مناظراتهُ العلمية
وكان في مناظرات العلما |
|
قويةً حجته مقدما |
فذا سليمان المروزيُّ وقد |
|
أهاله الذي رأى وما شهد |
فقال قد عجبت من عليّ |
|
وانه أعلم هاشميِّ |
يفندُ الخصوم والمخالفا |
|
وينصرُ المؤمنَ والمؤالفا |
ينشرُ نهجَ الحقِ في حكمته |
|
وينقذ الملهوفَ في دعوته |
ويقرأ الانجيلَ والزبورا |
|
ويعرف الخفيّ والمستورا |
يحاججُ اليهود والنصارى |
|
حتى غدا عنادهم حوارا |
ثم غدا حوارهم ايمانا |
|
مذ عرفوا الايات والقرآنا |
قد استطال رأيه وحجته |
|
وكان إنْ دعا أُستجيبتْ دعوته (١) |
__________________
(١) نقلت المصادر المُعتبرة ان المأمون العباسي قد جمع الامام الرضا عليهالسلام مع كبراء اهل العلم والفن لغرض تعجيزه واظهار فشله امامهم ، وقطع حجته في العلم ولكن الامام عليهالسلام تصدى لهؤلاء جميعاً ، حتى اظهر الحق ، ودحض حججهم وافشل مسعى المأمون في ذلك.
ونقل المؤرخون : ان سليمان المروزي ، هذا هو من كبار علماء خراسان في الفلسفة والمباحث الكلامية ، وقد استقدمه المأمون لقطع حجة الامام الرضا عليهالسلام وسرعان ما اقر سليمان بالعجز والخذلان امام ادلة الامام عليهالسلام وقوة علمه ، وصواب اجوبته ، مما جعله يعترف بأعلمية الامام عليهالسلام والاشارة به حين التفت الى المأمون قائلاً له : والله ما رأيت عالماً في بني هاشم مثله.
وقد ايده المأمون على ذلك بقوله : يا سليمان هذا اعلم هاشمي.
=
__________________
=
وكما اشرنا من قبل بخصوص دفع الخلط والاشتباه مما نبهنا عليه ، نودّ الاشارة هنا الى ان سليمان المروزي ، هذا الذي ناظر الامام عليهالسلام هو سليمان بن صالح المروزي المتكلم الخراساني ، الذي روى عنه البخاري ، والنسائي في صحيحهما ، كما قال بذلك الشيخ النمازي في مستدرك سفينة البحار ، والدليل على ذلك ما نقله الذهبي في كتابه سير اعلام النبلاء حيث جاء قال :
سليمان بن صالح الليثي المرزي ، الحافظ ، المعمّر ، عاش مائة سنة ، وكذلك ما نقله ابن حجر ، في كتابه تهذيب التهذيب انه قال : سليمان بن صالح الليثي المروزي ، وجاوز عمره مائة سنة.
وقد اشرنا الى ذلك للتمييز بينه وبين « سليمان بن حفص المروزي » الشيعي الذي ورد في بعض كتب المؤرخين والفقهاء ، مثل كامل الزيارات لابن قولويه ، وكتاب الكافي للكليني ، وكتاب عيون اخبار الرضا لللصدوق وغيرها ..
كما ويوجد هناك صاحبان شيعيان بهذا الاسم ، وكانا معاصرين للكاظم ، والرضا ، والهادي عليهمالسلام وهما سليمان بن جعفر المروزي ، وسليمان بن داود المروزي.
لذا ذكرنا من ذكرنا هنا ، لغرض التوضيح ودفع الخلط والاشتباه.
صلاةُ الاستسقاء
وذات يوم شحّت السماءُ |
|
بقطرها وانقطع الرجاءُ |
وجفت الضروع والانهارُ |
|
وعطشَ الصغارُ والكبارُ |
ففزع الناسُ الى ابن موسى |
|
تهطع عند بابه الرؤوسا |
يدعون يا ابن المصطفى وابن علي |
|
وابن الهدى وابن الكرام الأُولِ |
جئنا وفينا حاجةٌ للمطرِ |
|
جئنا الى الاطهر وابن الاطهرِ |
وما سواك شافع مشفّعٌ |
|
وما سواك ملجا ومفزع |
صلِّ بنا صلاة الاستسقاء |
|
واخرج بنا اليوم الى الصحراء |
فاليوم يوم الجمعة المباركة |
|
لأمّةٍ كادتْ تضيعُ هالكه |
فقال : في الاثنين سوف تخرجُ |
|
وبالدعا والذكر سوف نلهجُ |
فانتظر الجمعُ لذاكَ اليومِ |
|
ما بين صبرِ صادقِ ولومِ |
وخرج الناس الى الصلاةِ |
|
وقام فيهم سيدُ الهداةِ |
مدّ يديه للدعا وقالا |
|
يا ربِّ انت تسمعُ المقالا |
وانت عظّمت لنا الحقوقا |
|
وانت أوضحتَ لنا الطريقا |
وهؤلاء أمةٌ عُطاشى |
|
قد فقدوا يا ربي المعاشا |
توقّعوا نعمتكَ الوفيره |
|
والخيرَ من سمائك المطيره |
يا رب فاسقهم بغيثٍ هاطلِ |
|
فأنتَ من اعطيتَ كلَ سائلِ |
وراح يدعو الله في خشوعِ |
|
وامتلئت خداهُ بالدموعِ |
فلم تمرَّ غيرُ بضعِ ساعه |
|
حتى بدت في الأُفقِ التماعه |
واجتمع الغيمُ وطبّق السما |
|
وما رميتَ انما الله رمى |
وانفتحت سحائبُ الامطارِ |
|
تهطل بالماء على البراري |
وامتلئت شواطئُ الغدران |
|
وفاضت الانهارُ في الوديان |
حتى تنادى الناس هذا الكرمُ |
|
هذا ابن موسى الطاهرُ المقدّمُ |
كرامة ليس لها مثيلُ |
|
الا الذي قام به الرسولُ (١) |
* * *
__________________
(١) ان قضية حبس السماء مطرها لذنوب اجترحتها العباد ، انما وقعت مرات عديدة في تاريخ الاسلام الطويل ، فقد حصلت ايام الخليفة الثاني فاستسقى العباس عم النبي صلىاللهعليهوآله فجادت السماء بمطرها ، وحصلت ايضاً ايام رسول الله صلىاللهعليهوآله عندما كان واقفاً بعرفات وهو يهم السير نحو مزدلفة ، وهنالك دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله بدعاء الاستسقاء حتى انفرجت السماء بماء منهمر ، وحصلت ايضاً ايام الامام الرضا عليهالسلام حيث ورد في المصادر التاريخية ان السماء حبست مطرها ايام تولية الرضا عليهالسلام لولاية العهد ، مما جعل بعض ضعاف النفوس يُرجعون ذلك الى تولية الرضا عليهالسلام وانه السبب في ذلك ، فأشار عليه المأمون ان يخرج يوم الجمعة للاستسقاء ، لكن الامام الرضا عليهالسلام اصر على يوم الاثنين مؤكداً للمأمون انها سنة عمل بها جده رسول الله صلىاللهعليهوآله وامير المؤمنين علي عليهالسلام وفعلاً خرج عليهالسلام وهناك دعا بدعاءٍ عظيم استهلت به السماء وابل مطرها ، وانفرجت ابواب السماء بماءٍ منهمر حتى عُدت هذه من كرامات الامام المشهورة.
دعاؤه في عرفات
وكان يوماً واقفاً في عرفه |
|
ينوي بأن يسيرَ للمزدلفه |
فقام يدعو والدموعُ تهطلُ |
|
يُمجّدُ الله ومنه يسألُ |
طأطأ رأسه حياءً وبكى |
|
ومدّ كفاً للسماء واشتكى |
ثم دعا بدعوة النبيّ |
|
وبدعاء المرتضى عليّ |
مردداً أضحتْ وربي هالكه |
|
فقيل مَنْ فتمتم « البرامكه » |
قد استجاب الله في دعائي |
|
فاصبحوا في الحبس والبلاء |
قال : الرواة ثم لم نلبث سوى |
|
يومين حتى مجدهم قد انطوى |
وهكذا كان دعاء البرره |
|
اذا دعوا على الطغاة الفجره (١) |
__________________
(١) أشرنا في القسم التاسع من حياة الامام الكاظم عليهالسلام ضمن هذه الملحمة المباركة الى دور البرامكة السلبي تجاه الامام الكاظم عليهالسلام سابقاً ، وتجاه ولده الرضا عليهالسلام فيما بعد ، وقد عُرف هؤلاء بالحقد ، والعداوة لأهل البيت عليهمالسلام وكان الامام الرضا عليهالسلام كثيراً ما يدعو عليهم حتى استجاب الله سبحانه دعائه ، فطوي مجدهم ، ومسحت آثارهم ، ومزقهم كل ممزق بين قتلٍ ، وسجنٍ ، وبلاءٍ ، وتعذيب ، وهذا يشير الى الحكمة القرآنية في قوله تعالى ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) إضافة الى اللطف الالهي في استجابته تعالى لدعاء الامام الرضا عليهالسلام عليهم ، حيث ذكر الشيخ الصدوق : بسندٍ متصل الى مسافر قال : كنتُ مع ابي الحسن الرضا عليهالسلام بمنى ، فمرَّ يحيى بن خالد البرمكي ، مع جماعة من قومه ، فقال الرضا عليهالسلام مساكين هؤلاء لا يدرون ما يحل بهم هذه السنة ، ثم قال : واعجب من هذا انا وهارون كهاتين ، وضمَّ اصبعيه. قال مسافر : فو الله ما عرفتُ معنى حديثه حتى دُفن هو وهارون سوية.
ونقل كذلك الشيخ الصدوق بسندٍ متصل الى محمد بن الفضيل قال : كان ابو الحسن الرضا عليهالسلام واقفاً بعرفة ثم طأطأ رأسه فلما سُئل عن السبب قال : كنتُ ادعو الله تعالى على البرامكة بما فعلوا بأبي الكاظم عليهالسلام فأستجاب الله لي اليوم فيهم فما انصرف الا قليلا حتى بطش هارون بآل برمك مبتدأً بجعفر بن يحيى وحبس اباه ونزل بهم ما نزل.
عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٤٠.
حكام عصره
وحيثُ عاصر الرضا هارونا |
|
وعاصر الأمين والمأمونا |
وكان عانى منهمُ ما عانى |
|
وكابد الهمومَ والاحزانا |
وتابعته أعينُ الطغاةِ |
|
بالظن والتهمةِ والسُعاةِ |
فقد شكاه الحاقد « الزبيري » |
|
وهو الذي ليس به من خيرِ |
قد كاتب الرشيد يشتكيه |
|
ان الرضا على خطى أبيهِ |
قد فتح الابوابَ للثوارِ |
|
ثم إدعى لنفسهِ بالثارِ |
وقد شكتهُ زمرةُ البرامكه |
|
وهي التي دربُ الضلال سالكه |
أفضعُهم يحيى هو ابن خالدِ |
|
وكان فيه خُلقِ المعاندِ |
وكان مبغضاً لأهل البيتِ |
|
يمزجُ نار حقدهِ بالزيتِ |
يُسعّرُ الحرب على ابنِ موسى |
|
وبالشكوكِ يُوغرُ النفوسا (١) |
__________________
(١) عاصر الامام الرضا عليهالسلام بقية حكم هارون ، وحكم الامين ، وحكم المأمون ، وقد لاقى الامام عليهالسلام ما لاقى من العنت ، والاذى ، والمراقبة الشيء الكثير من هؤلاء الحكام ، وقد جعلوا عليه ، ولا سيما من هارون السعاة ، والعيون ، لمراقبة تحركاته وافعاله ، وقد نقل أهل السير والتاريخ الافعال الشنيعة لجماعة من هؤلاء السعاة ، ومنهم يحيى البرمكي ، وبكار الزبيري ، وغيرهم. وفي هذا المجال ينقل الصدوق : ان بكار الزبيري قد ظلم الامام الرضا عليهالسلام في شيء ، فدعا عليه الامام عليهالسلام فسقط عليه حجر من القصر فقتله ، وكذلك حصل لابيه عبد الله بن مصعب الزبيري ، حينما قال لهارون ان الرضا عليهالسلام يريد الخروج عليك لكن الله سبحانه عاجله بالعقوبة فُحم من وقته ، ومات بعد ثلاثة ايام ، وخُسف قبره مرات كثيرة. عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٤٣.
* * *
__________________
=
كما ذكر ايضاً الشيخ الصدوق بسند متصل الى جعفر بن يحيى البرمكي قال : سمعتُ يحيى بن جعفر يقول لهارون حينما توجه من الرقة الى مكة : اتذكر يمينك التي حلفت بها في آل ابي طالب فأنك حلفت ان ادعى احدٌ بعد موسى بن جعفر عليهالسلام الامامة ضربت عنقه وهذا علي الرضا ابنه يدعي هذا الامر ، فنظر اليه هارون مغضباً وقال له : وما ترى اتريد ان اقتلهم جميعاً ؟ قال موسى بن مهران : فلما سمعت ذلك صرتُ الى الرضا عليهالسلام واخبرتهُ بذلك فقال عليهالسلام : ما لي وما لهم لا يقدرون على ذلك ابداً. عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٤٦
نبوءةُ الرضا عليهالسلام
فأقسم الرشيدُ أن يقتلهُ |
|
وفي حياضِ حتفهِ يُنزله |
ووصل التهديدُ للامامِ |
|
فأبتسمَ الطاهرُ للكلامِ |
وقال : ليس ذا له يكونُ |
|
تدركهُ من قبلي المنونُ |
وجَنبهُ والله سوف أُدفنُ |
|
وذاك والله لسرٌ مُعلنُ (١) |
* * *
__________________
(١) وكان الامام الرضا عليهالسلام يُعلن مراراً ان هارون سيموت قبله وسيُدفن معه وهذا ما حصل بالفعل ، وهذا من كراماته الظاهرة ، وفي هذا المجال اورد الصدوق بسند الى موسى بن مهران قال : رأيت علي بن موسى الرضا عليهالسلام في مسجد المدينة وهارون يخطب فقال عليهالسلام اترونني واياه سنُدفن في بيت واحد ؟. عيون اخبار الرضا عليهالسلام ٢ / ٢٤٧.
وفي ذات مرة ، خرج هارون من المسجد الحرام من باب ، وخرج الإمام عليهالسلام من باب آخر فقال عليهالسلام : يا بعد الدار وقرب الملتقى ان طوس ستجمعني واياه. عيون اخبار الرضا عليهالسلام ٢ / ٢١٦.
وقال ابن حجر : اخبر بأنه يموت قبل المأمون ، وأنه يدفن قرب الرشيد فكان كما أخبر.
عيون اخبار الرضا عليهالسلام ٢ / ٢١٦.
ثورة محمد بن جعفر الصادق عليهالسلام
وحين قامت ثورةُ ابن جعفرِ |
|
محمدٍ ابن الطاهر المطهرِ |
فأرسلَ الرشيدُ جيشا ظالما |
|
ليحصد الرقابَ والجماجما |
وقُتلَ الثائرُ فيها صبرا |
|
وراح لله شهيداً حرا |
ونهبت دورٌ لآلِ هاشمِ |
|
والسادةِ الاطايب الأعاظمِ |
ووصل النهبُ الى دار الرضا |
|
وذاك أنكى ما جرى فيه القضا |
فوقف الامام عند البابِ |
|
يذودُ عن حرائرِ الاطيابِ |
وقال : هيهات تُمدُّ كفُ |
|
الى بناتِ أحمدٍ أو سيفُ |
فدون ذاك مهجةٌ لا تأبى |
|
بأن تراق بالسيوف ضربا |
ثم مضى يجمّعُ الحُليّا |
|
يُشبه صبراً جدهُ عليا |
ثمَّ وأعطى كل ما في الدارِ |
|
ولم يدع شيئاً على الجواري |
سوى ثيابٍ خلقاتٍ عدّه |
|
ويا لها من محنةٍ وشدّه |
عانى بها الامام كل هولِ |
|
بعزةٍ تفوق كل قولَ (١) |
__________________
(١) شهدت اواخر ايام خلافة هارون
، واوائل خلافة المأمون ؛ قيام عدة ثورات علوية ضد الظلم والفساد في ذلك الزمان ، فقد ذكرت المصادر التاريخية : ان محمد بن الامام الصادق عليهالسلام كان رجلاً ، فاضلاً ، سخياً ، عابداً ، عالماً ، راوياً للحديث ، اضافةً
الى شجاعته ، وقد بايعه اثناء ثورته جماعة من آل ابي طالب بالمدينة على امارة المؤمنين ، وكان
يُلقب « بالديباج » لحسنه ، وجماله ، وقد توجّه ايام ثورته الى مكة ، ومعه جماعة من
العلويين ، واشتبكوا بقتال مع واليها هارون بن المسيب ، وقيل بل مع عيسى بن يزيد الجلودي ، وكبدوا جيشه الكثير من القتلى ، وسرعان ما طلب الجلودي من الامام الرضا عليهالسلام وهو
في
=
__________________
=
المدينة ان يكتب بكتاب الى محمد بن الصادق عليهالسلام يعرض عليه الصلح ، لكن محمد رفض ذلك ، وسرعان ما ارسل مدد جديد للجلودي ، حيث حوصر الثائر محمد ، وانصاره في جبل كان هناك ، ودام الحصار ثلاثة ايام سرعان ما نفد ما معهم من المؤن ، وبدأ اصحابه يذهبون هنا وهناك مما حدى به الى عقد صلح امان مع الجلودي ، وقد قام هذا الاخير بأخذهم اسارى الى المأمون ، وكان والياً في خراسان ، وهناك مات هذا الثائر صبراً ، وهو حرٌ ، وقد شيعه المأمون اثناء دفنه ، وكان هارون العباسي قد ابلغ الجلودي ان يهاجم دور آل ابي طالب بالمدينة ، وان يسلب نسائهم ، ففعل الجلودي ذلك.
وحين توجه الى دار ابي الحسن الرضا عليهالسلام وهجم على البيت فتصدى له الامام عليهالسلام وامره بالبقاء خارج البيت على ان يعطيه ما يريد ، وفعلاً سلمه الامام عليهالسلام كل الحُلي والثياب التي بحوزة العلويات ، ولم يترك سوى شيئاً يسيراً ، وهو يتجلد صبراً بما فعل الظالمون ، وكم عانى الامام الرضا عليهالسلام من هذه الحادثة ، واصابته الآلام على اثرها ، لكن الله سبحانه كان بالمرصاد للظالمين ، اذ سرعان ما وصلت ولاية العهد للامام الرضا عليهالسلام وكان المأمون آنذاك غاضباً على الجلودي لأمرٍ ما ، فأدخل الجلودي على المأمون ، وكان الرضا عليهالسلام جالساً ، ولما كان اهل البيت عليهمالسلام اهل عفو وتسامح ، وهذا هو ديدنهم ، فقد همس الامام بأذن المأمون بالعفو عنه ، فظن الجلودي ان الامام يُشير على المأمون بقتله ، فقال الجلودي للمأمون : بالله عليك لا تسمع كلامه ، وهنا قال المأمون : والله سوف لا اسمع كلامه اذ امرني بالعفو عنك ، وسرعان ما قتله ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ).
مقاتل الطالبين / ٣٥٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٤٨.
نهاية هارون وصراع الأخوة
وحين هارون طوى أسيافه |
|
أوصى الى الامين بالخلافه |
في الشام والعراق حتى المغربِ |
|
فأرتجفت خوفاً وجوه العربِ |
ثم الى المأمون بعد النزقِ |
|
من همدان الفرس حتى المشرق |
فأشتعلتْ بالفتنةِ النفوسُ |
|
وأوقدتها العُربُ والمجوسُ |
فجهزت بغداد جيشاً غاضبا |
|
تطمحُ ان ترى الامين غالبا |
وجَهّزت فارسُ جيشاً ثانِ |
|
لعلها تغلبُ بالطعانِ |
فأنهزم الامينُ في بغدادا |
|
مُحاصَراً قد ترك الجلادا |
وشاهدتْ بغداد يوماً أسودا |
|
وهامت الناس على غير هدى |
فالقتل والسبُ غدا شعارا |
|
لألفِ سيفٍ ينشرُ الدمارا |
ثم إنتهى الحصارُ بالقبض على |
|
خليفةٍ ما طاب يوماً عملا |
وزُج في السجن بغير رحمه |
|
من فتنةٍ ضيع فيها الامه |
وبعدها ذات مساءٍ قتلا |
|
ورأسه الى أخيه حملا (١) |
__________________
(١) نقل اهل السير والتاريخ ان
هارون العباسي ، وقد عهد بولاية العهد لأبنه محمد الامين ، وكان آنذاك في بغداد ، ثم للمأمون ، وكان آنذاك والياً على خراسان ، وكان
الامين ثاني خليفة هاشمي من الهاشميين بعد الامام علي عليهالسلام اذ
كانت امه « زبيدة » علوية ، وقد وصفه السيوطي بأنه كان شاباً قوي الساعد ، وكان سيء التدبير في امور الخلافة ،
كثير التبذير ، ارعن ، ضعيف الرأي في امور السياسة ، اذ سرعان ما قام بعزل اخيه
القاسم
=
__________________
=
عما كان ولّاه ابوه من قبل ، ثم خلع اخاه المأمون من ولاية العهد ، وعين ولده موسى بدلاً عنه عملاً باغراءات جماعة من العرب والمجوس ، ثم اقدم بجيش يقوده طاهر بن الحسين ، فكانت الغلبة لجيش المأمون الذي دخل بعد ذلك الى بغداد ، واعمل فيها القتل ، والفساد ، وحوصرت خمسة عشر شهراً ، وبعد ان علم الامين بأنهيار جيشه ، وهروب اعوانه ركب قارباً مع جماعة ، وهرب ولكن قُبض عليه فيما بعد ، وحُبس عند جماعة من الملاحين ليلتين ، ثم دخل عليه جماعة من الاعاجم فضربوه بالسيف ، ثم ذبحوه ، واخذ رأسه الى اخيه المأمون ، ثم جُرّت جثته بحبل ، وكانت نهاية الامر ان بويع للمأمون بالخلافة.
وكانت مدة خلافة الامين حسب رواية اليعقوبي في تاريخه اربع سنين وسبعة اشهر وعدة ايام ، وكان عمره يوم مقتله ٢٧ سنة ، لكن الشيخ عباس القمي يقول في كتابه تتمة تواريخ الخلفاء : وكانت مدة حكمه حتى يوم مقتله ما يقرب من خمس سنوات وكان سنّهُ ٣٣ سنة قضاها باللهو واللعب والطرب.
ونقل السيوطي قول هارون في ولده الامين : اني لأعلم انه ـ اي الامين ـ منقاد الى هواه مبذر لما حواه ويشاركه في رأيه النساء والاماء. تاريخ الخلفاء / ٣٠٧.
بيعة المأمون
وبايع الناس الى المأمونِ |
|
بالخوف والاغراء والظنونِ (١) |
* * *
__________________
(١) استلم المأمون زمام الحكم بعد حرب دامية استمرت خمس سنين قتل فيها آلاف القادة والجنود ، وحدث تفتت في التحالف العباسي وانقسم الى قسمين ، مؤيدين ، ومعارضين لحكم المأمون الذي قد حدث فيه انفراج سياسي للامام الرضا عليهالسلام ولاهل بيته بعد اربع سنين ، فكان الإمام عليهالسلام يتحدث بحرية تامة ، ويتحرك في دائرة أوسع من قبل ، وهي دائرة البلاط الحاكم لاتصاله بالوزراء ، والقادة مباشرة.
والمأمون كوارث لأبيه وأجداده لم يستطع ان يخرج عن النهج السياسي السابق إلا في حدود ضيقة ، وكان كسابقيه يؤطر حكمه باطار شرعي مقدس ، وهذا يظهر من الكتب والمخاطبات التي وجهت اليه ، ومنها ما كتبه اليه طاهر ابن الحسين ، قاد الجيش الذي قتل أخاه الأمين حيث جاء فيه :
قد قتل الله المخلوع ، واسلمه بغدره ونكثه ، واحصد لأمير المؤمنين أمره ، وانجز له ما كان ينتظره من سابق وعده ، والحمد لله الراجع الى امير المؤمنين حقه ، الكائد له فيمن خان عهده ، ونقض عقده ، حتى ردّ به الالفة بعد فرقتها ، وجمع له الامة بعد شتاتها ، فأحيا به اعلام الدين بعد دثور سرائرها. اعلام الهداية ١٠ / ١١٨.
انتفاضات الاقاليم
وانتفض الثّوارُ في الأفاقِ |
|
في الشام والحجازِ والعراقِ |
نصر بن سيارٍ بأرض الشامِ |
|
وأبن طباطبا من الاعلامِ |
وفي الحجاز ثار ابراهيمُ |
|
وهو ابن موسى والفتى الحكيم |
وزيدٌ النار بأرضِ البصره |
|
وخلفهم من الرجال كثره |
فارتعدت قوائم الخلافه |
|
واصبح المأمونُ في مخافه |
أن يذهب السطانُ من يديه |
|
وأن يعودَ حسرةً عليه |
فراح يقضي الليل بالتفكيرِ |
|
خوفاً على نهايةِ المصيرِ |
وحوله جمعُ من الرجالِ |
|
يقلبون الأمرَ بالاقوالِ |
فشيعةُ العراق في وثوبِ |
|
وشيعة الحجازِ في حروبِ |
وثورة الاطرافِ ليست تنطفي |
|
والضعف صار ليس بالامرِ الخفي |
وصار في غمٍ بنو العباسِ |
|
وأبتعدت عنهم وجوه الناسِ (١) |
__________________
(١) ذكر اهل التراجم والسير ورواة التاريخ سمات عصر المأمون العباسي الايجابية ، لكنهم تغاضوا ، او تكتموا نوعا ما عن افعاله السلبية سواء على الصعيد السياسي ، او الاقتصادي ، او الاخلاقي ، وربما كانت هذه الافعال هي الدافع الاساسي لقيام جملة من الثورات في جميع نواحي العالم الاسلامي آنذاك ضد سلطته الجائرة ، واجمالاً يمكن تسجيل عدة سمات صبغت حكم المأمون ، وأدت الى قيام هذه الثورات :
أولاً : عُرف المأمون بالغد ، ولا سيما مع الامام الرضا عليهالسلام وجميع خصومه السياسيين كأخيه الامين ، وعبد الله بن موسى الهادي ، واسحاق بن موسى ، وحميد الطوسي ووزيره الفضل بن سهل.
=
__________________
=
ثانياً : ميله الى الدنيا ، واللهو ، والولع بالشطرنج ، وبالموسيقى ، وشرب الخمور ، وكان يقيم في قصره مجالس الغناء ، والطرب ، وهو القائل : « الذ الغناء ما اطرب السامع » اضافة الى منادمته للسُفّل ، والساقطين ، كما فعل لما اتخذ القاضي يحيى بن اكثم قاضي الخلافة العباسي نديماً له بعد عزله عن قضاء البصرة ، وكان هذا معروفاً بالفجور.
ثالثاً : تظاهره أمام العلويين بالتشيع ، حتى انطلى هذا الامر على بعض من المؤرخين.
رابعاً : استعماله القسوة المفرطة ضد خصومه ، ومنهم أخوه الامين ، وجماعة من آل ابي طالب المعارضين لسلطانه.
خامساً : الفساد الاقتصادي الذي كان سائداً آنذاك حيث قال السيوطي في تاريخه ، انه بذر كثيراً من اموال الخلافة على اللهو ، ومتع الدنيا.
سادساً : انتشار الفقر والعوز بين الناس في عهد خلافته ، واندمار الشريحة في المجتمع لاهمال مقصود ، وشيوع الجور والظلم في بعض مناطق العلويين ، كما حصل في الكوفة وجور واليها.
سابعاً : غلبة الدهاء والحيلة على سلوكه وتصرفاته مما جعله غير مأمون الجانب ، خاصة من الذين يعرفونه ، ولعل هذا الامر يبدو ايضا عندما بدأ بتصفية خصومه ، ومنهم الامام الرضا عليهالسلام والفضل بن سهل وزيره.
كل هذه الامور وغيرها ادت الى ان تتعرض سلطته لهزات عنيفة هنا وهناك قام بها ثوار وبالاخص العلويين ، ولعل منهم ابو السرايا ، وكان رجلاً شجاعاً خرج في الكوفة سنة ١٩٩ هـ ودعا الناس الى بيعة محمد بن ابراهيم بن اسماعيل طباطبا ، وواكب ثورته تلك ثورة محمد بن الامام جعفر الصادق عليهالسلام بالمدينة ، وفي الحجاز ثار ابراهيم بن الامام موسى الكاظم عليهالسلام في حين ثار بالبصرة زيد بن الامام موسى الكاظم عليهالسلام وقام بأحراق دور بني العباس ، لذا لقّب بـ « زيد النار » ويكنى بأبي الفضل ، وله مرقد ومزار كبير في محافظة الديوانية ، وقد عفا عنه المامون بشفاعة الامام الرضا عليهالسلام الذي أنبهُ كثيراً على افعاله ، كل هذه الثورات وغيرها جعلت المأمون في غمٍّ وتفكير خوفاً من انهيار سلطانه.
بيعةُ الرضا عليهالسلام
ولم تكن من حيلةٍ مخيفه |
|
غيرَ اختيارٍ للرضا خليفه |
وقُطع الامرُ بأشخاص الرضا |
|
الى خراسان بأمر قد قضى |
فكتب المأمون يستدعيه |
|
وبأرتقاء عرشه يُغريه |
فاعتذر الامام أي عذرِ |
|
كي يتقي منه وجوه الشرِ |
حتى اذا أيقن لن يكفا |
|
أجابه لما يريدُ عسفا |
فحمل الأمام بالنفائسِ |
|
على طريق بصرةٍ وفارس |
مودعاً قبر النبي المصطفى |
|
وأهله المستكملين الشرفا |
وجاد في اهليه بالاموال |
|
يقول لن أعودَ للعيالِ (١) |
__________________
(١) لقد حصل في عهد خلافة المنصور اضطراب في الوضع السياسي ، حيث انه عاش صراعاً مريراً للقضاء على اخيه الامين ، وما نتج عن ذلك من استياء بقية انصار الامين من العباسيين ، لكنه سرعان ما فوجئ بعدة ثورات وحركات مسلحة علوية في جميع الامصار الاسلامية ،مما جعل المأمون يفكر في مشروع سياسي ينطوي على دهاء بعيد يستهدف اولا حركة الامام الرضا عليهالسلام وتطويقه ، وثانيا كسب ودّ العلويين ، ولا سيما الثائرين منهم وتثبيط عزائمهم ، وامتصاص نقمة الكثيرين منهم ، اضافة الى التشبّه بالعدل واشاعة السلام ، فعمد الى فكرة ولاية العهد ، او اشراك الامام الرضا عليهالسلام بالسلطة العباسية عكس ما فعل اجداده من قبل.
وعلى العموم يمكن اجمال اهم الاسباب التي ينطوي عليها هذا الفعل السياسي.
أولاً : الايحاء لجماعات الشيعة ولا سيما الثائرة منها ان الخلافة قد رجعت اليهم عن طريق اشراك كبيرهم الامام الرضا عليهالسلام بعد سنوات من الغضب ، والقتل ، والابعاد ، وبالتالي فلا حاجة للثورة ضده ، وفي نهاية المطاف يكون قد انهى اقوى معارضة سياسية لسلطانه.
=
__________________
=
ثانياً : محاصرة الامام الرضا عليهالسلام في البلاط ، وبالتالي تحجيم دوره العلمي ، والديني ، والسياسي ، ومعرفة قواعده ، وانصاره ، وتحركاته.
ثالثاً : التمويه على الناس ان المامون العباسي شيعي الهوى والتوجه ، ومحباً لأهل البيت عليهمالسلام اضافة الى ما رافق هذا من اعلام مضلل عملت سلطته آنذاك على نشره بين الناس.
رابعاً : اعادة السيطرة والقوة لسلطته المهتزة وبالتالي انهاء خصومه من غير العلويين.
خامساً : تشويه سمعة الامام الرضا عليهالسلام من اشراكه بالسلطة ، وانه رجل دنيوي راغب فيها ، بدليل قبولها على حساب ما اشيع عنه وعن اهل البيت عليهمالسلام كونهم زاهدين بالدنيا ، اضافة الى ان تواجد الامام عليهالسلام تحت نظر السلطة مما يعطيه فرصة في اي لحظة للقضاء عليه متى شاء.
كل هذه العوامل هي التي اوحت للمأمون اسناد ولاية العهد للامام عليهالسلام لا ما يقوله الآخرون ، ومنهم السيوطي حيث يقول :
وفي سنة ٢٠١ هـ خلع المأمون اخاه من ولاية العهد وجعلها لعلي الرضا ، وقد حمله على ذلك افراطه في التشيع وميله لأهل البيت. تاريخ الخلفاء / ٣٠٧.
او كما قال ابن الاثير في الكامل : وكان المأمون شديد الميل للعلويين ، والاحسان اليهم ، ومنها اسناد ولاية العهد لكبيرهم الامام الرضا عليهالسلام وكان قد فعل ذلك طبعا لا تكلفاً.
وقد ذكر المستشرق النمساوي دونا لدسون ، حول غاية استمالة الخليفة المأمون من الامام عليهالسلام حيث يقول : كان الخليفة العباسي غير واثق من ميل الناس له في العراق ، وخاصة العلويين ، ففكر في ان يتقرب من الفئات الشيعية الكثيرة ، ولا سيما الثائرة منها بتعيين الامام علي الرضا عليهالسلام خلفاً له في الخلافة.
وقال ايضا : « جاهد الامام الرضا في تفهيم الناس بان ولاية العهد لم تكن تتفق مع رغبته وانما كان يفعل ذلك بموجب ما دعي اليه وأكره عليه ». عقيدة الشيعة / ١٦١
ومما يؤكد ذلك أن المتأمل في سلوك المأمون باسناد ولاية العهد للامام الرضا عليهالسلام فهل من العقل ما يستوجب التصديق ان المامون المحب لدنياه الذي قتل اخاه الامين أشد قتلة ، والمنغمر هو في طلب الرئاسة ، وحب الدنيا والجاه ، ان يدعو مثل هذا المأمون من خلع نفسه وابنه من الخلافة ، واسنادها الى الامام الرضا عليهالسلام.
فالمسألة اذاً مسألة سياسية ، والمأزق الذي كان يعانيه المأمون مأزق فكري سياسي ، وكان لا بد له من معالجته بأدوات فكرية سياسية ، وهذا الذي حدث.
الرحيلُ الى خراسان
في مأتين مضتا للهجره |
|
توجه الامام نحو البصره |
لم يدخل الكوفة في مسيرهِ |
|
كأنه يمشي الى مصيره |
سار الى الاهوازِ غير شاكِ |
|
مع « الرجاءِ بن ابي الضحاكِ » |
حتى اذا ما بلغوا « لأربقِ » |
|
أوقف في الشاطي ركب الأينقِ |
والنوفليُّ جعفرُ مذ رآهُ |
|
بلهفةٍ وعبرةٍ حياهُ |
وقال ان الناس يزعمونا |
|
ان أباك عبر المنونا |
ولم يزل حياً فأضحى غائبا |
|
يُجمّعُ الجيوش والكتائبا |
ردّ الرضا قد كذبوا علينا |
|
فأنه قد مات في يدينا |
وقُسّمت أمواله لأهله |
|
والارثُ بين زوجته ونجله |
ثم مضى الى طريق الصحرا |
|
يُوصلُ في ليل المسير الفجرا (١) |
__________________
(١) تشير المصادر التاريخية الى أن المأمون قد اكره الامام الرضا عليهالسلام للقدوم الى خراسان لتولي ولاية العهد ، وقد دامت بينهم الرسائل ، والمكاتبات قرابة شهرين ، حيث اشارت الى ذلك وفصلت رحلته من المدينة الى خراسان ، وهذا مجمل ما ذكره المؤرخون :
لما اراد الامام الرضا عليهالسلام
الخروج من المدينة الى خراسان جمع عياله وبكوا جميعاً وبكى معهم ، ثم فرق بينهم اثني عشر الف دينار ، واعلمهم انه غير راجع اليهم ، ثم عدل
الى قبر جده رسول الله صلىاللهعليهوآله ومعه ولده ابو جعفر الجواد عليهالسلام واستودعه عند جده رسول الله
صلىاللهعليهوآله اياه في المدينة ، ثم توجه من هناك عام ٢٠٠ هـ الى خراسان سالكاً طريق البصرة ، ولم
يدخل الكوفة متوجهاً الى بغداد ، ومن ثم الى قم ، برفقة المتولي على شؤون رحلته رجاء
ابن ابي
=
__________________
=
الضحاك ؛ عم الفضل بن سهل ، وقيل المتولي شؤون الرحلة هو الجلودي.
الارشاد / ٣٠٩ ، مقاتل الطالبين / ٣٦٩.
وقد ذكرت المصادر التاريخية ان الامام الرضا اثناء مسيره نحو خراسان اخذ الطريق الصحراوي مبتعداً عن الكوفة بأمر المأمون خوفاً من اجتماع شيعة الكوفه معه ، وان المأمون كتب الى الرضا عليهالسلام ان لا تأخذ طريق الجبل وخذ طريق الاهواز وفارس.
وان المأمون اشخصه من المدينة الى = البصرة = الاهواز = فارس = نيسابور = مرو ، حيث عاصمة الخلافة هناك.
حديث السلسلة
حتى أتوا صبحا « لنيسابورِ » |
|
فاستوقفوا بغلته في السُورِ |
فيهم ابو زرعةٍ الرازيُّ |
|
الثقةُ المحدّثُ القويُّ |
ومعه محمد بن أسلمِ |
|
راويةً في الناس مثل العَلمِ |
ومعهم كانت وجوه الشيعه |
|
وكلهم مُصغّيةٌ سميعه |
وطلبوا ان يسمعوا روايه |
|
صحيحةً أوثقَ من درايه |
فاستوقف البغلة ثم قالا |
|
سمعت من موسى أبي مقالا |
يروي عن الصادق عن ابيه |
|
وعن علي الساجد الفقيه |
عن الحسين السبط عن عليِّ |
|
عن النبي الطاهر الأميِّ |
عن جبرائيل الملك الامينِ |
|
عن خالق السماء والتكوينِ |
قال : الذي قد احسن المقالا |
|
ربُ السما سبحانه تعالى |
من قال : لا اله الا اللهُ |
|
صار بحصني حافظاً إياهُ |
ومن اتى حصني فلن أعذبا |
|
لكنّ شرطَها ولاءُ النجبا |
وانني والله من شروطها |
|
فأستمسكوا بالحق من خيوطها |
فيا له من سندٍ قد شفّى |
|
كأنه من ذهب مُصفّى |
قال ابن حنبلٍ اذا ما قرءا |
|
هذا على المجنون الّا برءا (١) |
__________________
(١) عند رحلة الامام الرضا عليهالسلام مرّ
اثناء مسيره بمدينة نيسابور ، فلبث فيها يسيراً ، وعندما همّ بالمسير الى خراسان اجتمع عنده العلماء واصحاب الحديث ، وطلبوا منه حديثا عن جده رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان الامام آنذاك في هودج على ناقة له فأخرج عليهالسلام رأسه
وقال لهم :
=