__________________
=
تدعين الله ان يرزقنيه يولد في هذه الليلة وكانت ليلة الجمعة ، فاجعلي افطارك معنا ، فقلت : يا سيدي ممن يكون هذا الولد العظيم فقال لي عليهالسلام : من نرجس يا عمّة ، قالت فتأملتها فلم أرَ فيها اثر الحمل ، فقلت لسيدي ابي محمد عليهالسلام ما ارى بها حملاً فتبسم عليهالسلام.
قالت حكيمة : فأقمت فأفطرت ونمت بقرب من نرجس وبات ابو محمد عليهالسلام في غرفة في تلك الدار التي نحن فيها ، فلما ورد وقت صلاة الليل قمت ونرجس نائمة ما بها أثر ولادة فأخذت في صلاتي ثم أوترت فأنا في الوتر حتى وقع في نفسي أن الفجر قد طلع ودخل قلبي شي فصاح ابو محمد عليهالسلام من الغرفة : لم يطلع الفجر يا عمّة فاسرعت الصلاة ، وتحركت نرجس فدنوت منها وضممتها إليّ وسميت عليها ، ثم قلت لها : هل تحسين بشيء قالت : فأخذتني فترة ، وأخذتني فترة ، فانتبهت بحس سيدي فكشف الثوب عنه فاذا انا به عليهالسلام ساجداً يلتقى الارض بمساجده فضممته الي فاذا انا به نظيف متنظف ، فصاح بي ابو محمد عليهالسلام : هلمي الي ابني يا عمة ، فجئت به اليه .....
ـ أجرى عليه السنّة النبوية للمولود الجديد كما حدّدتها الشريعة المقدسة ، حيث أذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ، وظهرت في ولادته كرامات تكشف عن عظمة شخصيته وانه بقية الله المدخر لليوم الموعود ـ
..... قالت حكيمة فلما اصبحت جئت لأسلم على ابي محمد عليهالسلام فكشفت الستر لاتفقد سيدي عليهالسلام فلم اره. فقلت : جعلت فداك ما فعل سيدي ؟
فقال عليهالسلام : يا عمّة استودعناه الذي استودعته ام موسى ، موسى عليهالسلام بحار الانوار ٥١ / ٢٥.
تميز امر الامام المهدي عليهالسلام من انه أمرٌ أختاره الله سبحانه لا سيما وأن هذا الامر قد حصل سابقاً في نبوة يحيى عليهالسلام الذي اتاه الله سبحانه النبوة وهو ابن ثلاث سنين ، كما قال تعالى : ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) مريم / ١٢. وكذلك حصل لنبي الله عيسى عليهالسلام حيث كلّم الناس في المهد ونال مرتبة النبوة ، كما قال تعالى : ( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) مريم / ٣٠.
وهناك مؤثرات في التاريخ تؤكد على هذا المنهج في المسيرة الاسلامية منها :
ـ تأمير « أسامة بن زيد » وهو شاب لم يبلغ العشرين من عمره على جيشٍ ضخم وتمت إمرته على شيوخ المهاجرين والانصار رغم كبر أعمارهم ، وهذا حصل بأمر الرسول صلىاللهعليهوآله الذي لا ينطق عن الهوى فكيف بفعله وأمره وهو بالضرورة نافذ.
=
__________________
=
ـ إتخاذ رسول الله صلىاللهعليهوآله الامام علي عليهالسلام وزيراً وناصراً له ، وأمر والده ابا طالب بالطاعة له بعدما أمر الله سبحانه بقوله ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) الشعراء / ٢١٤.
وذلك في حديث الدار يوم الانذار المشهور عند المؤرخين.
ـ إستلام الامام الجواد عليهالسلام منصب الامامة وهو ابن سبع سنين بعد أن أرغم المعترضين عليه بالاقرار له بحضور المأمون العباسي ، وكذلك حصل هذا الامر للإمام الهادي عليهالسلام وهو ابن ثمان سنين.
أن مدار القيادة بكافة أشكالها ليس على كبر السن كما يعتقد البعض ، بل بالحزم الشجاعة والعلم والمقدرة وبغض النظر عن العمر وطوله.
ذكر السيد محمد حسين الرضوي في كتابه حول الامام المهدي عليهالسلام حيث قال : إن السر في جعل الامامة لمَنْ له سبع أو خمس سنوات هو إمتحان الخلق بضرورة الانقياد والطاعة لأمر الله سبحانه وترك التكبّر والترفع ، وأنْ يُسلّم بذلك لأنه من أمر الله وقضائه.
وبهذا الصدد ذكر الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر في دراسته بحث حول الولاية حيث قال : إن الامامة المبكرة ظاهرة واقعية في حياة أهل البيت عليهمالسلام وليست مجرد إفتراض ، كما أن هذه الظاهرة لها جذورها وحالاتها المماثلة في تراث السماء ، ويكفي مثالاً لهذه الظاهرة في التراث الربّاني لأهل البيت عليهمالسلام نبوة نبي الله يحيى عليهالسلام ومتى ثبت ذلك كون الامامة المبكرة ظاهرة واقعية ومتواجدة عند أهل البيت عليهمالسلام كما عند الامام الجواد عليهالسلام والامام الهادي عليهالسلام أو عند الانبياء والرسل كما عند يحيى عليهالسلام وعيسى عليهالسلام لم يعد هناك أي إعتراض فيما يخص إمامة المهدي عليهالسلام وهو صغير.
القابه وصفاته
كنيتهُ ككنيةِ الرسولِ |
|
ونورهُ من طلعةِ البتولِ |
وصبرهُ صبرُ الحسينِ جدِهِ |
|
وحدُ سيفهِ غدا كحدهِ |
ألقابهُ الحجةُ والمهديُّ |
|
والقائمُ المنتظرُ التقيُّ |
والخَلفُ الصالحُ والبقيهْ |
|
وهو إمامُ الحقِ في البريهْ |
في خدّهِ الايمن أحلى خالِ |
|
كأنهُ الكوكبُ في الليالِ |
أجلى الجبينِ أفرقُ الثنايا |
|
ووجههُ ينيرُ كالمرايا |
وشَعرهُ طالَ لمنكبيهِ |
|
ونورهُ يُشرقُ من خديهِ (١) |
__________________
(١) إن صفات ومميزات الامام المهدي عليهالسلام مشابهة تماماً لصفات آبائه الائمة عليهمالسلام سواء كانتْ ذاتية أو سلوكية لأنهم منبع المثل العليا والصفات الرفيعة ، ولمّا كانت صفة الصبر من أبرز صفات الامام الحسين عليهالسلام لما عُرف عنه من شدة تحمّله وجلده لما يرى من تمزّق في الامة الاسلامية في عهده وشدة تحكّم الطغاة آنذاك ، ممّا جعله أمثولة في الصبر والتحمّل وشجاعاً في ميادين الوغى ، حاملاً سيفه وعزمه ضد اعدائه ، وهكذا حال ولده المهدي المنتظر عليهالسلام في قوة صبره ، وعظم جلده في فترة غيبته الكبرى.
وجاء في حديث اللوح المشهور في وصف القائم عليهالسلام : وعليه كمال موسى ، وبهاء عيسى ، وصبر أيوب ...
أن تعدّد الاسماء والالقاب دالٌ على شرف المسلمى ، ولمّا كان الامام المنتظر بالمحل الاعلى من الشرف والسؤدد فقد تعددتْ ألقابه وكُناهُ ، واعترف بها رواة التاريخ والسير.
=
__________________
=
قال الشيخ باقر شريف القرشي : إمّا إسمه الشريف فهو كإسم جده الرسول الاعظم صلىاللهعليهوآله وقد إتفق المؤرخون والرواة أن الذي سمّاه بهذا الاسم هو جده رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد نقلتْ اغلب مصادر التاريخ والسير جملة من القابه المباركة ومنها : المهدي ، القائم ، المنتظر ، الحجّة ، الخلف ، الصالح ، صاحب الزمان ، صاحب الأمر ، بقية الله. حياة المهدي / ٢٧.
قال الطبرسي : الامام المهدي هو المسمّى بإسم رسول الله صلىاللهعليهوآله والمكنّى بكنيته ولا يحلّ لأحدٍ أن يجمع بين الاثنين الى أن يزيّن الله الارض بظهور دولة ولده القائم. إعلام الورى ٢ / ٢١٣.
وقد نقلتْ كل مصادر الجمهور ما قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله في أوصافه بشكل متواتر مستفيض ، وهذه شذرات من الاحاديث التي تبيّن أوصافه الجسدية ، حيث ورد في المصادر ما يلي :
ـ نقل بسندٍ عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المهدي رجل من وُلدي وجهه كالكوكب الدُري. عقد الدرر / الحديث ٤٦.
ـ قال الراوي : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليبعثنّ الله من عترتي رجلاً أفرق الثنايا ، أجلى الجبين ، يملأ الارض قسطاً وعدلا ... البيان في أخبار صاحب الزمان / ٢٣٢.
ـ قال الراوي : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المهدي رجل من ولدي وجهه كالقمر الدرّي على خده الايمن خال كأنه كوكب درّي ... أرجح المطالب / ٣٧٨. للشيخ عبيد الله الحنفي.
كان عليهالسلام أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله خَلْقاً وخُلْقاً ، وكانتْ شمائله شمائل رسول الله صلىاللهعليهوآله حسب ما جاء في أصدق الروايات ، ويمكن إجمال صفاته بما يلي :
« كان ابيض ، مشرباً حمرةً ، أجلى الجبين ، أَقنى الانف ، له نور ساطع ، بخده الايمن خال ، أفرق الثنايا ، ووجهه كالقمر الدرّي ».
كتمان الامر
لكنه أخفى ظهورَ أمرهِ |
|
وظل يَسقيه الهدى مِن بحرهِ |
ولم يقلْ للناس عندي ولدُ |
|
فألفُ سهمٍ خلفهُ مسددُ |
من الوشاةِ الحاقدينَ المردهْ |
|
ومن أناسٍ مارقينَ حَسَدهْ (١) |
* * *
__________________
(١) أشرنا فيما سبق ضمن ترجمة حياة الامام العسكري عليهالسلام كيف تكتّم الامام العسكري عليهالسلام على ولادة ولده المهدي عليهالسلام وغيبته عن الأنظار والاسماع خوفاً من السلطة العباسية الجائرة التي تتربص به ، بل وأخفاه عن عيون السلطة ووشاتها من الحاقدين على أهل هذا البيت الطاهر ، وبهذا الصدد نقل الشيخ الصدوق بسندٍ متواتر الى أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّي قال : لمّا ولد الخلف الصالح كتب مولانا ابو محمد العسكري عليهالسلام الى جدّي أحمد بن اسحاق كتاباً فيه : ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً ، فإنّا لم نُظهر عليه إلّا الاقرب لقرابته والولي لولايته. إكمال الدين ٢ / ٤٣٤.
شهادة الثقاة الاربعين
لكنهُ أخبرَ من كانَ ثقهْ |
|
من بعد أن اعطى لذاكَ الصدقهْ |
أتوه أربعون من شيعتهْ |
|
والسادةُ الخلّصُ من صحبتهْ |
أخبرهم بأنهُ الامامُ |
|
من بعده والقائد الهمامُ |
ثم بدت لهم كراماتُ الفتى |
|
من سورةِ ( طورِ ) وآي ( هل أتى ) |
بحيث صار الكلُ في يقينِ |
|
بأنهم يرون حامي الدينِ |
ذاك الذي يملأها بالعدلِ |
|
والقسطِ والهدى وخيرِ الفضلِ |
خمسَ سنينٍ ظلّ يُبديه لهمْ |
|
كي تطمئنَ للفتى عقولُهمْ |
ممهداً لغيبةِ المهديِّ |
|
ومخبراً عن أمرهِ الخفيّي |
لأنهُ سوف يغيبُ فتره |
|
تشككُ النفوسُ فيها امره |
وبعضُ شيعتي بهِ سيؤمنُ |
|
وبعضُهم بحيرةٍ يمتحنُ |
وبعضُهم يقولُ لن يعودا |
|
وبعضُهم يقولُ لن يسودا (١) |
__________________
(١) قال الشيخ الصدوق في كتابه : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، ومحمد بن موسى بن المتوكل ، واحمد بن محمد بن يحيى العطار ، رضي الله عنهم. قالوا : حدثنا محمد بن يحيى العطار قال : حدثني اسحاق بن رباح البصري ، عن أبي جعفر العمري قال : لما ولد السيد عليهالسلام قال ابو محمد عليهالسلام : ابعثوا الى ابي عمرو ، فبعث اليه فصار اليه ، فقال له : اشترِ عشرة الاف رطل خبز ، وعشرة الاف رطل لحم ، وفرقه ، احسبه ، قال : على بني هاشم وعقَّ عنه بكذا وكذا شاة. كمال الدين ٢ / ٤٣١.
=
__________________
=
كانت هذه الاشارة الاولى من الامام الحسن العسكري عليهالسلام بولادة المهدي الموعود عليهالسلام غير انها اشارة غير كافية للتعريف بشخصه وملامحه ، لذلك يقدم الامام العسكري عليهالسلام على الخطوات اللاحقة المتمثلة في فسح المجال لعدد من المقربين اليه وكانوا اربعين راوياً ثقةً بالتعرف على المهدي عليهالسلام عن قرب ، والنظر اليه بصورة مباشرة ، والتحدث معه ، وهو خلال ذلك يراقب الاجواء بحذر شديد خوفاً من اكتشاف الجهاز العباسي شخصية المنتظر الموعود عليهالسلام الذي يملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلما وجوراً.
وقد أشرنا فيما سبق ضمن ترجمة الامام العسكري عليهالسلام الى هذه الروايات ، وذكرنا وجوهها ومصادرها ، ولكن سنكتفي هنا بذكر ما نقله الشيخ الصدوق في كتابه إكمال الدين عن جماعة من أصحاب الامام العسكري عليهالسلام قالوا : عرض علينا ابو محمد بن علي عليهالسلام ابنه المهدي ، ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلاً ، وقال لنا : هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ، ولا تتفرقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا ، أما أنكم لا ترونه بعد يومكم هذا. قالوا : فخرجنا من عنده ، فما مضَتْ إلّا أيام قلائل حتى مضى ابو محمد العسكري عليهالسلام ...
حديث النبي صلىاللهعليهوآله
وفاتَهم ان النبيَّ قالا |
|
وهو الذي لا يكذبُ المقالا |
لا تنقضي الايامُ والدهورُ |
|
حتى يعودَ الغائبُ المستورُ |
يبسطُ عدلَه لكل الناسِ |
|
وللضعافِ منهم يُواسي |
ثم ولو ظلَّ من الدهورٍ |
|
يومٌ ولو سويعةَ النشورِ |
لمدهُ اللهُ لكي يقوما |
|
وينشرَ الرايةَ والعلوما |
من ولدهِ ومن بني الحسينِ |
|
بنورهِ يملأُ كلَ عينِ |
روايةٌ جاءتْ عن الرسولِ |
|
سليمةَ المعقولِ والمنقولِ |
أثبتها الرواةُ في الصحاحِ |
|
منيرةً تشعُّ كالمصباحِ |
وغيرُها جاءَ به كثيرُ |
|
بأنه الخليفةُ الاخيرُ |
وانهُ من خيرِ نسلِّ فاطمهْ |
|
موضحاً في قولهِ علائمهْ (١) |
__________________
(١) ذكرت كتب الجمهور ولا سيما كتب الصحاح منها على أن النبي صلىاللهعليهوآله قد ذكر في مرات عديدة البشارة بظهور ولده المهدي عليهالسلام من ذريته في آخر الزمان وأنه عليهالسلام سيبسط العدل في الارض بعد فسادها.
واليك شذرات مختارة من هذه الاحاديث المسندة المتواترة وهي كما يلي :
ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن خلفائي وأوصيائي وحججي على الخلق من بعدي إثنا عشر أولهم علي بن ابي طالب ، وآخرهم ولدي المهدي ، الذي يملأ الارض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً ، والذي بعثني بالحق بشيراً لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّلَ الله ذلك اليوم حتى يخرج ولدي المهدي .. فرائد السمطين ج٢ الحديث الاول.
=
__________________
=
ـ قال حذيفة بن اليمان قال : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوآله فذكر ما هو كائن ثم قال صلىاللهعليهوآله : لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّلَ الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي من ذرية ابني الحسين ، اسمه إسمي ، وكنيته كنيتي .. ينابيع المودة / ٤٩٠.
ـ قال ابو ايوب الانصاري : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لإبنته فاطمة في مرضه : والذي نفسي بيده لا بدَّ لهذه الامّة من مهدي ، وهو والله من وُلدك .. بحار الانوار ٥١ / ٦٧.
ـ ونقل الحمويني الشافعي ، عن الرضا عليهالسلام عن آبائه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الحسن والحسين إماما أمّتي بعد أبيهما وسيدا شباب أهل الجنة ، وأمّهما سيدة نساء العالمين ، وأبوهما سيد الوصيّين ، ومن ولد الحسين تسعة أئمة تاسعهم القائم من ولدي ..
فرائد السمطين : ج ٢ الحديث ٨
موقف السلطة
مما حدا ظلماً بني العباسِ |
|
ان يُرعبوا فيه خيارَ الناس |
فبحثوا عنه بكلِ حاره |
|
يتابعون خفيةً اخباره |
يُعينهم جعفرٌ بنُ الهادي |
|
بحقدهِ في موقفٍ معادِ |
ففتشوا الصبيةَ والجواري |
|
ونشروا الخوفَ بكلِ دارِ |
فمرةً بالوعدِ والاغراءِ |
|
ومرةً بالسجنِ للنساءِ |
كي يعرفوا سرَّ الامامِ حقا |
|
ويوقعوا به ومن تبقى |
لكنهم لم يفلحوا في سعيهم |
|
ظلماً وقد ذاقوا وبالَ أمرِهم (١) |
* * *
__________________
(١) لقد أشرنا فيما سبق الى خوف السلطة العباسية من تحركات الامام الحسن العسكري عليهالسلام وشدة مراقبته له ولا سيما وأنها عارفة أنه سينجب ولداً سيكون وبالاً عليها وعلى شرعيتها المزيفة ، وتُشير المصادر التاريخية الى أن المعتمد العباسي الذي عاصر بداية إمامة الامام المهدي عليهالسلام هو الذي بادر الى مداهمة دار الامام العسكري عليهالسلام والتفحّص عن ورثته ومراقبة الحوامل من نساء بيته بحثاً عن ولده المولود المنتظر الموعود ، كما مارستْ السلطة آنذاك كل وسائل الارهاب والارعاب ضد الائمة وأتباعهم ولا سيما ضد الامام العسكري عليهالسلام.
وقد شرعت السلطة الجائرة بعد وفاة العسكري عليهالسلام الى تطويق بيت الامام وإرهاب أهله عسى أن تعثر على ولده الموعود ، وقد أستعانتْ السلطة في فعلها هذا بأخ الامام العسكري عليهالسلام والمعروف بـ « جعفر الكذّاب » وهو أحد أولاد الامام الهادي عليهالسلام وقد عُرف عنه بالانحراف عن خط والده الامام الهادي عليهالسلام حيث إختار طريق السلطة الظالمة وأصبح فيما بعد خطراً على الامام المهدي عليهالسلام ، لكنّ الله سبحانه خيّب مسعاه ومسعى السلطة العباسية وحفظ وليّه من شرورهم.
اللطف الالهي
فالله حافظٌ وليًّ أمرهِ |
|
وحافظٌ عبادهُ في سرهِ |
بحكمةٍ بالغةٍ ولطفِ |
|
يُظهرُ من يُظهرُ او من يُخفي |
فهو الذي يقدّرُ الامورا |
|
ويكشفُ الغيوبَ والمستورا |
خمسْ سنينٍ عاشها الامامُ |
|
فيها ارتوى بقلبهِ الاسلامُ |
كان قضاها في حنانِ العسكري |
|
بطيبِ محتدٍ وطيبِ معشرِ (١) |
* * *
__________________
(١) عاش الامام المهدي عليهالسلام في كنف ابيه العسكري عليهالسلام خمس سنوات ، وكان ابوه عليهالسلام يحنو عليه ، ويُبالغ في الاهتمام به ، ويمدّه بأسرار الامامة ، ويُبالغ في التعريف به بين شيعته المقربين ، ويُعلن أنه الامام من بعده ، وتُشير المصادر التاريخية أن الامام العسكري عليهالسلام قد أمدّ ولده المهدي عليهالسلام بكل وسائل العناية ، والرعاية ، والتبجيل ، وقد أشرف في كل لحظة على رفع شأنه ، وأنه كان دائماً يُصلّي ويدعو له بالحفظ ، سواء اثناء ولادته أو ما بعدها.
واليك وقفات مع الامام العسكري عليهالسلام تجاه ولده المهدي عليهالسلام وهو يقوم باعداده اماماً للرسالة المحمدية ، ومنقذاً للمستضعفين في الارض ، وهي كما يلي :
ـ إثبات وجوده بين رموز وعلماء الشيعة ، واظهاره للثقات من شيعته خوفاً من إنطماس ذكره ، وبالتالي نكران وجوده.
ـ اعداده للمسؤولية ، وزقّه للعلوم الاسلامية والاداب النبوية ، التي ورثها من آبائه الطاهرين عليهمالسلام.
ـ أمر شيعته بالرجوع إليه في معرفة المسائل والاحكام من بعده ، ليشعرهم بوجود إمام يقوم مقامه بعده.
ـ هيأ له من بعده نظام الوكلاء ، والسفراء ، ليعتاد عليه بعد إنتقاله عليهالسلام الى جوار ربه.
رحيل الامام العسكري عليهالسلام
حتى إذا قد شاءتْ الاقدارُ |
|
وارتجتْ الاركانُ والاستارُ |
يومَ رحيلِ والدِ الامامِ |
|
من بعدِ ان كان لهُ المحامي |
وافتقد المهدي فيه ركنا |
|
يرى به عزيمةً وأمنا |
وطبّقَ العزاءُ سامراءا |
|
بحزنِها وترفعُ البُكاءا |
واقبلَ الشيعةُ في جموعِ |
|
بعبرةٍ سخينةٍ الدموعِ |
واضطربَ الخليفةُ ( اللا مهتدي ) |
|
بيومِ فقدانِ الامامِ السيدِ |
وكاد ان يخرجَ عنهُ الامرُ |
|
فمالَ للتركِ وماجَ القصرُ |
وانما خففَ حزنَ الشيعهْ |
|
علمُهُمُ بالقائمِ الوديعه |
فهو الذي سيحملُ اللواءا |
|
والعهدَ والامامة الغراءا (١) |
* * *
__________________
(١) شرحنا ذلك فيما سبق ضمن ترجمة حياة الامام العسكري عليهالسلام وأوضَحنا كيف سُمَّ الامام العسكري عليهالسلام من قبل الخليفة العباسي ، وما أعقب ذلك من فجيعة العالم الاسلامي به ، وكيف أشرف الامام المهدي عليهالسلام على الصلاة على جثمان والده ، وما أعقب ذلك من تشييع مُهيب للإمام الراحل ، بحضور أركان الدولة آنذاك ، وما حصل يومئذٍ لمدينة سامراء من تعطّل الحياة فيها وغلق أسواقها ، وقد عمَّ الشيعة ورموزها يومذاك حزن شديد لفقدان إمامهم ، لكنّ وجود الامام المهدي عليهالسلام هوّن الصدمة عليهم ، وأمدّهم بالصبر ممّا جعلهم يرجعون إليه في مسائلهم العامة لا سيما وهو الوريث الوحيد للإمام بعد أبيه عليهالسلام وهكذا رحل الامام العسكري عليهالسلام لثمانٍ خَلَونَ من شهر ربيع الاول سنة ٢٦٠ هـ وله يومذاك ٢٨ سنة ، ودُفن في داره بسامراء مع ابيه الهادي عليهالسلام.
الصلاة على الامام العسكري عليهالسلام
صلى على ابيه في الحشودِ |
|
مراقباً في وسطِ الجنودِ |
وكان جعفرٌ بها تقدما |
|
وهو اخٌ للعسكري عُلِما |
قال : انا الوارثُ للامامِ |
|
فهو اخي قلدني مقامي |
ولم يكن جعفرُ بالتقيي |
|
ولا بذاكَ السيد المرضيي |
فامتنعَ الشيعةُ عن صلاتِهِ |
|
إذ لم يكن يُعرفُ في سماتهِ |
فاسرعَ المهديٌ للصلاةِ |
|
وقالَ يا عمُّ انا ذا آتِ |
فهو ابي دون جميعِ الخلقِ |
|
قد حزتُ في ذاك سهامَ السبقِ |
ففرحَ الشيعةُ بالامامِ |
|
إذ عرفوهُ دونما اتهامِ |
وراح جعفرٌ يكيدُ الغدرا |
|
فسمّيَ الكذابُ بعدُ دهرا |
وشُيعت جنازةُ ابنِ طه |
|
طوبى لمن شيّعها وا آها |
ودفنَ الامامُ حيثُ دارهُ |
|
عامرةَ تؤمها أنصارهُ |
الى جوارهِ الامامُ الهادي |
|
وسيدُ الزهادِ والعبّادِ (١) |
__________________
(١) عندما غُسلّ جثمان الامام العسكري عليهالسلام وأراد « جعفر الكذّاب » عمّ الامام المهدي عليهالسلام أن يُصلّي على الجثمان المطهّر لسلب الامامة ، ظهر الامام المهدي عليهالسلام وله من العمر خمسة سنوات ، وأزاح عمّه عن الجثمان المطهّر قائلاً له : تنح يا عم فأنا اولى بالصلاة منك على جثمان والدي. حتى رآه آنذاك الخاص والعام ، وفرح به الشيعة ، وعرفوا أنه الامام الوريث الموعود بالامامة بعد أبيه.
وبعد ذلك قام جعفر الكذّاب مؤيّداً بالسلطة الجائرة بالقيام بعدة اعمال مُشينة تجاه أسرة الامام العسكري عليهالسلام وورثته من سجنٍ وتعذيب ، بحثاً عن الامام المهدي عليهالسلام الذي أختفى.
لقد مرّ ذكر مراسيم دفن الامام العسكري عليهالسلام في قسمه الخاص ضمن هذه الملحمة ، راجع القسم الثالث عشر ، تحت عنوان شهادة الامام العسكري عليهالسلام.
عصر الغيبة الصغرى
وإبتدأ المهديُ عصرَ الغيبه |
|
بكلِ حكمةٍ ودونَ رَيبه |
متصلاً ( بإبنِ سعيدِ العُمري ) |
|
سفيرهِ الثبتِ بتلكَ العُصُرِ |
وهو تقيٌ من كبارِ الشيعه |
|
وهي له سامعةٌ مطيعه |
وبعدهُ ابنهُ الفتى ( محمدُ ) |
|
من بالتقى والزهد كان يُحمدُ |
ثم ( حسينٌ بنُ روحٍ ) بعده |
|
من لم يخن معَ الامامِ عهدهُ |
ثم ( عليُ بنُ محمدٍ ) ومنْ |
|
قد عرفوه ( السَمرِيَّ ) ذا المننْ |
أولاءِ كانوا السفراءَ الاربعه |
|
ومن بهمْ سرُّ اللقاءِ أودعه |
فهم لهُ الابوابُ والدعاةُ |
|
ومن لهم قدْ وضحَ الاثباتُ |
على يديهم تَخرجوا الرسائلُ |
|
وعن لسانِهم يُجابُ السائلُ |
سبعون عاماً مدةُ السفاره |
|
كانوا بها الملاذَ والمناره |
لأمةٍ إمامُها مستورُ |
|
وعن عيونها توارى النورُ |
هم فقهاءٌ قادةٌ أبرارُ |
|
مُصدقونَ سادةٌ اخيارُ |
تحملوا أمانةَ الامامه |
|
وجاهدوا الطغاةَ باستقامه |
ونظّموا بالسرِ أمرَ الشيعه |
|
بحقبةٍ مظلمةٍ مريعه |
بالوكلاءِ الامناءِ البرره |
|
يُدارُ شأنُ الامةِ المنتظره |
كانوا بسامرا وفي بغدادا |
|
يواصلون الهمّ والجهادا (١) |
__________________
(١) إعتبر بعض المؤرخين ان مدة
غيبة الامام المهدي عليهالسلام الصغرى قد دامتْ ٧٤ سنة ، حيث ذكر محمد كاظم القزويني : لعل من الصحيح أن نقول أن الاستتار والاختفاء كان
=
__________________
=
مُلازماً لحياة الامام المهدي عليهالسلام منذ أوائل عمره وعلى هذا يمكن القول أن الغيبة الصغرى إبتدأت مع ولادته ويمكن إعتبار السنوات الخمس التي قضاها مع والده العسكري عليهالسلام من ضمن مدة الغيبة الصغرى.
ويبدو ان هذا خطأ كون هذه السنوات الخمس قد رآه الناس والخلق من شيعته وغير شيعته في مرات كثيرة ، وهذا يعني أن غيبته الصغرى في الواقع إبتدأتْ بعد وفاة والده العسكري عليهالسلام وليس في ايام ولادته.
ان الغيبة الصغرى وما ترتب عليها من جعل السفراء والنوّاب قد أشار إليها الرسول الاكرم وأهل البيت عليهمالسلام من قبل ، كما ذكرتْ ذلك العشرات من النصوص الواردة بهذا الشأن ، إضافةً الى ذلك الى أن الامامين العسكريين عليهماالسلام كانا قد مهدا لهذا الامر بوضعهما نظام السفارة والوكالة من قبل تمهيداً لوقوعها فيما بعد.
واليك هنا عدة إشارات وتعليقات :
ـ إن الله سبحانه إنما أخفى مولده عليهالسلام ومن ثم غيّبه الغيبة الصغرى ، وما تلاها حتى لا تكون في عنقه عليهالسلام بيعةً لأحدٍ من الطغاة أو الظالمين.
ـ هذه الغيبة وما تلاها غير خاضعة لتفسير العقل البشري المحدود ، بل هناك حكمة من ورائها بعد ذلك ، وما علينا إلّا التسليم والانقياد لامر الله وحكمته عز وجلّ.
ـ إن الغيبة الصغرى وما تلاها لا تعني إبتعاد الامام المهدي عليهالسلام عن المجتمع بصورة كليّة كما يعتقد البعض ، بل تشير الوقائع الى أنه عليهالسلام كان حاضراً بصورة دائمة في وسط المجتمع ، ويعيش معه همومه وقضاياه ، بل ويتجاوب معه في أحايين كثيرة بالفكر ، والعمل ، والسلوك ، والنجدة حسب مقتضيات الظروف والمصلحة في ذلك ، وهذا أمر مؤكد حتى في أيام غيبته الكبرى.
ـ توجد لغيبته الصغرى والكبرى نظائر سواء على صعيد القرآن الكريم ، أو التاريخ الانساني المدوّن مما جعلها مقبولة عقلاً ، ومن ذلك غياب نبيّ الله يونس عليهالسلام في بطن الحوت مدة طويلة ثم رجوعه ثانيةً لممارسة دوره القيادي للأمة ، وهذا منصوص عليه في القرآن والكتب السماوية الاخرى ، وكذلك عودة أهل الكهف بنص القرآن الكريم بعد الاختفاء فيه سنين متطاولة ، وكذلك عزير عليهالسلام ذاك الذي مرّ على القرية فأماته الله مائة عام ثم بعثه ، كما ذكر في القرآن الكريم ، وغير ذلك من هذه الامثلة والمشاهد.
=
__________________
=
إن الغيبة الصغرى وقعت لعدة أسباب تكمن ورائها حكمة آلهية ، ومن هذه الاسباب :
ـ شدة المؤامرات التي تحوكها السلطات الظالمة ضد الامام عليهالسلام من قتلٍ ، أو سجنٍ ، أو مطارده.
ـ إن الغيبة الصغرى تمهيد مسبّق لوقوع الغيبة الكبرى حتى لا تكون الغيبة الكبرى في وقوعها غريبةً عن المجتمع ، فهي مقدّمة تمهيدية حكيمة لغيبة طويلة يبتعد فيها الامام عليهالسلام عن أنظار الامة وجماهيرها.
ومن هذا كلّه بدأت غيبة الامام الصغرى بالاختفاء عن الانظار مُتّخذاً له جماعة من الثقات ، الفقهاء ، الابرار كنوّاب ، وسفراء ليجعلهم وسيلةً للاتصال بالامة الاسلامية عامة ، وتُشير المصادر التاريخية أنه عليهالسلام قد إتّخذ له أربعة من النوّاب أو الوكلاء وهم :
١ ـ الشيخ عثمان بن سعيد العمري المعروف بـ « الزيّات أو السمّان » لأنه كان يتاجر بالزيت تقيةً على عمله الرسالي ، وقد وثقه الامام مرّات عديدة وأثنى عليه ، وبه بدأت الوكالة ، وقد إستمرتْ قرابة ٢٠ عاماً ، وكنيته ابو عمرو ، وأنه قد وافاه توقيع من الامام عليهالسلام بأن يجعل ولده محمد نائباً بعد وفاته ، وقد توفى في ٢٨٠ هـ وقبره الآن ببغداد يُزار قرب سوق السراي شرق الجسر العتيق.
٢ ـ محمد بن عثمان بن سعيد العمري ، وكنيته ابو جعفر وقد عينه كما ذكرنا سابقاً بأمر الامام المهدي عليهالسلام وقد بقي وكيلاً وسفيراً للإمام قرابة ٥٠ عاماً ، وقد توفي عام ٣٠٥ هـ وقبره ببغداد في محلة الخلّاني عند مقام الشيخ عبد القادر الكيلاني.
٣ ـ الحسين بن روح النوبختي ، وكنيته ابو القاسم ، وكان معروفاً بالفضل والوثاقة بين عامّة الناس ، وقد إبتدأت نيابته عام ٣٠٥ هـ وبقي حتى توفي عام ٣٢٦ هـ وقبره الآن ببغداد ومشهور يزار كثيراً قرب محلة « الشورجة » ببغداد حوله بيوت وقصور عامرة.
٤ ـ علي بن محمد السمري ، وكنيته ابو الحسن ، وكان وكيلاً وسفيراً للإمام المهدي عليهالسلام وبوفاته وقعتْ الغيبة الكبرى بناءً على رسالة أخرجها الامام عليهالسلام على يديه للناس قبل ستة ايام من وفاته بأنه لا وكيل بعده ، وقد توفي بعد هذه الايام الست لتقع الغيبة الكبرى ، وكانت وفاته سنة ٣٢٨ هـ وقبره الآن ببغداد شرق الجسر العتيق في سوق البزازين قرب قبر الكليني صاحب الكافي.
=
__________________
=
ومن الجدير ذكره أن النائب عن الامام يتّخذ مجموعة من السفراء أو الوكلاء عنه في الامصار الاسلامية كبغداد ، وسامراء ، والبصرة ، لكي ينقلوا عنه الحكم الشرعي أو جواب المسألة من النائب أولاً أو يتّصلوا مباشرةً بالامام ، ومن الوكلاء أو الفقهاء المعروفين :
حاجز بن يزيد الوشّاء ، ابراهيم بن مهزيار ، محمد بن ابراهيم بن مهزيار ، أحمد بن اسحاق الاشعري ، محمد بن جعفر الاسدي ، القاسم بن العلاء ، محمد بن شاذان.
المدعون للسفارة
لكن بعضاً ادعى ( السفاره ) |
|
وكان أمراً بين النكاره |
يدفعهم لذلك الشيطانُ |
|
كي يُهدمَ الاساسُ والبنيانُ |
أول مدعٍ هو ( الشريعي ) |
|
جاء بأمرٍ منكرٍ فضيعِ |
اذ ادعى بانه للمهدي |
|
بابٌ وللحقِ القويم يهدي |
فخرج ( التوقيعُ ) بالبراءه |
|
منه ومن اعماله المساءه |
ولعنتهُ شيعة الامامِ |
|
ونبذته امةُ الاسلامِ |
و ( الشلمغاني ) كذلك ادّعى |
|
وكالة المهدي بالزور سعى |
ومثله ( محمد النميري ) |
|
من لا يُرجّى منه أي خيرِ |
ومثله المنحرف ( الهلالي ) |
|
ومدّعي السفارة ( البلالي ) |
أُولائي بعضُ من تجرا وادعى |
|
زوراً وتكذيباً مقاما ارفعا |
حتى اذا ما مضت ( السبعونا ) |
|
تاركةً من بعدها الظنونا |
وانقطعت بذلك السفاره |
|
لفقهاء الامةِ المختاره (١) |
__________________
(١) أن تاريخ تزوير السفارة في حياة الامام المهدي عليهالسلام إنما ظهر في فترة متأخرة من بداية الغيبة الصغرى وأن الامام المهدي عليهالسلام بعيد كل البعد عن سبب ظهور هذا الانحراف لأنه إمام معصوم ، ولا يمكن أن يتطرق أي خطأ في إختياره لهذا الرجل المدّعي الفاسد وإنما نشأ هذا الامر إمّا من تلقاء نفس هذا الشخص المنحرف منافسةً للسفير الاصلي أو بسبب سوء إختيار السفير الاصلي ممّن ينوب عنه ممّا أدّى الى سوء هذا الاختيار.
وقد شكّل هؤلاء المنحرفون المدعّون
للسفارة خطراً على السفارة كمهمة رسالية مثل التأثير على مهمة النوّاب الاصلاء ، وتشويه خط الامام في إنجاز مهمته المقدسة ، وخلق
عدة
=
__________________
=
مشاكل عقائدية وإجتماعية في المجتمع الاسلامي آنذاك ، وتشويه الدين كرسالة إلهية لقيادة البشر نحو الله سبحانه ، كل هذا دعا الامام عليهالسلام الى إصدار البيانات بلعنهم أو التبرؤ منهم ولعل من ابرز هؤلاء المدّعين المنحرفين :
ـ ابو محمد الحسن الشريعي : وكان من أصحاب الامامين العسكريين عليهماالسلام ثم أدّعى السفارة زوراً ، ونسب الى الائمة ما لا يليق بهم ، ثم ظهر منه الكفر والالحاد ، حتى لعنه الامام عليهالسلام ومن ثم فعل ذلك نوّابه وشيعته وتبرأوا منه.
ـ محمد بن نصير النميري : كان من أصحاب الامام العسكري عليهالسلام ثم أدّعى السفارة ، وظهر منه الالحاد ، والافعال الفاسدة ، وإشاعة المحرّمات بين الناس ، حتى صدر الامر من الامام عليهالسلام بلعنه والبراءة منه.
ـ أحمد بن ابراهيم العَبرتائي : كان من أصحاب الامامين العسكريين عليهماالسلام ثم عُرف عنه الغلو والشعوذة ، حتى إنقلب أمره فصار ناصبياً ، فلعنه الامام والشيعة في ذلك الزمان.
ـ محمد بن علي بن بلال : إدعى الوكالة عن الامام وسرق الكثير من الاموال حتى صدر الامر من الامام عليهالسلام بلعنه والبراءة منه.
ـ محمد بن علي الشَلْمغاني : ويُعرف بـ « ابن العزاقر » له عدة مؤلفات دسّ فيها الكثير من الاحاديث المزوّرة ، وعُرفتْ عنه عقائد فاسدة.
وهناك جماعة أخرى فعلتْ نفس الافاعيل من الشعوذة والادعاء والقول بالعقائد الفاسدة ومنهم : الحسين بن منصور الحلّاج المتصوّف ، وابو دلف الكاتب ، ومحمد بن أحمد البغدادي ، وكل هؤلاء لعنهم الامام وأصدر الامر بفساد عقائدهم.
الغيبة الكبرى ودور الفقهاء
وأذن الوقت بعصر الغيبه |
|
بحذر وظنةٍ وريبه |
وقال للامة من بعدي ارجعوا |
|
الى رواة قولنا لكي تعوا |
فأنهم حجة ربِّ الباري |
|
وفيهم ارثٌ من المختارِ |
هم حجة الله غدوا عليكم |
|
وحجة الله انا عليهمُ |
يستنبطون الفقه والاحكاما |
|
ويعرفون الحلّ والحراما |
مهمة لهم مدى الازمانِ |
|
ليحفظوا معالم الايمانِ |
واستترت بذلك الامامه |
|
وخلفت اكثر من علامه |
على ظهور المصلح الموعودِ |
|
بعد تقادمٍ من العهودِ |
فقد روى الرواة عن نبينا |
|
وأثبت الهداةُ عن صفينا |
بأنه في آخر الزمانِ |
|
يخرجُ من يعيدُ للايمان |
قوته ومجده الأثيلا |
|
وروحه ونهجه الاصيلا (١) |
__________________
(١) إنتهتْ الغيبة الصغرى بوفاة
النائب الرابع للإمام عليهالسلام الشيخ علي بن محمد السمري ، وذلك في سنة ٣٢٨ هـ وكان له من العمر ٧٤ سنة ، وبوفاة النائب الرابع بدأتْ الغيبة الكبرى ، والتي عُبر عنها بأنها سر الله الذي لا يطلع على وقته غيره سبحانه ، حيث
غاب الامام وأختفى مُبتدأً من دار أبيه في سامراء ليخرج الى بلاد الله العريضة ، ويرى
تحركات الناس ، ويراقب همّها وهمومها ، وهو بذلك إنّما يطبّق مشروع الله العظيم وتخطيطه
الحكيم تاركاً الامر كله من بعده بيد الفقهاء العاملين نيابةً عنه في غيبته الطويلة ، وبذلك
انقطعت
=