ملحمة قوافل النّور

حسين بركة الشامي

ملحمة قوافل النّور

المؤلف:

حسين بركة الشامي


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار الإسلام
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٤٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وحفصةٌ من بعدها وعائشه

تعيذها من كل عينِ طائشه

تقول يا خير نساءِ البشرِ

ومن لها وجهٌ كوجهِ القمرِ

ودخلت في بيتها الصغيرِ

قرينةً للبطلِ الأميرِ

فراشُها حشو إهابٍ ليفي

ومِطهرٌ من خزف نظيفِ (١)

وجرةٌ خضراء مع كوزانِ

وشملةٍ بيضاء من قطوانِ

ومخضبٌ من النحاسِ الاصفرِ

وستُر صوفٍ وحصيرٍ « هجري »

وعلقت في الحجرةِ البهيه

قطيفةٌ سوداء خيبريه

بساطةٌ جللها الفخارُ

وأسرةٌ باركها المختارُ

ودوحةٌ قدسيةُ العطاءِ

ثمارُها من أعظم الأبناءِ

« الحسنان » أُردفا « بزينبِ »

وأمُّ كلثوم سليلةُ النبيّ

يا أُسرةً أعطت إلى الايمانِ

أرواحَها على مدى الزمانِ

قتلا وتشريداً وتضحياتِ

من الأُلى والسادةِ الأُباةِ

أبناءُ فاطمِ حماةُ الدينِ

وكهفُ كلِّ صادق أمينِ (٢)

منها تعلّموا دروسَ الصبرِ

من يوم يولدون حتى القبرِ

فصبرها ليس له مثيلُ

بكى على محنتها « جبريلُ »

أَول حزن فقدُها لاُمها

في الشِعب وافتقادُها لعمِّها

والخطبُ كلُّ الخطب في فقدانِها

وجهَ أبيها وعُرى بنيانِها

فقد غدت من بعده مكلومه

مبعدةً عن حقّها مهضومه

إذ غُصبت نحلتها وهي « فدك »

وما درى الغاصبُ أنّه هلك

__________________

(١) أشارة الى مهر فاطمة الذي أصبح سنة للمؤمنين وهو ما يعادل اربعمائة وثمانين درهماً من الفضة.

(٢) أبناء فاطمة عليها‌السلام هم أئمة المسلمين وقادة الدين حماة الشرع والأدلاء على النهج القويم.

١٤١
 &

حتى ادّعوا أنّ النبيَّ ذهبا

ولم يورّث فضةً أو ذهبا

وهو حديثٌ واضحٌ البطلانِ

فآية الميراثِ في القرآنِ

فانتفضت غاضبةً تعاتبُ

صحبَ أبيها كي يُردَّ الغاصبُ (١)

__________________

(١) تعرضت فاطمة الزهراء عليها‌السلام الى محن كبيرة كان آخرها غصب حقها في فدك وفي ميراث والدها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وعندما طالبت أبا بكر بحقها قال أنه سمع الرسول يقول : « لا نورث ، ما تركناه صدقه » وهو حديث لم يروه غير أبي بكر ، وهو يتعارض مع نص القرآن الكريم حيث قال تعالى : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) النمل / ١٦.

وقال كذلك : ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) مريم / ٦.

وقد غضبت الزهراء على أبي بكر وعمر ، وأعلنت غضبها صراحة وعلناً ، وقد حاولا أن يسترضياها ، غير أنها عليها‌السلام أكدت أنهما أغضباها ، وأنها غير راضية عنهما ، وظلت على هذا الموقف حتى وفاتها حزناً وكمداً سلام الله عليها ، وقد وصف صاحب الملحمة محنة الزهراء وحزنها وغضبتها في إحدى قصائد مناجاته بقوله :

قلبي يذوب أسىً على الزهراءِ

ومدامعي تجري دماً بسخاءِ

حزناً على الطهر البتولةِ أنها

رحلَت بقلبٍ غصَّ بالبلواءِ

رحلت بحسرتِها وظلَّ ورائَها

سرُّ الجَوى والجمر في الاحشاء

ومضت الى الرحمنِ تشكو أمّةً

نقضت عهودَ الشرعة الغرّاءِ

تدعو أباها وهي تعلم أنهُ

أدرى بما فعلت يدُ الطُلقاءِ

أبتي أتُسلبُ (نحلتي) منّي وفي

بيتي تَشبُ مواقدُ البغضاءِ ؟

أبتي الا تدري بما فعلَ العِدى

فينا وقد جاروا على أبنائي

من بعد أن حملوا (الامام) مبايعاً

وهو الوصيُّ وأوّلُ الخلفاءِ

ونسوا وصاياكَ التي وصّيتهم

فيها (بخمَّ) في غدير الماءِ

أو لم تقلْ هذا عليٌ فيكمُ

خلفَي ومن عاداه من أَعدائي

أبتي أَضاعوا العهد ثمّ تكشفت

أحقادُهم بالشرّ والضرّاءِ

صعدوا على باب النبيّ كأنّهم

يُحييون ثاراتٍ لدى الآباء

قد قيل فيه فاطمٌ قالوا : وإن

فاليومَ نحرقُها على الزهراءِ

أبتاه غاضبةً أظلُّ عليهم

ويظُّل حتى الحشرِ صوتُ بُكائي

١٤٢
 &

خطبتها واحتجاجها

فخطبت خطبتها الملتهبه

على الصحاب ثمّ عادت غضبه (١)

__________________

(١) لما بلغ فاطمة اجماع أبي بكر على منعها فدك ، لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت جلبابها ، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها ملاءة ثم أنّت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء وارتجّ المجلس ، ثمّ أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم ، افتتحت كلامها بالحمد لله عزّ وجلّ والثناء عليه ، والصلاة على رسول الله ، ثم قالت : اعلموا أي أنا فاطمة ابنة محمد ، أقول عوداً على بدء ، لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ، فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم ، وأخا ابن عمّي دون رجالكم ...

ثم استرسلت في خطبتها إلى قولها :

ثم أنتم الان ، تزعمون أن لا إرث لنا ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) يا ابن أبي قحافة ! أترث أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئاً فريّا ، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون. ثم انكفأت إلى قبر أبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله تقول :

قد كان بعدك أنباءٌ وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطبُ

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها

وغاب مذ غبت عنّا الوحيُ والكتبُ

أبدى رجالٌ لنا نجوى صدورهمُ

لما مضيت وحالت دونك التربُ

تجهمتنا أناسٌ واستُخفّ بنا

لما فقدت وكلّ الأرث مغتصبُ

وكنت بدراً ونوراً يستضاء به

عليك تنزلُ من ذي العزة الكتبُ

وكان جبريل بالآيات يؤنسنا

فقد فقدت وكل الخير محتجبُ

فليت قلبك كان الموت صادفنا

لما مضيت وحالت دونك الكثبُ

١٤٣
 &

وذكّرتهم كيف كانوا زُمرا

مضيّعين بدوها والحضرا

الجاهلية انطوت في الروحِ

والوأدُ فخرٌ للدمِ المسفوحِ

يُغيرُ بعضهم على بعض فما

يردّهُ إلا الرماحُ والدما

العدلُ فيهم مبعدٌ والحقُّ

والخير فيهم ضائعٌ والصدقُ

__________________

إنا رزئنا بما لم يُرزَ ذو شجن

من البريّة لا عُجمٌ ولا عربُ

قال الراوي : ولم ير الناس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ ، ثم عدلت إلى مجلس الأنصار ، فقالت : يا معشر البقيّة وأعضاء الملّة وحضنة الإسلام ! ما هذه الفترة عن نصرتي ، والونّية عن معونتي ، والغمزة في حقّي ، والسنة عن ظلامتي ؟! أما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « المرءُ يحفظ في ولده » ؟ سرعان ما أحدثتم وعجلان ما أتيتم ، الآن مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمتم دينه !؟ ها !! ، إن موته لعمري خطب جليل ، استوسع وهنه ، واستبهم فتقه ، وفقد راتقه ، وأظلمت الأرض له ، وخشعت الجبال ، وأكدت الآمال ، أُضيع بعده الحريم ، وهتكت الحرمة ، وأُزيلت المصونة ، وتلك نازلة أعلن بها كتاب الله قبل موته ، وأنبأكم بها قبل وفاته ، فقال : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى? أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى? عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ ).

إيها بني قيلة أأهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع تبلغكم الدعوة ، ويشملكم الصوت ، وفيكم العدة والعدد ، ولكم الدار والجنن ، وأنتم نخبة الله التي انتخب ، وخيرته التي اختار ، باديتم العرب ، وبادهتم الامور ، وكافحتم البهم ، حتى دارت بكم رحى الاسلام ، ودر حلبه وخبت نيران الحراب ، وسكنت فورة الشرك ، وهدأت دعوة الهرج واستوثق نظام الدين ، أفتأخرتم بعد الاقدام ؟! ونكصتم بعد الشدة وجبنتم بعد الشجاعة عن قوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم ( فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ ). ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، وركنتم إلى الدعة ، فجحدتم الذي وعيتم ودسعتم الذي سوغتم ، وإن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعاً فإن الله لغني حميد ، ألا وقد قلت لكم ما قلت على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم ، وخرو القناة وضعف اليقين ، فدونكموها فاختورها مدبرة الظهر ، ناقبة الخفّ ، باقية العار ، موسومة الشعار موصولة بنار الله الموقدة التي تطّلع على الافئدة ، فبعين الله ما تعلمون ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة ٤ / ٧٨.

١٤٤
 &

أذلةٌ كانوا كما الأماءِ

لا سترَ الا وحشةَ الصحراءِ

مستضعفون فيهم الشرُ نطق

اكلهم القديدُ والشربُ طَرق

حتى أتاكمُ أبيّ بالنورِ

يُزيلُ عنكم ظُلمة الديجورِ

بعد اللتيّا والتي وما جرى

أصبحتمُ خيرةَ أمّةِ الورى

فشرعت بينكم الصلاةُ

ورتلت عليكم الآياتُ

وارتفع الايمانُ فيكم رايه

وانطمست معالم الغوايه

والصومُ من علائم الاخلاصِ

وجنةٌ للفوز والخلاصِ

والحجُ تشييدٌ ليوم النصره

والامر بالحقِ وحبِ العتره

حيثُ بها يكتمل الايمانُ

وعندها ينتصر الانسانُ

فاعتذر الصحبُ لدى المعاتبه

لكنّها ظلّت عليهم غاضبه

ورجعت كسيرةً مريضه

تأسى لهذي الأمةِ البغيضه

راحت تعاني ألم الحصارِ

وفي الضلوعِ طعنهُ المسمارِ (١)

جريحة القلب ودمعُ العينِ

مختلطٌ بدمعةِ الحسينِ

يقول : يا أماه يازهراءُ

صلى عليك اللهُ والسماءُ

من يُطعمُ اليتيمَ والأسيرا

ويسترُ العُريان والفقيرا

وبعدها أوصت الى الامامِ

وصيةً من أبلغِ الكلامِ

تقول ان اتى القضا غسلني

وفي حلول الليلِ قم وادفني

لا تُعلمنَّ احداً بذاكا

ولا يرى جنازتي سواكا

__________________

(١) من المظالم التي تعرضت لها فاطمة الزهراء ، أنها تعرضت في بيتها لهجوم عمر بن الخطاب ، يوم بيعة أبي بكر ، فقد جاء عمر الى بيتها يريد أن يجبر الإمام على بيعة أبي بكر ، وهدد بإحراق بيتها ، فقالوا : ان فيه فاطمة قال : وإن. وروي أنه أراد أن يقتحم المنزل وكانت خلف الباب فدفع الباب بقوة مما تسبب في كسر ضلعها وسقوط جنينها.

١٤٥
 &

وفاتها عليها‌السلام

ثمّ قضت طاهرةً مطهره

لكنّ أضيعَ قبرُها في المقبره

الحزنُ ظلَّ خلفَها طويلا

وحسرة تُدافعُ العويلا

قد وقف الإمام عند قبرها

مودّعاً وباكياً لصبرها

يقول : ردّت هذه الوديعه

إليكَ يا مؤتمن الشريعه

يكفكفُ الدمعَ بحزن وأسى

وقلبهُ يبكي بكاءً أخرسا

أخفى الإمام قبرها عشيّه

لرغبة الزهراء في الوصيّه (١)

__________________

(١) طلبت الزهراء من الإمام علي أن يخفي قبرها وأن يدفنها سراً ، وكان هذا الموقف منها عليها‌السلام إحتجاجاً تأخيرياً على ما لاقته من ظلم بعد وفاة أبيها.

وكان يوم وفاتها كيوم وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله من حيث الحزن والأسى الذي خيّم على المسلمين ، ولقد ودعها الإمام علي عليه‌السلام بآخر كلمات له معها على فراش الموت بقوله : والله لقد جددت عليّ مصيبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد عظمت وفاتك وفقدك ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأحزنها ، هذه والله مصيبة لا عزاء عنها ، ورزيّة لا خلف لها.

ثم توجه الى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقلبه يعتصره الألم يقول : السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك والسريعة اللحاق بك ! قلَّ ، يا رسول الله عن صفيّتك صبري ، ورق عنها تجلدي ، إلا أن في التأسي لي بعظيم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تعز فلقد وسدتك في ملحودة قبرك وفاضت بين نحري وصدري نفسك ( إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ). فلقد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة ! أما حُزني فسرمد وأما ليلي فمُسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مُقيم وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها

=

١٤٦
 &

فهي الوديعة التي قد ضيعت

ومنعت عن حقها ودفعت

ظلامة تظلُ طولَ الدهرِ

في علنٍ نبكي لها وسرِ

فدمعها دمعُ النبيِّ طه

واهاً على تلك الدموعِ واها

تأتي بيوم الحشر للرحمنِ

شاكيةً من عنت الانسانِ

حيث تغض عندها الابصارُ

بمثل هذا حدّث المختارُ

مسكنها الجنانُ والريحانُ

وجارها النبيُ والرحمنُ

ألفُ سلامٍ وصلاةٍ تُتلى

على البتولِ ما هلالٌ هلا (١)

* * *



__________________

=

فاحفها السؤال واستخبرها الحال ، هذا ولم يطل العهد ولم يخل منك الذكر والسلام عليكما سلام مودع لا قالٍ ولا سئم فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين. نهج البلاغة / ٣١٩ ـ ٣٢٠.

(١) عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فينادي مناد : غضوا أبصاركم ونكّسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الصراط. قال : فتغض الخلائق أبصارهم فتأتي فاطمة عليها‌السلام على نجيب من نجب الجنة يشيعها سبعون ألف ملك ، فتقف موقفاً شريفاً من مواقف القيامة ، ثم تنزل على نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي عليه‌السلام بيدها مضمّخاً بدمه وتقول يا ربِّ هذا قميص ولدي وقد علمت ما صنع به ، فيأتيها النداء من قبل الله عز وجل : يا فاطمة لك عندي الرّضا فتقول : يا رب انتصر لي من قاتله فيأمر الله تعالى عنقاً من النار فتخرج من جهنم فتلتقط قتلة الحسين بن علي عليه‌السلام كما يلتقط الطير الحب ، ثم يعود العنق بهم الى النار فيعذبون فيها بأنواع العذاب ثم تركب فاطمة عليها‌السلام نجيبها حتى تدخل الجنة ومعها الملائكة المشيعون لها وذريتها بين يديها وأولياؤهم من الناس عن يمينها وشمالها.

١٤٧
 &

ملحمة قوافل النور في سيرة النبي وأهل بيته

١٤٨
 &

الجزء الرابع

الامام الحسن بن علي المجتبى عليه‌السلام

١٤٩
 &

ملحمة قوافل النور في سيرة النبي وأهل بيته

١٥٠
 &

الأِهْدَاء

إلى أبي محمّد الإمام الحسن بن عليّ عليه‌السلام

ريحانة النبيّ وسبط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

وسيِّد شباب أهل الجنّة

أقدم هذا الجزء من ملحمة

قوافل النور ..

١٥١
 &

ملحمة قوافل النور في سيرة النبي وأهل بيته

١٥٢
 &

اضاءة

وصفه جدّه الرسول بأنّه ريحانتهُ ، فعجز بعده الواصفون عن وصفه. ثمّ قال فيه بأنّه سيِّدُ شباب أهل الجنّةُ فلم يعد بإمكان أحد أن يضيف شيئاً إلى شخصيّة الحسن عليه‌السلام ومكانته.

وبعد هذا هو ابن فاطمة بضعة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأُمّ أبيها.

وبعد ذاك هو ابن علي وليد الكعبة ووصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووارثه ونفسه ، الذي لم تنشقّ الأرض على نبتة أطهر منه ولن تنشق عن مثله أبداً.

أحبّ الإمام الحسن كلّ مَن أحبّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وعاداه كلّ مَن عاداه. فهو لذلك عاش محنة الحق وهو يصارع الباطل منذ ولادته وحتّى مأساته وشهادته.

حيث كانت حياته حافلة بالحركة والمواقف لمواجهة تيار الفتن التي عصفت بالأمّة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فثبت أناس وسقط آخرون.

وليس هناك موقف وسط بين الثبات والسقوط ... بين الحق والباطل.

كتب عن الإمام الحسن منذ القدم جمعٌ غفير من الكتّاب والمؤرِّخين ، فأنصفه مَن يعرف قدره وحقّه ، وتجنى عليه مَن أعماه الجهل والتعصُّب ، وكأنّ الظلامة ملازمة له حتّى بعد شهادته.

١٥٣
 &

ثمّ أنشده الشُّعراء أنشودة في دواوينهم فكان أجمل قصيدة عصماء في ملف الشعر والأدب.

لعلِّي لم أوفّق في هذه الملحمة لتفصيل في نظم حياة الإمام الحسن عليه‌السلام لأنّ طبيعة دوره التاريخي تحتاج إلى تحليل أكثر منه إلى السيرة والسرد الشعري المجرد ، إضافة إلى أنّ حياته كانت متداخلة مع حياة أبيه أمير المؤمنين ، ومع حياة وثورة أخيه الإمام الحسين عليه‌السلام الشهيد. ولا يتأتّى للشعر مهما أوتي من إبداع وألوان أن يخوض ميدان التحليل السياسي ومعترك التحقيق التاريخي.

فعوّضت ذلك في الهوامش حيث أوضحت الجوانب التاريخية والسياسية والإجتماعية في حياته عليه‌السلام ممّا لم يتيسّر عرضه في الشعر.

فجاءت هذه الحلقة من ملحمة قوافل النور كما هي بين يدي القارىء الكريم.

ومنه تعالى أستمدّ العون والتوفيق وهو حسبي.

١٥٤
 &

المولد المبارك

بَيْتٌ يَضمُّ فاطِماً وحَيدرا

صارَ بِحُبِّ أَحمد مُسَوَّرا (١)

ينتظرُ الجميعُ فيهِ شِبْلا

قدْ طابَ فَرْعاً طاهِراً وأصْلا

ذاك هو السِّبطُ الزَّكيُّ الحسنُ

رَيْحانةُ النَّبيِّ والمُؤْتَمنُ

__________________

(١) كان بيت علي وفاطمة عليهما‌السلام نموذج الأمثل للأسرة المسلمة ، حيث ضمَّ بطل الإسلام الخالد ، وابن عمّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وربيبه ، ووصيّه ، ووارثه الذي قال فيه : « أنت منِّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي » كما ضمّ بضعته الطاهرة فاطمة الزهراء عليها‌السلام أحبَّ النّاس إليه والتي قال فيها الكثير من الأحاديث ، ومنها : « فاطمة بضعة منِّي ، مَن آذاها فقد آذاني ، ومَن أحبّها فقد أحبّني » وهي سيِّدة نساء العالمين.

وقد بُنِي هذا البيت المبارك بنفحة سماوية ، وإشارة من الوحي ، وذلك عندما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يرفضُ خطبة كبارِ الصحابة للزهراء عليها‌السلام بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم ينزل القضاء بعدُ » ويعني ذلك أنّ زواج فاطمة له خصوصيته فهو لا يتمّ إلّا بإرادة ربّانية.

وحينما تقدّم لخطبتها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام استبشر صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك وسرعان ما تمّ الزواج المبارك بمهر متواضع أصبح سنّة للزواج في حياة المسلمين وليجتمع هذا البيت على الحبّ ، والمودّة ، والطهر ، والصفاء ، والرعاية الحانية من قبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ومن أجل أن تتشكّل الأسرة المسلمة كان لا بدّ لهذه الشجرة الطيِّبة أن تتفتّح أغراسها وتعطي ثمارها وبذلك تجتمع عناصر البيت الإسلامي الأمثل ، فكان صلى‌الله‌عليه‌وآله ينتظر الولادة المرتقبة التي ستكون بإذن الله بداية انطلاق ذرِّيّته الطاهرة ، وكذلك الجميع ينتظرون.

فقد جاء في الحديث الشريف : أنّ الله جعل ذرِّيّة كل نبي في صلبه ، وجعل ذرِّيّتي في صلب هذا وأشار إلى الإمام علي عليه‌السلام. راجع ذخائر العقبى للطبري / ٦٧.

ويشير هذا الحديث إلى أنّ ذريّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تنحصر في أولاد علي عليه‌السلام وفاطمة عليها‌السلام فالأئمة من ذرِّيّتهما هم بالنص من أبنائهم ، وهم الذين يمثِّلون الإمتداد الطبيعي للنبوّة ويرسمون خطّ الإمامة في حياة الأجيال.

١٥٥
 &

في النِّصفِ مِنْ شهرِ الصِّيامِ وُلِدا

فالمَلأُ الأعلى يُهَنِّي « أحمَدا » (١)

في ثالثِ السِّنينِ بعدَ الهِجرَهْ

اِذْ غمَرتْ بيتَ الهُدى المَسرّهْ

جاءتْ بهِ « أسماءُ » للرّسولِ

تحملهُ مِنْ فاطمِ البتولِ

قالَ النّبيُّ : إنَّ هذا وَلَدِي

ورَّثْتُهُ منْ هَيْبتي وسُؤدَدِي

قبَّلَهُ في الثَّغْرِ والعُيونِ

وضمَّهُ لصدرِهِ الحنونِ

مُؤذِّناً في سمعهِ مُقِيما

وحالِقاً لشعرهِ تَعْظيما

ومُطْعِمَ الأهْلِينَ منْ عقيقتهِ

وليمةً أثْبتَها في سُنّتهِ

ألبسَهُ الأخضرَ مِنْ ثِيابهِ

مُكرّماً مَنْ سَأَلُوا ببابهِ

أحبهُ النبي حُباً جما

فأنه الخيرُ أباً وأُما

وقال من أبغضهُ أبغضني

ومن أحبهُ فقد أحبني

__________________

(١) ولد الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثالثة للهجرة ، وزفَّ الخبرُ إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فابتهج بالسرور وملأت قلبه الفرحة والمسرة ، فسارع إلى بيت الزهراء عليها‌السلام ليرى الوليد الأوّل ، والغرس الطاهر لشجرة النبوّة ، وفي الرواية أنّ « أسماء بنت عميس » جاءت تحمل الحسن إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقبّلهُ وضمّهُ إلى صدره وأذن في اُذنه اليمنى ، وأقام في اُذنهِ اليسرى ، ثمّ قال لعليّ عليه‌السلام : أي شيء أسميت ابني ؟. قال : ما كنت لأسبقك بذلك. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا أنا سابق ربِّي.

وفيما هما في هذا الحوار الروحي العابق بشذى الطهر ، نزل الوحيُ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يبلغه بأنّ الله سبحانه وتعالى قد سمّاه حسناً. راجع ذخائر العقبى للطبري / ١٢٠.

وفي اليوم السابع لميلاد الإمام الحسن عليه‌السلام أجرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوّل مراسيم المولود في الإسلام فقد أذن في اُذنه اليمنى وقرأ الإقامة في اُذنه اليسرى كما ذكرنا سابقاً ليكون الأذان بما ينطوي عليه من مضامين عقائدية ، وروحية أوّل ما يطرق سمعه ، ويمس شغاف قلبه ، وفي الخبر : أنّ ذلك عصمة للمولود من الشيطان الرجيم.

وقد حلق شعر رأسه وتصدّق بزنته من الفضّة على الفقراء وذبح شاة في هذه المناسبة وهو ما يسمّى بالعقيقة في الشريعة الاسلامية ، وأصبحت هذه المراسيم سنّة مستحبّة مؤكّدة في حياة المسلمين إلى اليوم.

١٥٦
 &

وقد روى عن النبي « أسلمُ »

وهو فتىً يَصدقُ فيما يُحكمُ

قال : رأيت الحسنين مرة

قد ملئا من ضحك المسرّة

وفوق عاتق الرسول ركبا

فقلتُ نعم الفرسُ المحببا

فابتسمَ الرسولُ ثمَ همهما

الفارسان الهاشميان هُما

وفي الصحيحين من الانباءِ

في الترمذي الثبت والنسائي

ان النبي كان يوماً يخطبُ

في صحبه اذا بدا يقتربُ

الحسنان نحوه ويعثرا

فتركَ النبي ذاك المنبرا

واحتضن الطفلين في حنانِ

مذ أتيا اليه يعثرانِ

وقال صدقاً جاءتَ الآياتُ

وسورٌ منهن محكّماتُ

بـ إنما أموالكم والوُلدُ

فتنتكم يا قومُ فاستعدوا

منزلة للسبط ما أعظمها

وقولة في الحق ما أكرمها

وقالَ : هذا وَلَدِي رَيْحانَهْ

يُشْبِهُني في الصِّدْقِ والأمانَهْ

ترقصهُ الزهراءُ وهو طفلُ

قد انطوى في جانبيه شبلُ

تقولُ والقلبُ ينادي فرحا

بطفلها كوردة تفتحا

« أشبه أباك يا صغيري يا حسن

واخلع عن الحق مغاليق الرسن

واعبد إلهنا الكريمَ ذا المنن

ولا توالي كل رجسٍ ذا إحن »

وجاء عن أبي سعيد الخدري

حديث حق ما به من نكرِ

مقالة الرسول في سبطيه

وكان يطري فضل وارثيه

يقول والقولُ صريح السُنّه

هاذان سيدا شباب الجنه

وفي حديث بيت « أُمِّ سلمه »

جاءت بفضل السبط أي مكرمه

في أنه خامس أصحاب العبا

وكان عن رجس الهوى مجنبا

وفي حديث « زيد بن أرقمِ »

قولَ الرسول الطاهر المكرمِ

١٥٧
 &

بأنني ورثتكم في غيبتي

كتابَ ربي صادقاً وعترتي

فهاهما والله لن يفترقا

حتى يجيئا حوضي المصدَّقا

وشبَّ في حضنِ النَّبيِّ المُصطفى

يَسمعُ جبريلَ وأسرارَ الخَفا (١)

يستلهمُ الآياتِ والنُّبُوَّهْ

والصَّبرَ والحِكمةَ والفُتُوَّهْ

حَتَّى غَدا في مَضربِ الأمثالِ

وقُدوةَ التأريخِ والأَجيالِ (٢)

* * *

__________________

(١) وردت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الكثير من الأحاديث التي يذكر فيها فضل الإمام الحسن وأخيه الحسين عليهما‌السلام ومكانتهما في الإسلام منها : « هاذان ريحانتاي من الدُّنيا مَن أحبّني فليحبهما » ، وروى أنس بن مالك قال : « سُئِل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أي أهل بيتك أحبّ إليك ؟ قال : الحسن والحسين ». وقال في حديث آخر : « الحسن ريحانتي من الدُّنيا ».

وقال أيضاً : « مَن آذى هذا فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى الله ». وأشار إلى الحسن عليه‌السلام.

(٢) درج الحسن عليه‌السلام في بيت الوحي والنبوّة فشبّ في أجواء الرِّسالة ، ينهل من معينها الصافي ، ويحظى برعاية جدّه المصطفى ، فغدا زين الشباب ، فتوّة ، وشجاعة ، ومروءة ، وجوداً ، وكرماً ، وزاد من هيبته أنّه كان أشبه الناس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خَلقاً وخُلقاً. فعُرف بالصّبر والحِلم وسماحةِ النفس وغير ذلك من مكارم الأخلاق التي تميّز بها أهل البيت عما سواهم فكانوا المثل الأعلى لأخلاق القرآن ، حتّى وصفهم المؤرِّخون وعلماء الإسلام ، أنّهم قرآن يمشي على الأرض.

١٥٨
 &

دورهُ التأريخي

ومرَّتِ الأَحداثُ بَعدُ تَتْرى

فَادَّرَعَ الَحزمَ بها والصَّبرا

وفاةُ جَدِّهِ وفَقْدُ أُمِّهِ

لَم تُثْنِ منْ قُوَّتهِ وعَزمهِ

حتّى إذا بُويِع بالخِلافَةْ

والدُهُ شاركَهُ أَهدافَهْ

وكانَ كالظلِّ له متَّبِعا

« سِبْطانِ » يمشِيانِ خَلْفهُ مَعا (١)

__________________

(١) إنّ أوّل تجربة قاسية واجهها الإمام الحسن عليه‌السلام هي يوم وفاة جدّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد شاهد الصحابة يتركون جثمانه الطاهر مسجى وهم يتسابقون على السلطة في « سقيفة بني ساعدة » حيث قرروا بمنطق العصبية القبلية أن يغتصبوا حق أبيه في الخلافة ، تاركين وراء ظهورهم أمر السماء والأحاديث الكثيرة التي تؤكِّد حقّه ، ووصيّته ، وخلافته للنبوّة في قيادة الأمّة ورعايتها ، وشاهد أمّه البتول ، وهي تُمنَع إرثها في الرسول ونحلتها « فدك » من قِبَل جماعة الخلافة ويتحسّس آلامها ، وهي تشكو الغربة والظلام الذي لفّ الدُّنيا بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي تردد هذه الابيات من الشعر :

صُبت عليَّ مصائب لو أنّها

صُبّت على الأيّامِ صِرْنَ لياليا

فلأجعلن الحزن بعدك مؤنسي

ولاجعلن الدمع فيك وشاحيا

وتحرق قلبه الفتى آهاتها الحزينة على ضياع حق ابن عمّها أبي الحسن عليه‌السلام ويسمع خطبتها التاريخية في المسجد النبوي في حشد من المسلمين لتسجل إحتجاجها الغاضب على سكوت معظم أهل المدينة على الحقّ المضيع ، وقد وصف شاعر أهل البيت الكمّيت بن زيد الأسدي يوم الغدير وهو اليوم التاريخي الذي ضاع فيه حق علي عليه‌السلام ومدرسة الإمامة حتّى يومنا هذا :

ويوم الدوح دوح غدير خم

أبان له الولاية لو أطيعا

ولكنّ الرِّجال تقاسموها

فلم أر مثلها خطراً منيعا

ولم أر مثل ذاك اليوم يوماً

ولم أر مثله حقّاً أضيعا

١٥٩
 &

في معركة الجمل

هناكَ لمَّا نَكثَ البُغاةُ

وخرجَ الجُهّالُ والعُتاةُ

سارَ الإمامُ قائِداً للجَحْفَلِ

والحَسَنان في الرَّعِيلِ الأَوّلِ

المُجْتبى سارَ لأهلِ الكوفَهْ

مرْتَجِلاً لَخُطْبة مَعروفَهْ

تدافعَتْ وراءهُ الآلافُ

وبقيَ الشُكّاكُ والضِّعافُ

وأدركَ الإمامَ في « ذي قارِ »

بَجحْفَل مُكبّر للباري

حيثُ التقتْ جموعُهُم في « البصرَهْ »

بزُمرةِ البَغْيِ وأَهلِ الغَدْرَهْ

« أبو محمّد » يخوضُ الحَرْبا

ويُحسِنُ الطَّعْنَ بها والضَّرْبا (١)

__________________

(١) عاش الإمام الحسن عليه‌السلام محنة أبيه في فترة خلافته ، حيث خرج عليه الناكثون في البصرة والقاسطون في الشام والمارقون في النهروان ، فدارت الحروب المتتالية في أكبر فتنة شهدها صدر الإسلام ، وكان الإمام الحسن عليه‌السلام يمثِّل دور القائد الميداني لأبيه ، وموفده للمفاوضات وتعبئة الجماهير ، وكان المقاتل الشجاع إذا استعرت الحرب ودارت رحاها.

حينما تمرّد طلحة والزبير ونكثا بيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام عام ٣٦ هـ واتّخذا من أمّ المؤمنين عائشة واجهة لهذا التمرّد فحشدا جموع الناس في البصرة لإعلان العصيان السياسي والعسكري ، وتحرّكوا جميعاً ضدّ حكومة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام الشرعية.

فما كان من الإمام إلّا أن ينفذ حكم الله في البغاة الناكثين فتوجّه إليهم بجيش كبير من المؤمنين يضمّ المهاجرين والأنصار وكان الحسنان في طليعة هذا الجيش ومعهم كبار الصحابة.

=

١٦٠