تبارك وتعالى ، وأنّه لا واجب الوجود إلاّ هو تبارك وتعالى ، فإنّ هذه المباحث ـ أعني مباحث الواجب والممكن ـ لا يعرفها أولئك العرب الذين كلّفوا بالتوحيد ، وإنّما يعرفون أنّ هناك معبودات والشارع كلّفهم بحصر العبادة فيه تبارك وتعالى ونفيها عمّا عداه.
وبناء عليه يكون اللازم هو أنّ كلّ من اعترف بهذا المضمون يكون داخلا في الموحّدين وإن لم يكن بتلك الألفاظ المخصوصة ، أعني قوله أشهد أن لا إله إلاّ الله. كما أنّ من ألحق بها قوله : وأنّ محمّدا صلى الله عليه وسلم مبعوث من الله أو مرسل من الله أو أنّه نبي الله أو غير ذلك ممّا يتضمّن الاعتراف بنبوّته صلى الله عليه وسلم يكون داخلا في المسلمين ، وإن لم يكن بذلك اللفظ الخاصّ ، أعني أشهد أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله رسول الله. اللهمّ إلاّ أن يكون في البين تعبّد خاصّ ، بحيث إنّه لا يترتّب عليه أثر الإسلام إلاّ إذا كان اعترافه بتلك الألفاظ الخاصّة ، وهو بعيد جدّا.
نعم جرى اعتراف المسلمين على هذه الصورة ، ولعلّ الاقتصار عليها إنّما كان لأجل خفّتها وكونها أخصر من غيرها ، أو كونها أصرح منه ، أو كونها أبلغ منه ، ونحو ذلك من الجهات التي رجّحتها في أنظارهم على غيرها من الجمل التي تؤدّي مؤدّاها من التوحيد في العبادة.
قال في الشرائع والجواهر في المسألة التاسعة من مسائل الارتداد من كتاب الحدود التاسعة : كلمة الإسلام نصّا وفتوى أن يقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ، أو ما في معناهما ، بل إن ترك لفظ الشهادة ففي كشف اللثام حكم بإسلامه الخ (١) كما لو قال لا إله إلاّ الله ، بدون لفظة أشهد.
وقال في المسالك في هذه المسألة : وحيث يتوقّف الإسلام على
__________________
(١) شرائع الإسلام ٤ : ١٩١ ، جواهر الكلام ٤١ : ٦٣٠.