مستدرك الوسائل ، الباب ٥٣ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

(٣) التهذيب ١ : ٤٦٢ / ١٥٠٩ ، الوسائل ، الباب ٤٥ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

(٤) الحاكي عنهما هو البحراني في الحدائق الناضرة ٤ : ٧٧ ، وكذا الشهيد في الذكرى ١ : ٣٩٦ ، وانظر : الخلاف ١ : ٧١٩ ، المسألة ٥٣٤.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٤٩٣ / ١٥٤٥ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٤ / ٣١٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٤٠ / ١٠٢٠.

٣٦٤

القول أقوى من الفعل (١).

ويمكن أن يمنع ظهور الصحيحة في الكراهة ، فإنّ ظاهر صدرها استحباب عدم الجلوس ، لا كراهة الجلوس ، وظهوره في ذلك يمنع ذيلها من ظهور مفهومه في إرادة البأس الملزوم للكراهة.

ألا ترى أنّك لو أردت أن تخبر عن استحباب عدم الجلوس لا تعبّر غالبا إلّا بما يقرب من هذه العبارة ، وإن أردت أن تخبر عن كراهة الجلوس تعبّر بلفظ «لا ينبغي» وأشباهه.

فعلى هذا يكون ترك الجلوس مستحبّا ، والجلوس بعنوان المخالفة لليهود أفضل.

ويؤيّد عدم كراهة الجلوس بل يدلّ عليه : حديث داود بن النعمان أنّ أبا الحسن عليه‌السلام لمّا انتهى إلى القبر تنحّى وجلس ، فلمّا ادخل الميّت لحده قام فحثا التراب عليه ثلاث مرّات بيده (٢).

ويكره لغير صاحب المصيبة أن يمشي مع الجنازة بغير رداء ، والمراد به على الظاهر كونه بزيّ صاحب المصيبة.

وأمّا صاحب المصيبة فإنّه ينبغي له أن يضع رداءه ليتميّز عن غيره فيقصده الناس للتعزية.

كما يدلّ عليه مرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليه‌السلام قال : «ينبغي لصاحب

__________________

(١) أجاب به الشهيد في الذكرى ١ : ٣٩٧.

(٢) الكافي ٣ : ١٩٨ / ١ ، الوسائل ، الباب ٢٩ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

٣٦٥

المصيبة أن يضع رداءه حتّى يعلم الناس أنّه صاحب المصيبة» (١).

وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداء ، وأن يكون في قميص حتّى يعرف» (٢).

ورواية الحسين بن عثمان ، قال : لمّا مات إسماعيل بن أبي عبد الله عليه‌السلام خرج أبو عبد الله عليه‌السلام فتقدّم السرير بلا رداء وحذاء (٣).

وقضيّة العلّة المنصوصة في الروايات استحباب مطلق تغيير زيّه على وجه يعرف به كونه صاحب المصيبة.

ويدلّ على كراهته لغير صاحب المصيبة ما روي عن الفقيه مرسلا ، قال :قال الصادق عليه‌السلام : «ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره» (٤).

ورواية السكوني عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة لا أدري أيّهم أعظم جرما : الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء ، والذي يقول : قفوا ، والذي يقول : استغفروا له غفر الله لكم» (٥).

وعن الخصال بسنده عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق عليه‌السلام أيضا : «ثلاثة لا أدري أيّهم أعظم جرما : الذي يمشي خلف جنازة في مصيبة غيره بغير رداء ، والذي يضرب يده على فخذه عند المصيبة ، والذي يقول : ارفقوا به

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٠٤ / ٦ ، التهذيب ١ : ٤٦٣ / ١٥١٤ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٨.

(٢) الفقيه ١ : ١١٠ / ٥٠٩ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب الاحتضار ، الحديث ١.

(٣) الكافي ٣ : ٢٠٤ / ٥ ، التهذيب ١ : ٤٦٣ / ١٥١٣ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٧.

(٤) الفقيه ١ : ١١١ / ٥١٠ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٢.

(٥) التذهيب ١ : ٤٦٢ / ١٥٠٧ ، الوسائل ، الباب ٤٧ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٢.

٣٦٦

وترحّموا عليه رحمكم الله» (١).

لكن روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه مشى في جنازة سعد بن معاذ بلا حذاء ولا رداء ، فسئل عن ذلك ، فقال : «إنّي رأيت الملائكة يمشون بالحذاء ولا رداء» (٢).

فلا يبعد رجحانه في جنازة الأعاظم من الأولياء والعلماء لأجل التأسّي ، أو لأجل كون كلّ أحد في الحقيقة صاحب المصيبة عند موتهم ، والله العالم.

ثمّ إنّ ما تضمّنته رواية السكوني من قوله : «قفوا» لا يبعد أن يكون مصحّف «ارفقوا» كما في رواية الخصال.

ويؤيّده ما في محكيّ المعتبر عن عليّ بن بابويه في رسالته : وإيّاك أن تقول : ارفقوا به أو ترحّموا عليه ، أو تضرب يدك على فخذك فيحبط أجرك (٣).

وفي الحدائق حكاه بعينه عن الفقه الرضوي ، إلّا أنّه زاد في آخره. «عند المصيبة» (٤).

وكيف كان فلم يتّضح وجه الكراهة في قوله : «استغفروا له» أو «ترحّموا عليه» وكذا في قوله : «قفوا» أو «ارفقوا» وإن ذكر في محكيّ (٥) البحار في توجيهه بعض ما لا يخلو عن تأمّل ، فالإنصاف عدم خلوّه عن تشابه.

والأولى ردّ علمه إلى أهله ، والتجنّب عن التلفّظ بهذه الفقرات تعبّدا وإن

__________________

(١) الخصال : ١٩١ / ٢٦٥ ، الوسائل ، الباب ٤٧ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٣.

(٢) الفقيه ١ : ١١١ / ٥١٢ ، المحاسن : ٣٠١ / ٩ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٤.

(٣) الحاكي هو البحراني في الحدائق الناضرة ٤ : ٧٦ ، وكذا صاحب الجواهر فيها ٤ : ٢٧٠ ، وانظر :المعتبر ١ : ٢٩٤.

(٤) الحدائق الناضرة ٤ : ٧٦ ، وانظر : الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٦٨.

(٥) الحاكي هو البحراني في الحدائق الناضرة ٤ : ٧٧ ، وانظر : البحار ٨١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢.

٣٦٧

كان الاستغفار والترحّم عليه في حدّ ذاته راجحا ، كما أنّ الإرفاق في المشي بمعنى الاقتصاد فيه أيضا كذلك ، لما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله «عليكم بالسكينة ، عليكم بالقصد في المشي بجنازتكم» (١) بل حكي عن الشيخ دعوى الإجماع على كراهة الإسراع بالجنازة (٢). وكفى بهما دليلا في مثل المقام.

وحكي عن الجعفي أنّه قال : السعي بها أفضل (٣).

وعن ابن الجنيد أنّه قال : يمشي بها خببا (٤).

قيل : السعي : العدو ، والخبب ضرب منه (٥).

واستشهد لهما بما رواه الصدوق عن الصادق عليه‌السلام «إنّ الميّت إذا كان من أهل الجنّة نادى عجّلوني في قبري ، وإن كان من أهل النار نادى ردّوني» (٦).

وفي شهادته على مدّعاهما نظر ، فلا يلتفت إلى قولهما في مقابل ما عرفت.

(و) من المقدّمات المسنونة : (أن تربّع الجنازة) بكسر الجيم : سرير الميّت.

وقيل : الميّت بسريره (٧).

وبفتحها : الميّت.

__________________

(١) الأمالي ـ للطوسي ـ : ٣٨٣ / ٨٢٧ ـ ٧٨ ، الوسائل ، الباب ٦٤ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

(٢) الحاكي عنه هو العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٣١٧ ، المسألة ٢٠٤ ، وكذا الشهيد في الذكرى ١ : ٣٩٤ ، وانظر : الخلاف ١ : ٧١٨ ، المسألة ٥٣٢.

(٣) حكاه عنه الشهيد في الذكرى ١ : ٣٩٤.

(٤) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٣١٧ ، المسألة ٢٠٤ ، وكذا الشهيد في الذكرى ١ : ٣٩٤.

(٥) القائل بذلك هو الشهيد في الذكرى ١ : ٣٩٤.

(٦) الفقيه ١ : ١٢٣ / ٥٩٢.

(٧) القائل بذلك هو الشهيد في الذكرى ١ : ٣٨٥.

٣٦٨

وأمّا تربيع الجنازة فله معنيان ، ولا تأمّل في استحبابه بكلا معنييه.

أحدهما : حمل الجنازة من أربع جوانبها بأربعة أشخاص في مقابل حملها ـ مثلا ـ بين عمودين بشخصين ، فلعلّ استحبابه عندنا مجمع عليه ، كما ادّعاه بعضهم على ما في الجواهر (١) ، بل صرّح بعض بكونه مورد اتّفاق النصّ والفتوى.

ويدلّ عليه رواية جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «السنّة أن يحمل السرير من جوانبه الأربعة ، وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوّع» (٢).

ومثلها المرسلة الآتية (٣).

ويمكن استفادته أيضا من غيرها من الروايات الآتية وإن لم تكن مسوقة لبيان هذا الحكم ، كما لا يخفى على المتأمّل.

ثانيهما : أن يربّع الحامل في حملها بأن يحمل كلّ جانب من الجوانب الأربعة بالتناوب. واستحبابه ممّا لا خلاف فيه ظاهرا نصّا وفتوى.

ويحتمل إرادته من الرواية المتقدّمة وإن بعد.

ويدلّ عليه جملة من الأخبار :ففي صحيحة جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر الله له أربعين كبيرة» (٤).

ومرسلة عيسى بن راشد عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : «من أخذ

__________________

(١) جواهر الكلام ٤ : ٢٧٣.

(٢) الكافي ٣ : ١٦٨ / ٢ ، التهذيب ١ : ٤٥٣ / ١٤٧٦ ، الإستبصار ١ : ٢١٦ / ٧٦٥ ، الوسائل ، الباب ٧. من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

(٣) في ص ٣٧٠.

(٤) الكافي ٣ : ١٧٤ (باب ثواب من حمل جنازة) الحديث ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٤ / ١٤٧٩ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

٣٦٩

بجوانب السرير الأربعة غفر الله له أربعين كبيرة» (١).

ومرسلة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام «من أخذ بقائمة السرير غفر الله له خمسا وعشرين كبيرة ، وإذا ربّع خرج من الذنوب» (٢).

ومرسلة الصدوق ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «من حمل جنازة الميّت بجوانب السرير الأربعة محا الله عنه أربعين كبيرة من الكبائر ، والسنّة أن يحمل السرير من جوانبه الأربعة ، وما كان بعد ذلك فهو تطوّع» (٣).

ورواية إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : «إذا حملت جوانب السرير سرير الميّت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمّك» (٤).

ورواية سليمان بن صالح عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من أخذ بقائمة السرير غفر الله له خمسا وعشرين كبيرة ، فإذا ربّع خرج من الذنوب» (٥).

ولا يشترط فيه البدأة بجانب معيّن من جوانبه الأربعة ، بل تتأدّى السنّة بحمل الجوانب مطلقا كيفما اتّفق.

كما يدلّ عليه صحيحة الحسين بن سعيد أنّه كتب إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام يسأله عن سرير الميّت يحمل إله جانب يبدأ به في الحمل من جوانبه الأربعة أو ما خفّ على الرجل يحمل من أيّ الجوانب شاء؟ فكتب «من أيّها

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٤ / ٣ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الدفن ، الحديث ٣.

(٢) الكافي ٣ : ١٧٤ (باب ثواب من حمل جنازة) الحديث ٢ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الدفن ، الحديث ٤.

(٣) الفقيه ١ : ٩٩ / ٤٦١ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الدفن ، الحديث ٦.

(٤) الفقيه ١ : ١٠٠ / ٤٦٣ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الدفن ، الحديث ٧.

(٥) ثواب الأعمال : ٢٣٣ / ١ (ثواب تربيع الجنازة) الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الدفن ، الحديث ٨.

٣٧٠

شاء» (١).

(و) لكنّ الأفضل أن (يبدأ بمقدّمها الأيمن) أي الجنازة التي هي عبارة عن الميّت أو سريره مع ما فيه ، أي الميّت بسريره على تقدير كونه بكسر الجيم.

والمراد بجانبها الأيمن على هذا التقدير يمينها بعد فرض السرير مع الميّت بمنزلة شخص مستلقيا على قفاه ، فيتّحد مع الأوّل ، فيبدأ بمقدّمها الأيمن الذي هو يسار السرير عرفا ويمينه بعد فرض تبعيّته للميّت ، فيضعه على عاتقه الأيمن ويخرج باقي بدنه ، ثمّ ينتقل إلى مؤخّرها الأيمن فيضعه على عاتقه الأيمن أيضا كذلك (ثمّ يدور من ورائها إلى الجانب الأيسر) الذي هو يمين السرير ، فيضع مؤخّره الأيسر على عاتقه الأيسر ثمّ ينتقل إلى مقدّمها الأيسر كذلك ، فينتهي به الدور.

وهذه الكيفيّة هي المشهورة بين الأصحاب على ما في كشف اللثام (٢). وعن ظاهر الشيخ في الخلاف (٣) اختياره.

وربما يظهر من غير واحد منهم عكس هذا الترتيب ، كما يحتمله عبارة المتن ، بل في الحدائق نسبه إلى المشهور ، وحكى عن الشيخ في النهاية والمبسوط اختياره ودعوى الإجماع عليه (٤).

وربما تكلّف بعضهم في الجمع بين كلماتهم المختلفة وإرجاع بعضها إلى

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٠٠ / ٤٦٥ ، التهذيب ١ : ٤٥٣ ـ ٤٥٤ / ١٤٧٧ ، الإستبصار ١ : ٢١٦ / ٧٦٦ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

(٢) كشف اللثام ٢ : ٣٢٨.

(٣) الخلاف ١ : ٧١٨ ، المسألة ٥٣١.

(٤) الحدائق الناضرة ٤ : ٩٢ ، وانظر : النهاية : ٣٧ ، والمبسوط ١ : ١٨٣.

٣٧١

بعض بما لا يهمّنا تحقيقه ، إذ الظاهر بل المتيقّن كون المسألة خلافيّة ، ومنشؤه اختلاف الأخبار حيث يستفاد من جملة منها الكيفيّة المذكورة.

كخبر الفضل بن يونس ، قال : سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن تربيع الجنازة ، فقال : «إذا كنت في موضع تقيّة فابدأ باليد اليمنى ثمّ بالرّجل اليمني ثمّ ارجع من مكانك إلى ميامن الميّت لا تمرّ خلف رجليه البتّة حتى تستقبل الجنازة فتأخذ بيده اليسرى ثمّ رجله اليسرى ثمّ ارجع من مكانك لا تمرّ خلف الجنازة البتّة حتى تستقبلها تفعل كما فعلت أوّلا ، وإن لم تكن تتّقي فيه فإنّ تربيع الجنازة ، الذي جرت به السنّة أن تبدأ باليد اليمنى ثمّ بالرّجل اليمنى ثمّ بالرّجل اليسرى ثمّ باليد اليسرى حتّى تدور حولها» (١).

وخبر عليّ بن يقطين عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «السنّة في حمل الجنازة أن تستقبل جانب السرير بشقّك الأيمن فتلزم الأيسر بكتفك (٢) الأيمن ثمّ تمرّ عليه إلى الجانب الآخر ، وتدور من خلفه إلى الجانب الثالث من السرير ثمّ تمرّ عليه إلى الجانب الرابع ممّا يلي يسارك» (٣).

وعن الفقه الرضوي أنّه قال : وربّع الجنازة فإنّ من ربع جنازة مؤمن حطّ الله تعالى [عنه] (٤) خمسا وعشرين كبيرة ، فإذا أردت أن تربّعها فابدأ بالشقّ الأيمن فخذه بيمينك ثمّ تدور إلى المؤخّر فتأخذه بيمينك ثمّ تدور إلى المؤخّر الثاني

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٦٨ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ ـ ٤٥٣ / ١٤٧٣ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الدفن ، الحديث ٣.

(٢) في «ض ٧ ، ٨» وما عدا الكافي : «بكفّك».

(٣) الكافي ٣ : ١٦٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٣ / ١٤٧٥ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الدفن ، الحديث ٤.

(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.

٣٧٢

فتأخذه بيسارك ثمّ تدور إلى المقدّم الأيسر فتأخذه بيسارك ثمّ تدور على الجنازة كدور كفّي الرحى (١).

ولعلّ المراد من تشبيه دوران حولها بدور كفّي الرحى لا بدوران الرحى مدار قطبه وقوفه بعد انتهاء الدورة الأولى حتى تتقدّمه الجنازة أو رجوعه من خلف الجنازة إلى مكانه الأوّل ، فيبتدئ بالدورة الثانية كي يتمّ التشبيه بالنسبة إلى الكفّ التحتاني من الكفّين ، فيكون المقصود بذلك على هذا التقدير التحرّز عن استقبال الجنازة ، كما يصنعه العامّة على ما في الخبر السابق (٢).

وكيف كان فهذه الروايات كادت تكون صريحة في الترتيب المذكور.

وممّا يدلّ على عكس هذا الترتيب صحيحة ابن أبي يعفور ـ المحكيّة عن جامع البزنطي ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «السنّة أن تستقبل الجنازة من جانبها الأيمن وهو ممّا يلي يسارك ثمّ تصير إلى مؤخّره وتدور عليه حتّى ترجع إلى مقدّمه» (٣).

وهذه الصحيحة كما تراها كادت تكون صريحة في العكس.

وما ذكره بعض في توجيهها بحيث أرجعها الى المعنى الأوّل كاد أن يكون ممّا يعلم بعدم إرادته من الرواية.

ويدلّ عليه أيضا رواية العلاء بن سيابة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «تبدأ في حمل السرير من الجانب الأيمن ثمّ تمرّ من خلفه إلى الجانب الآخر ثمّ تمرّ حتى

__________________

(١) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٤ : ٩٤ ، وانظر الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٧٠.

(٢) أي : خبر الفضل بن يونس ، المتقدّم في ص ٣٧٢.

(٣) السرائر ٣ : ٥٧٦ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

٣٧٣

ترجع إلى المقدّم كذلك دوران الرحى عليه» (١).

لكن هذه الرواية غير آبية عن التأويل ، إذ لا يبعد أن يكون المراد بالجانب الأيمن من الميّت لا سريره وإن كان الظاهر خلافه.

والأقوى في المسألة التخيير بين الكيفيّتين ، إذ لا معارضة في المستحبّات ، فإنّ ما يدلّ على استحباب البدأة من يسار السرير لا ينافي استحباب عكسه أيضا ، فلا مقتضي لتأويل شي‌ء من الروايات فضلا عن طرحها ، فغاية الأمر أنّ مقتضى استحباب كلّ من الكيفيّتين كون المكلّف مخيّرا في إيجادهما بحكم العقل ، ولا ضير فيه ، وحيث إنّ المراد باستحباب كلّ من الكيفيّتين أفضليّة اختياره في امتثال الأمر بالتربيع الذي عرفت استحبابه مطلقا تكون أفضليّته بالإضافة إلى ما عدا عكسه من صور التربيع ، والله العالم.

(و) منها : (أن يعلم المؤمنون بموت المؤمن).

ففي صحيحة ابن سنان أو حسنته عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ينبغي لأولياء الميّت منكم أن يؤذنوا إخوان الميّت بموته فيشهدون جنازته ويصلّون عليه ويستغفرون له فيكتب لهم الأجر ويكتب للميّت الاستغفار ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب له (٢) من الاستغفار» (٣).

وخبر ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الجنازة يؤذن

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٦٩ (باب السنّة في حمل الجنازة) الحديث ٤ ، التهذيب ١ : ٤٥٣ / ١٤٧٤ ، الإستبصار ١ : ٢١٦ / ٧٦٣ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الدفن ، الحديث ٥.

(٢) في الطبعة الحجريّة والكافي : «لميّتهم» بدل «له».

(٣) الكافي ٣ : ١٦٦ / ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ / ١٤٧٠ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث ١.

٣٧٤

بها الناس؟ قال : «نعم» (١).

ومرسلة القاسم بن محمّد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ الجنازة يؤذن بها الناس» (٢).

(و) منها : (أن يقول المشاهد للجنازة) حامدا لله تعالى على ما أنعم به من الحياة : ما قاله عليّ بن الحسين عليهما‌السلام فيما رواه أبو حمزة ، قال : كان عليّ بن الحسين عليه‌السلام إذا رأى جنازة قد أقبلت قال : «(الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم)» (٣).

قيل : السواد يطلق تارة على الشخص ، واخرى على عامّة الناس (٤).

والمخترم : الهالك والمستأصل.

والمراد به على الظاهر إظهار الشكر لله تعالى حيث أحياه ، ولم يجعله من الأموات.

ولا ينافيه حبّ لقاء الله تعالى ، ضرورة أنّ مثل هذه المحبّة لا يقتضي كفران نعمة الحياة ـ التي لا يماثلها نعمة ـ التي بها يستعدّ للّقاء على وجه محبوب.

ويستحبّ أيضا أن يقول ما في خبر عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من استقبل جنازة أو رآها فقال : الله أكبر هذا ما وعدنا الله

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٦٧ (باب أنّ الميّت يؤذن به الناس) الحديث ٢ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث ٣.

(٢) الكافي ٣ : ١٦٧ (باب أنّ الميّت يؤذن به الناس) الحديث ٣. الوسائل ، الباب ١ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث ٤.

(٣) الكافي ٣ : ١٦٧ / ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ / ١٤٧٢ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

(٤) القائل بذلك هو الفيروزآبادي في القاموس المحيط ١ : ٣٠٤ «سود».

٣٧٥

ورسوله وصدق الله ورسوله ، اللهمّ زدنا إيمانا وتسليما ، الحمد لله الذي تعزّز بالقدرة وقهر العباد بالموت لم يبق ملك في السماء إلّا بكى رحمة لصوته» (١).

وأن يقول عند حمله للجنازة : ما رواه عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الجنازة إذا حملت كيف يقول الذي يحملها؟ قال : «يقول : بسم الله وبالله وصلّى الله على محمّد وآل محمد ، اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات» (٢).

(و) منها : (أن توضع الجنازة على الأرض إذا وصل إلى القبر) كما يدلّ عليه جملة من الأخبار :

منها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ينبغي أن يوضع الميّت دون القبر هنيئة ثمّ واره» (٣).

وخبر يونس قال : حديث سمعته من أبي الحسن موسى عليه‌السلام ما ذكرته وأنا في بيت إلّا ضاق عليّ ، يقول : «إذا أتيت بالميّت إلى شفير القبر فأمهله ساعة فإنّه يأخذ أهبته للسؤال» (٤).

وينبغي أن يكون ذلك أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة.

ففي خبر محمّد بن عطيّة ، قال : «إذا أتيت بأخيك إلى القبر فلا تفدحه به ، ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتّى يأخذ أهبته ثمّ ضعه في لحده» (٥).

وخبر محمّد بن عجلان ، قال : سمعت صادقا يصدق على الله ـ في الوسائل :

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٦٧ (باب القول عند رؤية الجنازة) الحديث ٣ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ / ١٤٧١ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

(٢) التهذيب ١ : ٤٥٤ / ١٤٧٨ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الدفن ، الحديث ٤.

(٣) التهذيب ١ : ٣١٣ / ٩٠٨ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

(٤) الكافي ٣ : ١٩١ / ٢ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب الدفن ، الحديث ٤.

(٥) التهذيب ١ : ٣١٢ / ٩٠٧ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

٣٧٦

يعني أبا عبد الله عليه‌السلام (١) ـ قال : «إذا جئت بالميّت إلى قبره فلا تفدحه بقبره ولكن ضعه دون قبره بذراعين أو ثلاثة أذرع ودعه حتى يتأهّب للقبر ، ولا تفدحه به» (٢).

وخبره الآخر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا تفدح ميّتك بالقبر ولكن ضعه أسفل منه بذراعين أو ثلاثة ودعه يأخذ أهبته» (٣).

والمراد بأسفل القبر على الظاهر (ممّا يلي رجليه) كما أفتى به الأصحاب ، بل عن الغنية دعوى الإجماع عليه (٤).

ويؤيّده ما روي مستفيضا أنّ «لكلّ بيت بابا وأن باب القبر من قبل الرّجلين» (٥).

كما يؤيّده أيضا خبر أبي مريم الأنصاري قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى أن قال : فسألته أين وضع السرير؟ فقال : «عند رجل القبر وسلّ سلّا» (٦).

وكذلك يؤيّده رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا أتيت بالميّت القبر فسلّمه من قبل رجليه» (٧).

__________________

(١) وكذا في التهذيب.

(٢) التهذيب ١ : ٣١٣ / ٩٠٩ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب الدفن ، الحديث ٣.

(٣) الكافي ٣ : ١٩١ (باب في وضع الجنازة دون القبر) الحديث ١ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب الدفن ، الحديث ٥.

(٤) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٤ : ٢٨١ ، وانظر : الغنية : ١٠٥.

(٥) الكافي ٣ : ١٩٣ ، ذيل الحديث ٥ ، التهذيب ١ : ٣١٦ / ٩١٨ ، الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب الدفن ، الحديث ٤ و ٧.

(٦) التهذيب ١ : ٢٩٦ / ٨٦٩ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

(٧) الكافي ٣ : ١٩٤ / ١ ، التهذيب ١ : ٣١٥ / ٩١٥ ، الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب الدفن ، الحديث ١.

٣٧٧

وخبر محمّد بن مسلم ، قال : سألت أحد هما عليهما‌السلام عن الميّت ، قال : «تسلّه من قبل الرّجلين» (١) الحديث.

ورواية عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سلّ الميّت سلّا» (٢).

وخبر الأعمش ـ المرويّ عن الخصال ـ عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام في حديث شرائع الدين ، قال : «والميّت يسلّ من قبل رجليه سلّا ، والمرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد» (٣).

ويستفاد من هذه الرواية مغايرة حكم المرأة للرجل ، فإنّها لا تدخل من قبل الرّجلين ، بل توضع في القبر من قبل اللحد.

وربما يستشمّ من ذلك اختصاص الحكم المتقدّم ـ أعني وضع الميّت ممّا يلي رجليه ـ بالرجل ، وأمّا المرأة فتوضع على جانب القبر على وجه تطرح فيه عند نقلها إليه عرضا.

ويستشمّ ذلك أيضا ممّا حكي عن الفقه الرضوي قال : وإن كان امرأة فخذها بالعرض من قبل اللحد ، وتأخذ الرجل من قبل رجليه تسلّه سلّا (٤).

بل ادّعى بعضهم ـ كصاحب الحدائق (٥) وغيره (٦) ـ ظهور الروايتين في

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٩٥ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣١٥ / ٩١٦ ، و ٤٥٨ / ١٤٩٤ ، الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

(٢) الكافي ٣ : ١٩٧ / ١٠ ، الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب الدفن ، الحديث ٣.

(٣) الخصال : ٦٠٤ / ٩ ، الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب الدفن ، الحديث ٥.

(٤) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٤ : ١٠٥ ، وانظر : الفقه المنسوب للإمام الرضا ٧ : ١٧١

(٥) الحدائق الناضرة ٤ : ١٠٥.

(٦) جواهر الكلام ٤ : ٢٨٢.

٣٧٨

ذلك ، بل وفي كون وضعها ممّا يلي القبلة ، لأنّ اللحد إنّما يكون في القبلة.

وجعل هاتين الروايتين مستند الأصحاب في حكمهم بأنّ المرأة توضع على الأرض (ممّا يلي القبلة) من غير خلاف يعرف ، بل عن الغنية وظاهر المنتهى والتذكرة والنهاية الإجماع عليه (١).

ولا يبعد الاكتفاء بفتاوى الأصحاب ، المعتضدة بالإجماعات المحكيّة دليلا وجابرا لما في الروايتين من قصور الدلالة والسند ، فيرفع اليد بها عمّا يقتضيه إطلاق بعض الأخبار المتقدّمة ، فليتأمّل.

(و) كيف كان فلا فرق بين أن يكون رجلا أو امرأة في أنّه يستحبّ (أن ينقله) في (ثلاث دفعات) بأن يضعه قريب القبر بعد نقله أوّلا ثمّ يضعه ثانيا عند القبر هنيئة ثمّ ينقله إلى قبره في المرّة الثالثة.

كما يدلّ عليه ما رواه الصدوق في العلل ، قال ـ بعد نقل رواية محمّد بن عجلان ، المتقدّمة (٢) ـ : وفي حديث آخر : «إذا أتيت بالميّت القبر فلا تفدح به القبر ، فإنّ للقبر أهوالا عظيمة ، ونعوذ من هول المطّلع ، ولكن ضعه قرب شفير القبر واصبر عليه هنيئة ثمّ قدّمه قليلا واصبر عليه ليأخذ أهبته ثمّ قدّمه إلى شفير القبر» (٣).

وعن الفقه الرضوي : «وإذا حملت الميّت إلى قبره فلا تفاجى‌ء به القبر ، فإنّ

__________________

(١) الحاكي عنها هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ٣٨٢ ، وانظر : الغنية : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، ومنتهى المطلب ١ : ٤٥٩ ، وتذكرة الفقهاء ٢ : ٩١ ، المسألة ٢٣٣ ، ونهاية الإحكام ٢ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥.

(٢) في ص ٣٧٦ ـ ٣٧٧.

(٣) علل الشرائع : ٣٠٦ (الباب ٢٥١) الحديث ٢ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب الدفن ، الحديث ٦.

٣٧٩

للقبر أهوالا عظيمة ، ونعوذ بالله من هول المطّلع ، ولكن ضعه دون شفير القبر واصبر عليه هنيئة ثمّ قدّمه قليلا واصبر عليه ليأخذ أهبته ثمّ قدّمه إلى شفير القبر ، ويدخله القبر من يأمره الوليّ إن شاء شفعا ، وإن شاء وترا» (١). انتهى.

وكأنّ المراد بما في ذيل العبارة التعريض على ما حكي عن الشافعي من استحباب أن يكون عدد من ينزل القبر وترا (٢) ، خلافا لما حكي عن أصحابنا من كون الوليّ مختارا في تعيين العدد ، كما في العبارة المزبورة.

ويدلّ عليه أيضا رواية أبي مريم الأنصاري ، الواردة في دفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

(و) ينبغي (أن يرسله إلى القبر سابقا برأسه) إن كان رجلا بلا خلاف فيه ظاهرا ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه.

والظاهر أنّه هو المراد بما في الأخبار المستفيضة ـ التي تقدّم (٤) بعضها ـ الآمرة بسلّ الميّت في قبره سلّا من قبل رجليه.

هذا في الرجل (و) أمّا (المرأة) فترسل (عرضا) كما يدلّ عليه ـ مضافا إلى نقل الإجماع عليه مستفيضا ـ رواية الأعمش وعبارة الفقه الرضوي ، المتقدّمتان (٥).

__________________

(١) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٤ : ١٠٣ ، وانظر : الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٧٠.

(٢) الام ١ : ٢٧٦ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ١٤٤ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٢ : ٤٤٨ ، الوجيز ١ : ٧٨ ، الوسيط ٢ : ٣٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٢ : ٤٤٩ ، روضة الطالبين ١ : ٦٥٠ ، المجموع ٥ : ٢٩١.

(٣) التهذيب ١ : ٢٩٦ / ٨٦٩ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب التكفين ، الحديث ٢.

(٤) في ص ٣٧٧.

(٥) في ص ٣٧٨.

٣٨٠