مصباح الفقيه - ج ٥

الشيخ آقا رضا الهمداني

مصباح الفقيه - ج ٥

المؤلف:

الشيخ آقا رضا الهمداني


المحقق: المؤسّسة الجعفريّة لإحياء التراث ـ قم المقدّسة
الموضوع : الفقه
الناشر: المؤسّسة مهدي موعود « عج »
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

بمنزلة غسل واحد صادر من الحيّ الجنب في الأثر ، فيكون المجموع مؤثّرا واحدا ، وتكون خصوصيّة التعدّد واستعمال السدر والكافور من خصوصيّات المورد ، فالأقوى كفاية تيمّم واحد ، ولعلّه هو المشهور بين من تعرّض له ، بل ربما استشعر عن بعض دعوى الإجماع عليه.

نعم ، عن التذكرة وجامع المقاصد وجوب الثلاث (١) ، ولا ريب في أنّه أحوط وإن كان الأقوى خلافه.

اللهمّ إلّا أن يلتزم بأنّ كلّ غسل طهور مستقلّ ، وإنّما تحصل الطهارة المطلقة بفعل الجميع ، فالمتّجه حينئذ وجوب الثلاث ، لكنّ المبنى خلاف ما يظهر من الأخبار التي تقدّمت الإشارة إليها.

وكيف كان فلا إشكال في أصل الحكم.

لكن في المدارك ـ بعد أن ضعّف سند رواية عمرو بن خالد ، المتقدّمة (٢) ـ قال : فإن كانت المسألة إجماعيّة على وجه لا يجوز مخالفته ، فلا بحث ، وإلّا أمكن التوقّف في ذلك ، لأنّ إيجاب التيمّم زيادة تكليف ، والأصل عدمه ، خصوصا إن قلنا : إنّ الغسل إزالة نجاسة ، كما يقوله المرتضى رحمه‌الله.

وربما ظهر من بعض الروايات عدم الوجوب أيضا ، كصحيحة عبد الرحمن ابن الحجّاج عن أبي الحسن عليه‌السلام في الجنب والمحدث والميّت إذا حضرت الصلاة ولم يكن معهم من الماء إلّا بقدر ما يكفي أحدهم ، قال : «يغتسل الجنب ، ويدفن الميّت ، وتيمّم الذي هو على غير وضوء لأنّ الغسل من الجنابة فريضة ، و

__________________

(١) الحاكي عنهما هو صاحب الجواهر فيما ٤ : ١٤٣ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٣٩٠ ، تذنيب ذيل المسألة ١٥١ ، وجامع المقاصد ١ : ٣٧٣.

(٢) في ص ١٩٩.

٢٠١

غسل الميّت سنّة ، والتيمّم للآخر جائز» (١) ومع ذلك فالعمل على المشهور (٢). انتهى.

وفيه : أنّ الأصل قد انقطع بما عرفت.

وأمّا الصحيحة فهي ـ على ما نبّه عليه في الحدائق (٣) ـ مشتملة على السقط حيث بيّن أنّ راوي هذه الرواية عبد الرحمن بن أبي نجران ، لا عبد الرحمن بن الحجّاج. وما وصفها من صحّة السند فإن كان نقله لها من التهذيب ، فمتنها فيه على ما ذكره ، لكن سندها غير صحيح ، لاشتماله على الضعف والإرسال. وإن كان من الفقيه ، فهي صحيحة إلّا أنّ متنها فيه ليس كما ذكره ، بل الذي فيه : «ويدفن الميّت بتيمّم ، وتيمّم الذي هو على غير وضوء» إلى آخره.

أقول : وحينئذ يقوى في الظنّ وقوع السقط والنسّاخ فيما في التهذيب ، فالصحيحة أيضا معاضدة للمطلوب لا معارضة.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ قضيّة الأدلّة المتقدّمة إنّما هي بدليّة التيمّم من الغسل من حيث هو غسل ، وقضيّته ترتّب آثار الغسل عليه حال الضرورة ، كتيمّم الحيّ ، فالقول ببقاء نجاسته وعدم سقوط الغسل بمسّه ضعيف.

اللهمّ إلّا أن يمنع كونها من آثار الغسل من حيث هو غسل ، وهو كما ترى ، فالمتّجه ترتّب جميع الآثار عليه حتى طهارة البدن ما دامت الضرورة ، كما هو الشأن في مطلق التيمّم ، فإذا تجدّدت القدرة على تغسيله من دون أن يترتّب عليه محذور ، غسّل ، والله العالم.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٥٩ ـ ٦٠ / ٢٢٢ ، التهذيب ١ : ١٠٩ / ٢٨٥ ، الإستبصار ١ : ١٠١ / ٣٢٩ ، الوسائل ، الباب ١٨ من أبواب التيمّم ، الحديث ١.

(٢) مدارك الأحكام ٢ : ٨٥.

(٣) الحدائق الناضرة ٣ : ٤٧٣.

٢٠٢

ثمّ إنّ مقتضى إطلاق المتن ـ من أنّه يتيمّم (كما يتيمّم الحيّ العاجز) بل وغيره أيضا ممّا أطلق فيه ذكر التيمّم ـ إنّما هو مراعاة مرتبة العجز ، فإن كانت يداه متمكّنة بأن تيسّر ضربهما على الأرض ومسحهما على جبهته وظاهر الكفّين ، فليأت به كذلك ، وإلّا فيتولّاه المباشر ، كما في الحيّ العاجز الذي لا قابليّة له بأن يتولّى شيئا ولو بمعين.

لكن في الجواهر عن بعض الأصحاب : التصريح بتعيّن الثاني (١) ، فيضرب المباشر يديه على الأرض مطلقا ، لا يدي الميّت على تقدير الإمكان ، بل في طهارة شيخنا المرتضى رحمه‌الله أنّ هذا هو المعروف في كيفيّة تيمّمه (٢).

أقول : ولا يبعد جري كلماتهم مجرى الغالب ، وإلّا فالالتزام به مع تيسّر إيجاده بيدي الميّت لا يخلو عن إشكال ، والاحتياط بالجمع بين الأمرين في مثل الفرض ممّا لا ينبغي بل لا يجوز تركه ، والله العالم.

(وسنن الغسل : أن يوضع) الميّت (على ساجة) أو سرير بلا خلاف كما عن المنتهى (٣) ، بل مطلق ما يرفعه عن الأرض كما عن الغنية مدّعيا عليه الإجماع (٤) ، وكفى به دليلا للاستحباب بناء على المسامحة.

وربما علّله بعض (٥) : بحفظ بدن الميّت (٦) عن التلطّخ ، والله العالم.

__________________

(١) جواهر الكلام ، ٤ : ١٤٤.

(٢) كتاب الطهارة : ٢٩٢.

(٣) الحاكي عنهما هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٤ ، وانظر : منتهى المطلب ١ : ٤٢٨ ، والغنية : ١٠١.

(٤) الحاكي عنهما هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٤ ، وانظر : منتهى المطلب ١ : ٤٢٨ ، والغنية : ١٠١.

(٥) هو العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٨٦ ، وصاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٤.

(٦) في الطبعة الحجريّة : «البدن» بدل «بدن الميّت».

٢٠٣

وأن يوضع (مستقبل القبلة) كما عن أكثر الأصحاب (١) ، بل عن المشهور (٢).

وليكن على هيئة المحتضر بلا خلاف فيه ظاهر ، للأمر به مع بيان كيفيّته في غير واحد من الأخبار ، كرواية الكاهلي ومرسلة يونس ، المتقدّمتين (٣).

وحسنة سليمان بن خالد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «إذا مات لأحدكم ميّت فسجّوه تجاه القبلة ، وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبل باطن قدميه ووجهه إلى القبلة» (٤).

وعن ظاهر بعض القدماء وصريح غير واحد من المتأخّرين وجوبه (٥) ، لظاهر الأمر في الأخبار المستفيضة.

وفيه ـ مع وهن ظهورها في الوجوب كما أشرنا إليه مرارا ـ أنّه يرفع اليد عنه ، لصحيحة يعقوب بن يقطين ـ التي هي كالصريح في عدم الوجوب ـ قال :سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن الميّت كيف يوضع على المغتسل موجّها وجهه نحو القبلة أو يوضع على يمينه ووجهه نحو القبلة؟ قال : «يوضع كيف تيسّر ، فإذا طهر وضع كما يوضع في قبره» (٦) وهي في غاية الظهور في إرادة عدم وجوب

__________________

(١) نسبه العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٨٦ إلى أكثر الأصحاب.

(٢) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٢٩٢.

(٣) في ص ١٧٣ و ١٧٦.

(٤) الكافي ٣ : ١٢٧ / ٣ ، التهذيب ١ : ٢٨٦ / ٨٣٥ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٢.

(٥) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٥ ، وانظر : المبسوط ١ : ٧٧ ، ومنتهى المطلب ١ : ٤٢٨ ، وجامع المقاصد ١ : ٣٧٤.

(٦) التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧١ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٢.

٢٠٤

وضعه على كيفيّة خاصّة ، بل يراعى فيه ما تيسّر.

ولا ينافيه استحباب الاستقبال ، لإمكان أن يكون مراعاة المتيسّر أيضا مستحبّا آخر مثل الاستقبال أو أهمّ منه ، أو يكون المقصود بالجواب دفع توهّم الوجوب ، كما يظهر من السؤال.

والمناقشة فيها : بأنّ مفادها ليس إلّا نفي وجوب المتعسّر وهو كذلك قطعا ، واضحة الفساد ، ضرورة إمكان كون الاستقبال إلى القبلة أحد أفراد المتيسّر ولم يأمر به بالخصوص مع الإمكان.

مضافا إلى ظهور الجواب في كونه إضرابا عمّا توهّمه السائل من وجوب أحد الأمرين على سبيل الترديد ، ومورد توهّم الوجوب ليس إلّا صورة التيسّر ، لا التعسّر الرافع للتكليف ، والمنساق من قوله : «كيف تيسّر» ليس إلّا التيسّر العرفي ، لا ما يقابل التعسّر الرافع للتكليف.

ويتلوها في الضعف : المناقشة فيها : بأنّ المراد إيجاب ما تيسّر من هيئتي الاستقبال ، الواردتين في السؤال ، فإنّ المنساق إلى الذهن عرفا من الجواب ولو بملاحظة إعادة الجملة الفعليّة إنّما هو إرادة التخيير في الوضع مطلقا ، لا التخيير بين الهيئتين المذكورتين في السؤال ، فالقول بالاستحباب قويّ ، والاحتياط لا ينبغي تركه ، والله العالم.

(و) يستحبّ (أن يغسّل تحت الظلال) سقفا كان أو غيره ، كما يدلّ عليه خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام «أنّ أباه كان يستحبّ أن يجعل بين الميّت وبين السماء سترا» يعني إذا غسّل (١).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٣٢ / ١٣٨٠ ، الوسائل ، الباب ٣٠ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٢.

٢٠٥

وصحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سألته عن الميّت هل يغسّل في القضاء؟ قال : «لا بأس ، وإن ستر بستر فهو أحبّ إليّ» (١).

بل ظاهر هذه الصحيحة استحباب كونه مستورا بستر يكون كخيمة ونحوها ممّا يستره من جميع الأطراف ، لا خصوص جهة العلوّ.

ولا يبعد أن يكون المراد بالرواية الأولى أيضا ذلك ، إذ لا يختصّ اسم السماء بما يسامت جهة الفوق ، فتفسيره بالسقف ونحوه تفسير بالأعمّ ، والله العالم.

(وأن يجعل للماء حفيرة).

واستدلّ له : برواية سليمان بن خالد : «وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبل باطن قدميه ووجهه إلى القبلة» (٢).

لكنّ الظاهر أنّ الرواية في مقام بيان الاستقبال ، والمراد بحفر الحفيرة إنّما هو حفرها عند رجل الميّت كي يجري إليها ماء الغسل ، ولا يتلوّث به بدن الميّت ، لا أنّه يستحبّ صبّ الماء إلى حفيرة مطلقا ولو بعد الغسل كما يوهمه إطلاق كلمات الأصحاب ، والله العالم.

(ويكره إرساله في الكنيف) المعدّ لقضاء الحاجة.

ويدلّ عليه : صحيحة محمد بن الحسن الصفّار أنّه كتب إلى أبي محمد عليه‌السلام هل يجوز أن يغسّل الميّت وماؤه الذي يصبّ عليه يدخل إلى بئر كنيف؟

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٢ / ٦ ، الفقيه ١ : ٨٦ / ٤٠٠ ، التهذيب ١ : ٤٣١ / ١٣٧٩ ، الوسائل ، الباب ٣٠ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١.

(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ٢٠٤ ، الهامش (٤).

٢٠٦

فوقّع عليه‌السلام «يكون ذلك في بلاليع» (١).

ولا يفهم من الأمر بأن يكون ذلك في بلاليع إلّا مرجوحيّة ما فرضه السائل ، فلا يفهم منها أزيد من الكراهة.

وعن بعضهم التصريح بإلحاق بالوعة البول بالكنيف (٢). ولا بأس به ، كما يدلّ عليه ما عن الرضوي قال : «ولا يجوز أن يدخل ما ينصبّ على الميّت من غسله في كنيف ، ولكن يجوز أن يدخل في بلاليع لا يبال فيها أو في حفيرة (٣).

(و) ظاهر أنّه (لا بأس بالبالوعة) وإن اشتملت على النجاسة ، كما هو الغالب فيها ، بل هذا هو الذي يقتضيه إطلاق ما حكي عن الذكرى في معقد إجماعه حيث قال : أجمعنا على كراهية الماء في الكنيف دون البالوعة (٤).

(و) يستحبّ (أن يفتق قميصه وينزع من تحته).

وعلّله في المدارك (٥) وغيره (٦) بأنّ إخراج القميص على هذا الوجه أسهل على الميّت ، ولئلّا تكون فيه نجاسة تلطخ أعالي بدن الميّت.

وعن جامع المقاصد أنّه لا كلام بين الأصحاب في استحباب نزع القميص من تحت الميّت (٧). انتهى.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥٠ ـ ١٥١ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٣١ / ١٣٧٨ ، الوسائل ، الباب ٢٩ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١.

(٢) حكاه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢٩٣ عن الشهيد الثاني في روض الجنان : ١٠١.

(٣) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٦٧.

(٤) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٧ ، وانظر : الذكرى ١ : ٣٥٠.

(٥) مدارك الأحكام ٢ : ٨٨.

(٦) تذكرة الفقهاء ١ : ٣٤٦ ، المسألة ١١٩ ، جامع المقاصد ١ : ٣٧٤ ، كشف اللثام ٢ : ٢٤٧.

(٧) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٨ ، وانظر : جامع المقاصد ١ : ٣٧٤.

٢٠٧

واستدلّ له في كشف اللثام (١) وغيره (٢) : بخبر عبد الله بن سنان «ثمّ يخرق القميص إذا فرغ من غسله ، وينزع من رجليه» (٣).

وقيّده في المسالك والمدارك وغيرهما بكونه بإذن الوارث ، لحرمة التصرّف في مال الغير من دون إذنه (٤).

وقد تأمّل فيه في الجواهر ، بل قوّى عدم اعتبار إذنه ، نظرا إلى إطلاق الرواية وفتاوى الأصحاب (٥).

وفيه إشكال ، كما أنّ دلالة الرواية على المدّعى لا يخلو عن تأمّل ، فالاقتصار على ما لا كلام فيه بين الأصحاب ـ على ما ادّعاه في جامع المقاصد أحوط.

ثمّ إنّه وقع الكلام في أنّه هل المستحبّ تغسيله عريانا مستور العورة؟ كما عن صريح المعتبر وغيره (٦) ، بل عن المختلف وغيره أنّه المشهور (٧) ، وعن المعتبر والتذكرة تعليله : بأنّ الثوب ينجس بذلك ، ولا يطهر بصبّ الماء ، فينجس الميّت والغاسل (٨).

__________________

(١) كشف اللثام ٢ : ٢٤٧.

(٢) جواهر الكلام ٤ : ١٧٤.

(٣) الكافي ٣ : ١٤٤ ـ ١٤٥ / ٩ ، التهذيب ١ : ٣٠٨ / ٨٩٤ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب التكفين ، الحديث ٨.

(٤) مسالك الأفهام ١ : ٨٧ ، مدارك الأحكام ٢ : ٨٨ ، جامع المقاصد ١ : ٣٧٥.

(٥) جواهر الكلام ٤ : ١٤٧.

(٦) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٨ ، وانظر : المعتبر ١ : ٢٧١ ، والخلاف ١ : ٦٩٢. المسألة ٤٦٩.

(٧) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٨ ، وانظر : مختلف الشيعة ١ : ٢٢٩ ، المسألة ١٧٠.

(٨) الحاكي عنهما هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٨ ، وانظر : المعتبر ١ : ٢٧١ ، وتذكرة الفقهاء ١ : ٣٤٧ ، المسألة ١١٩.

٢٠٨

أو المستحبّ تغسيله في قميصه؟ كما عن ابن أبي عقيل وظاهر الصدوق وبعض متأخّري المتأخّرين (١) ، لما في جملة من الأخبار : كصحيحة ابن مسكان «وإن استطعت أن يكون عليه قميص تغسّله من تحته» (٢).

وصحيحة ابن يقطين «ولا يغسّل إلّا في قميص يدخل رجل يده ويصبّ عليه من فوقه» (٣).

وصحيحة سليمان بن خالد ، قال : «وإن استطعت أن يكون عليه قميص فيغسّل من تحت القميص» (٤).

وعن ابن أبي عقيل أنّه قد تواترت الأخبار عنهم أنّ عليّا عليه‌السلام غسّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قميصه ثلاث غسلات (٥).

أو أنّه مخيّر بين الأمرين؟ كما عن ظاهر المحقّق الثاني (٦) أو صريحه كالخلاف (٧) ، جمعا بين هذه الأخبار وبين ما دلّ عليه عريانا مستور العورة ،

__________________

(١) كما في جواهر الكلام ٤ : ١٤٨ ، وانظر : مختلف الشيعة ١ : ٢٢٩ ، المسألة ١٧٠ والفقيه ١ : ٩٠ / ٤١٨.

(٢) الكافي ٣ : ١٣٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٨ / ٢٨٢ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١.

(٣) التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٤ ، الإستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣١ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٧.

(٤) التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٣ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٦.

(٥) مختلف الشيعة ١ : ٢٢٩ ، المسألة ١٧٠ ، وعنه في الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١٤.

(٦) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٤٨ ، وانظر : جامع المقاصد ١ : ٣٧٥.

(٧) الخلاف ١ : ٦٩٢ ، المسألة ٤٦٩.

٢٠٩

كمرسل يونس عنهم عليهم‌السلام «فإن كان عليه قميص فأخرج يده من القميص واجمع قميصه على عورته وارفعه من رجليه إلى ركبتيه ، وإن لم يكن عليه قميص فألق على عورته خرقة» (١).

والحسن عن الصادق عليه‌السلام قال : «إذا أردت غسل الميّت فاجعل بينك وبينه ثوبا يستر عنك عورته إمّا قميصه وإمّا غيره» (٢) إلى آخره.

وقد ظهر بما أسلفناه في مسألة تغسيل كلّ من الزوجين صاحبه ضعف الاستدلال المذكور لمذهب المشهور ، بل ما تقدّم من الأخبار في تلك المسألة تصلح مؤيّدة للأخبار الواردة في هذا الباب ، الظاهرة في استحباب كونه في قميصه.

وقد يتخيّل حسن الاستدلال للمشهور : بمرسلة يونس ، لما فيها من الأمر بإخراج اليدين وجمع قميصه على عورته.

لكنّه لا يخلو عن تأمّل ، حيث إنّ المشهور لا يقولون بكون ما فوق الركبة من العورة حتى تنطبق المرسلة على مدّعاهم.

فالإنصاف أنّ رفع اليد عن المعتبرة المستفيضة الظاهرة في الاستحباب ، المعتضدة بالأخبار السابقة ممّا لا وجه له.

وأمّا هذه المرسلة فلا يبعد سوقها لبيان ما هو الأسهل في التغسيل ، فلا تنافي استحباب تغسيله في قميصه من دون جمعه على عورته ، كما هو ظاهر

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.

(٢) الكافي ٣ : ١٣٨ ـ ١٣٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٩ / ٨٧٤ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٢.

٢١٠

الأخبار المتقدّمة.

وحمل تلك الأخبار على إرادة جمعه على خصوص العورة كي تنطبق على المذهب المحكيّ عن المشهور بعيد جدّا ، بل متعذّر.

نعم ، لا يبعد أن يكون المقصود بالأصالة من الأمر بغسله من تحت القميص شدّة التحفّظ عن وقوع النظر على العورة ، فيمكن الجمع بينها وبين المرسلة على وجه ينطبق على مذهب المحقّق الثاني ، لكنّه ليس بأولى من الجمع بينها بإرجاع المرسلة إلى ما لا ينافيها ، بل هذا هو الأولى ، لقوة ظهور الأخبار السابقة في استحباب أن يكون عليه قميص حال الغسل لا لستر عورته ، كما لا يخفى على المتأمّل ، فالقول باستحباب تغسيله في قميصه أظهر.

(و) أظهر منه استحباب أن (تستر عورته) بالخصوص ما لم يكن ناظر محترم بأن كان من يباشر التغسيل ـ مثلا ـ أعمى أو واثقا من نفسه ترك النظر أو ممّن يجوز له النظر كالزوجين ونحو هما ، وإلّا فيجب ، للأمر به في جملة من الأخبار.

وأمّا استحبابه عند عدم الناظر المحترم فيمكن استفادته من اهتمام الشارع بسترها وحسن الاستظهار خصوصا بالنظر إلى ما عرفته في حكم الزوجين مع كونه أوفق بالاحتياط واحترام الميّت ، والله العالم.

(و) يستحبّ أيضا (تليين أصابعه برفق) (١) فإن تعسّر ، تركها ، لقوله عليه‌السلام في خبر الكاهلي : «ثمّ تليّن مفاصله ، فإن امتنعت عليك فدعها» (٢) إلى آخره.

__________________

(١) الظاهر : (و) يستحبّ أيضا أن (تليّن أصابعه برفق) كما أنّ عبارة المتن كذلك.

(٢) الكافي ٣ : ١٤٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٣ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٥.

٢١١

وعن الفقه الرضوي «وتليّن مفاصله ما قدرت بالرفق ، وإن كان يصعب عليك فدعها» (١).

ولا يعارضعهما ما في بعض الأخبار من النهي عن أن يغمز له مفصل ، كرواية طلحة بن زيد (٢) وغيرها (٣) ، إذ لا يبعد أن يكون المراد بالغمز ما ينافي الرفق ، وعلى تقدير المعارضة فالأوّل أرجح ، لاشتهاره بين الأصحاب ، بل عن الخلاف :دعوى إجماع الفرقة وعملهم على استحباب تليين الأصابع (٤). وعن المعتبر : هو مذهب أهل البيت عليهم‌السلام (٥).

(و) يستحبّ أن (يغسل رأسه برغوة السدر أمام الغسل) كما في مرسلة يونس (٦) ، التي تقدّم الكلام فيها مفصّلا.

(و) يفهم من تلك المرسلة وغيرها من الروايات التي نقلناها في كيفيّة الغسل جملة من السنن التي تعرّض المصنّف رحمه‌الله لذكر بعضها.

منها : أن (يغسل فرجه بالسدر والحرض) قبل الغسل ، كما في خبر

__________________

(١) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٦٦ ، مستدرك الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.

(٢) الكافي ٣ : ١٥٦ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤١ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٦.

(٣) التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٥ ، الإستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٣ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٦.

(٤) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٥٠ ، وانظر : الخلاف ١ : ٦٩١ ، المسألة ٤٦٨.

(٥) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٥٠ ، وانظر : المعتبر ١ : ٢٧٢.

(٦) الكافي ٣ : ١٤١ ـ ١٤٢ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.

٢١٢

الكاهلي ، وفيه تثليث غسله ، والإكثار من الماء ، والأمر بغسل فرجه بماء الكافور والحرض قبل الغسل بماء الكافور ، والأمر بغسله بالماء القراح أيضا كذلك (١).

(و) منها : أن (تغسل يداه) ثلاثا إلى نصف الذراع قبل الغسل ، كما في مرسلة يونس (٢).

ويقرب منها ما عن الفقه الرضوي (٣).

وفي حسنة الحلبي : «ثمّ تبدأ بكفّيه ورأسه ثلاث مرّات» (٤).

(و) أن (يبدأ بشقّ رأسه الأيمن ويغسل كلّ عضو منه ثلاث مرّات في كلّ غسلة ، ويمسح بطنه في الغسلتين الأوليين) حتى يخرج من مخرجه ما خرج ، كما في موثّقة عمّار (٥) (إلّا أن يكون الميّت امرأة حاملا) فإنّه ينصرف عنها الموثّقة حيث لا يحسن بالنسبة إليها السعي في إخراج ما يخرج من مخرجه ، إذ لا يؤمن معه الإجهاض المحرّم ، بل ورد النهي عنه في خبر أمّ أنس بن مالك عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إذا توفّيت المرأة فإن أرادوا أن يغسّلوها فليبدأوا ببطنها وتمسح مسحا رفيقا إن لم تكن حبلى ، وإن كانت حبلى فلا تحرّكيها» (٦).

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٠ ـ ١٤١ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ ـ ٢٩٩ / ٨٧٣ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٥.

(٢) الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.

(٣) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٦٦ ، مستدرك الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.

(٤) الكافي ٣ : ١٣٨ ـ ١٣٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ / ٨٧٤ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٢.

(٥) التهذيب ١ : ٣٠٥ / ٨٨٧ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١٠.

(٦) التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٨٠ ، الإستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٨ ، الوسائل ، الباب ٦ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.

٢١٣

فالأظهر كراهته بالنسبة إليها ، بل لو خيف منه الإجهاض ، لا يبعد حرمته ، والله العالم.

(و) يستحبّ (أن يكون الغاسل منه على الجانب الأيمن) كما عن جملة من الأصحاب (١) التصريح به ، وعن الغنية (٢) دعوى الإجماع عليه ، وهو كاف في ثبوت استحبابه مسامحة وإن كانت الأخبار خالية عنه.

(و) أن (يغسل الغاسل يديه مع كلّ غسلة) من الأوّلتين ، لما في مرسلة يونس من الأمر بغسلهما إلى المرفقين بعد كلّ غسلة من الأوّلتين (٣) ، بل وكذا يستحبّ بعد الغسلة الأخيرة أيضا ، كما في صحيحة يعقوب بن يقطين (٤) وخبر عمّار (٥).

(ثمّ ينشّفه بثوب) طاهر (بعد الفراغ) من الأغسال الثلاثة ، كما في خبر يونس (٦) وغيره (٧).

ولو أحطت بما في الأخبار ، لظفرت على غير ما ذكرناه من الآداب ، فراجع.

(ويكره أن يجعل) الغاسل (الميّت بين رجليه) كما حكي عن

__________________

(١) كما في جواهر الكلام ٤ : ١٥٤.

(٢) الحاكي عنها هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٥٤ ، وانظر : الغنية : ١٠١.

(٣) الكافي ٣ : ١٤١ ـ ١٤٢ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.

(٤) التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٤ ، الإستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣١ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٧.

(٥) التهذيب ١ : ٣٠٥ / ٨٨٧ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١٠.

(٦) راجع المصادر في الهامش (٣).

(٧) راجع المصادر في الهامش (٤ و ٥) من ص ٢١٣.

٢١٤

الأكثر (١) ، بل في الجواهر : لم نقف على من حكي عنه الخلاف (٢).

واستدلّ له : بخبر عمّار «ولا يجعله بين رجليه في غسله» (٣).

ولا يعارضه ما في خبر [العلاء بن سيابة] (٤) «لا بأس أن تجعل الميّت بين رجليك وأن تقوم فوقه فتغسّله إذا قلّبته يمينا وشمالا تضبطه برجليك لئلّا يسقط لوجهه» (٥) لعدم منافاته الكراهة في غير مقام الحاجة ، بل ربما يستشمّ منه ذلك ، كما يساعد عليه الاعتبار حيث إنّ مراعاة مثل هذه الأمور بحسب الظاهر إنّما هي لمراعاة الاحترام ، فإذا جعله بين رجليه بالداعي المذكور في الرواية ، لكان هذا هو الأولى من الوقوف على جانبه.

(و) يكره (أن يقعده) كما حكي عن المعظم (٦) ، بل عن الخلاف دعوى إجماع الفرقة وعملهم عليه (٧) ، وعن التذكرة نسبته إلى علمائنا (٨).

ويدلّ عليه قوله عليه‌السلام في خبر الكاهلي : «وإيّاك أن تقعده» (٩).

ولا يعارضه ما في صحيح الفضل عن الصادق عليه‌السلام حيث سأله عن الميّت ،

__________________

(١) كما في جواهر الكلام ٤ : ١٥٥.

(٢) جواهر الكلام ٤ : ١٥٥.

(٣) أورده المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٢٧٧.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في «ض ٧ ، ٨» والطبعة الحجريّة : «يونس بن سنان». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٥) التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٨ ، الإستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٥ ، الوسائل ، الباب ٣٣ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١.

(٦) كما في جواهر الكلام ٤ : ١٥٦.

(٧) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٥٦ ، وانظر : الخلاف ١ : ٦٩٣ ، المسألة ٤٧٣.

(٨) الحاكي عنها هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٥٦ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٣٨٦ ، المسألة ١٤٩.

(٩) الكافي ٣ : ١٤٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ ـ ٢٩٩ / ٨٧٣ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٥.

٢١٥

فقال : «أقعده واغمز بطنه غمزا رفيقا» (١) إلى آخره ، بعد إعراض الأصحاب عنه وموافقته للعامّة على ما حكي عن عامّتهم (٢).

(و) كذا يكره (أن يقصّ) شي‌ء من (أظفاره ، وأن يرجّل شعره) أي تسريحه ، وجزّه ونتفه ، كما عن المشهور (٣) بل عن التذكرة والمعتبر دعوى الإجماع عليه (٤) ، وكذا عن الخلاف ، غير أنّه ادّعى الإجماع أوّلا على عدم الجواز (٥) ، كما عن المنتهى نسبته إلى علمائنا (٦) ، وعن المبسوط والمقنعة التعبير بعدم الجواز (٧).

لكن في طهارة شيخنا المرتضى رحمه‌الله ـ كما يظهر من الجواهر (٨) ـ أنّ الظاهر إرادة الجميع الكراهة. نعم ، عن الوسيلة والجامع التصريح بالحرمة ، وقرّبه في الحدائق (٩).

واستدلّ للكراهة : بخبر غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كره أمير المؤمنين عليه‌السلام أن تحلق عانة الميّت إذا غسّل أو يقلّم له ظفر أو يجزّ له شعر» (١٠).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٢ ، الإستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٤ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٩.

(٢) كما في جواهر الكلام ٤ : ١٥٦.

(٣) نسبه إلى المشهور الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢٩٥.

(٤) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٢٩٥ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٣٨٧ ، المسألة ١٥٠ ، والمعتبر ١ : ٢٧٨ ، والخلاف ١ : ٦٩٥ ، المسألة ٤٧٨ ، ومنتهى المطلب ١ : ٤٣١ ، والمبسوط ١ : ١٨١ ، والمقنعة : ٨٢.

(٥) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٢٩٥ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٣٨٧ ، المسألة ١٥٠ ، والمعتبر ١ : ٢٧٨ ، والخلاف ١ : ٦٩٥ ، المسألة ٤٧٨ ، ومنتهى المطلب ١ : ٤٣١ ، والمبسوط ١ : ١٨١ ، والمقنعة : ٨٢.

(٦) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٢٩٥ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٣٨٧ ، المسألة ١٥٠ ، والمعتبر ١ : ٢٧٨ ، والخلاف ١ : ٦٩٥ ، المسألة ٤٧٨ ، ومنتهى المطلب ١ : ٤٣١ ، والمبسوط ١ : ١٨١ ، والمقنعة : ٨٢.

(٧) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٢٩٥ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٣٨٧ ، المسألة ١٥٠ ، والمعتبر ١ : ٢٧٨ ، والخلاف ١ : ٦٩٥ ، المسألة ٤٧٨ ، ومنتهى المطلب ١ : ٤٣١ ، والمبسوط ١ : ١٨١ ، والمقنعة : ٨٢.

(٨) جواهر الكلام ٤ : ١٥٨.

(٩) كتاب الطهارة : ٢٩٥ ، وانظر : الوسيلة : ٦٥ ، والجامع للشرائع : ٥١ ، والحدائق الناضرة ٣ : ٤٦٩.

(١٠) الكافي ٣ : ١٥٦ (باب كراهية أن يقصّ من الميّت ظفر أو شعر) الحديث ٢ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٢.

٢١٦

ورواية طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كره أن يقصّ من الميّت ظفر أو يقصّ له شعر أو تحلق عانته أو يغمز له مفصل» (١).

وعلى ذلك يحمل النهي فيما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لا يمسّ من الميّت شعر ولا ظفر ، وإن سقط منه شي‌ء فاجعله في كفنه» (٢).

وفي خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الميّت يكون عليه الشعر فيحلق عنه أو يقلّم ظفره ، قال : «لا يمسّ منه شي‌ء ، اغسله وادفنه» (٣).

وفي خبر أبي الجارود أنّه سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يتوفّى أتقلّم أظافيره وينتف إبطاه وتحلق عانته إن طالت به من المرض؟ فقال : «لا» (٤).

لكنّ الإنصاف أنّ صرف هذه الأخبار عن ظاهرها مشكل ، ولفظ «الكراهة» الواقعة في الخبرين الأوّلين لا يصلح قرينة لذلك ، فإنّها كثيرا مّا تستعمل في الأخبار في غير المعنى المصطلح ، بل يراد منها ما لا ينافي الحرمة ، كما هو مقتضى حقيقتها عرفا ولغة ، ولذا قال شيخنا المرتضى رحمه‌الله : والإنصاف أن ليس للأخبار

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥٦ (باب كراهية أن يقصّ من الميّت ظفر أو شعر) الحديث ٣ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٤.

(٢) الكافي ٣ : ١٥٥ (باب كراهية أن يقصّ من الميّت ظفر أو شعر) الحديث ١ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١.

(٣) الكافي ٣ : ١٥٦ / ٤ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤٢ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.

(٤) الفقيه ١ : ٩٢ / ٤٢٠ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤٣ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٩.

٢١٧

صارف عن التحريم إلّا إعراض معظم الأصحاب عن ظاهرها ، فالاحتياط لا يترك البتّة (١). انتهى.

لكنّك خبير بأنّ رفع اليد عن ظاهر الخبر الموثوق بصدوره ـ مثل مرسلة ابن أبي عمير ، التي أجراها الأصحاب في القبول مجرى الصحيحة خصوصا هذه المرسلة التي أجمعوا ظاهرا على العمل بمضمونها بالنسبة إلى فقرتها الأخيرة ـ بمجرّد إعراض المعظم لا يخلو عن إشكال خصوصا بعد ما سمعت من الوسيلة والجامع وغير هما التصريح بالحرمة ، ومن المنتهى والخلاف والغنية (٢) دعوى الإجماع على عدم الجواز ، بل عن المنتهى أنّه قال : قال علماؤنا : لا يجوز قصّ شي‌ء من شعر الميّت ولا ظفره ، ولا يسرّح لحيته ، ومتى سقط شي‌ء منه جعل في أكفانه (٣). انتهى ، فكيف يبقى مع ذلك الوثوق بإعراض المعظم عن ظاهرها!؟

وما قيل من أنّ التأمّل في كلمات مدّعي الإجماع يعطي ظهورها في عدم إرادته إلّا الكراهة ، ففيه : أنّ غاية ما يفهم بالقرائن إنّما هي إرادة مدّعي الإجماع ذلك وفهمه إيّاها من كلماتهم ، ولا يحصل بذلك الوثوق بكونها مرادة للمجمعين المعبّرين بعدم الجواز ، وقد سمعت من المنتهى أنّه قال : قال علماؤنا : إنّه لا يجوز ، إلى آخره ، وظاهره كونه نقلا لعبارة العلماء بلفظها أو بمعناها ، فكيف يحصل الوثوق حينئذ بإعراض المعظم كي يمكن طرح الرواية أو تأويلها مع ما فيه من الإشكال!؟ فالقول بالحرمة مع أنّه أحوط لا يخلو عن قوّة ، كما يؤيّده ما حكي (٤)

__________________

(١) كتاب الطهارة : ٢٩٥.

(٢) الغنية : ١٠٢.

(٣) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٥٧ ، وانظر : منتهى المطلب ١ : ١٤١.

(٤) انظر على سبيل المثال : تذكرة الفقهاء ٢ : ٢٢ ، المسألة ١٥٧ ، ونهاية الإحكام ٢ : ٢٥٠.

٢١٨

عليه الإجماع مستفيضا من أنّه لو سقط من الميّت شي‌ء بنفسه أو بمسقط جعل في كفنه ودفن. وعن بعضهم التصريح في معقد إجماعه بوجوب تغسيله أيضا (١). وعن بعضهم الاقتصار على ذكر دفنه معه (٢). ويدلّ عليه ـ مضافا إلى ذلك ـ : مرسلة ابن أبي عمير ، المتقدّمة (٣) ، فيستكشف من ذلك أنّ هذه الأجزاء من الميّت كسائر أعضائه ، فيستبعد إذن الشارع في فصلها عن بدنه.

وكيف كان فمقتضى إطلاق النصوص والفتاوى بل صريح بعضهما : عدم الفرق بين كون الأظفار طويلة أو قصيرة ، كما أنّ مقتضى إطلاقهما : عدم الفرق بين ما لو كان الوسخ تحتها أو لم يكن ، كما عن المنتهى (٤) التصريح به ، بل عن الشيخ دعوى الإجماع على عدم جواز تنظيفها عن الوسخ بالخلال (٥).

وفي رواية الكاهلي : «ولا تخلّل أظفاره» (٦).

ومع ذلك حكي عن التذكرة أنّه ينبغي إخراج الوسخ من بين أظفاره بعود ليّن ، وإن شدّ عليه قطنا ، كان أولى (٧).

ودفعه في محكيّ (٨) الذكرى بإجماع الشيخ ورواية الكاهلي.

__________________

(١) الحاكي هو المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٠٣ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ٢ : ٢٢ ، المسألة ١٥٧ ، وكذا نهاية الإحكام ٢ : ٢٥٠.

(٢) الحاكي هو العاملي في مفتاح الكراهة ١ : ٤٣٥ ، وانظر : جامع المقاصد ١ : ٣٧٧.

(٣) في ص ٢١٧.

(٤) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٥٨ ، وانظر : منتهى المطلب ١ : ٤٣١.

(٥) حكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٤٣٥ ، وكذا صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٥٧ ، وانظر : الخلاف ١ : ٦٩٥ ، المسألة ٤٧٨.

(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصدرها في ص ٢١٥ ، الهامش (٩).

(٧) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٢٩٥ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٣٨٩ ، الفرع «د».

(٨) الحاكي هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢٩٥ ، وانظر : الذكرى ١ : ٣٤٩.

٢١٩

وقد يوجّه كلامه بحمله على ما إذا كان على وجه يمنع من حصول الغسل الواجب ، ولا شبهة في انصراف النصّ والإجماع عن مثل الفرض ، فليتأمّل.

(و) كذا يكره (أن يغسّل مخالفا ، فإن اضطرّ ، غسّله غسل أهل الخلاف) كما تقدّم (١) الكلام في ذلك مفصّلا.

ويكره أيضا تغسيل الميّت بماء أسخن بالنار بلا خلاف فيه ظاهرا ، بل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا (٢).

ويدلّ عليه : ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : «لا يسخن الماء للميّت» (٣).

وما رواه عبد الله بن المغيرة عن الباقر والصادق عليهما‌السلام قالا : «لا يقرب الميّت ماء حميما» (٤).

وما رواه يعقوب بن يزيد عن عدّة من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :«لا يسخن للميّت الماء ، لا يعجّل له النار ، ولا يحنّط بمسك» (٥).

وعن الصدوق أنّه قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «لا يسخن الماء للميّت» قال : وروي في حديث آخر «إلّا أن يكون شتاء باردا فتوقّي الميّت ممّا توقّي منه نفسك» (٦).

__________________

(١) في ص ١١١ وما بعدها.

(٢) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٢٩٥ ، وانظر : منتهى المطلب ١ : ٤٣٠.

(٣) التهذيب ١ : ٣٢٢ / ٩٣٨ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١.

(٤) التهذيب ١ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣ / ٩٣٩ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٢.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٧ (باب كراهية تجمير الكفن ..) الحديث ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٢ / ٩٣٧ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.

(٦) الفقيه ١ : ٨٦ / ٣٩٧ و ٣٩٨ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٤ و ٥.

٢٢٠