وأنت خبير بأنّ هذا هو عين ما أفاده شيخنا قدسسره ، وإلاّ كان اللازم هو بيان تصوّر تلك المرتبة من الدلالة التصديقية ومعقوليتها في قبال الدلالة التصوّرية وفي قبال الدلالتين اللتين ذكرهما شيخنا قدسسره للدلالة التصديقية ، هذا كلّه فيما يعود إلى المخصّص المنفصل.
وأمّا المخصّص المتّصل فالذي أظنّ أنّه لا مندوحة لنا في إثبات بقاء اللفظ العام على حقيقته وعدم استعماله في الخاصّ ، إلاّ الدلالة التي نقلها شيخنا قدسسره (١) في الدليل الثاني وسمّاها دلالة تمهيدية ، وهي عبارة عن إحضار المعنى العام في ذهن السامع ليورد الحكم على بعض أفراده ، بحيث يكون القيد مثل العادل في قولنا أكرم كلّ عالم عادل ، قرينة على أنّ مورد الحكم بوجوب الاكرام هو خصوص العادل من ذلك المعنى العام الذي أحضره في ذهن السامع.
ولعلّ الكثير من كلمات شيخنا قدسسره هنا في بيان عدم التجوّز في المدخول في التخصيص المتّصل ناظر إلى هذه الدلالة التمهيدية ، فإنّ تلك الكلمات لا تنطبق إلاّ عليها ، وإن شئت فلاحظ ما حكاه عنه في الكتاب بقوله : أمّا في المدخول فلأنّه لم يستعمل إلاّ في نفس الطبيعة المهملة التي وضع اللفظ بازائها ، وأمّا القيد فقد استفيد من دالّ آخر من باب تعدّد الدالّ والمدلول في فرض التخصيص بالمتّصل (٢).
ويظهر لك من ذلك أنّ الارادة التمهيدية لا ترجع إلى الوجه الأوّل ، وأنّها مختصّة بخصوص توجيه عدم التجوّز في المخصّص المتّصل ، فلا وجه لما علّقه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٠١ ـ ٣٠٢.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٣٠٣ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].