وجوبان ، ففي مثل ذلك نقول : إنّه لا داعي في مثل ذلك إلى الالتزام بالتخصيص بشيء من الطريقين : لامكان أن يحدث وجوب الوضوء عند النوم بعد البول وبالعكس ، ويحدث للوضوء وجوبان عند اجتماعهما دفعة واحدة ، فيبقى عموم القضيتين بحاله ، لصدق قولنا كلّما حدث البول حدث وجوب الوضوء ، سواء سبقه النوم أم لا ، وسواء اجتمع معه النوم أم لا. وهكذا الحال في قولنا كلّما حدث النوم حدث وجوب الوضوء ، فإنّه يبقى على عمومه وشموله لصورة تأخّره عن البول وصورة انفراده عنه وصورة اجتماعه معه.
ولا يخفى أنّ الانحصار في مثل هذه القضايا لا يكون مستفادا من نفس العموم المذكور ، أعني مثل قولنا كلّما حدث البول حدث وجوب الوضوء ، لأنّ هذا العموم بنفسه لا ينفي حدوث الوجوب أيضا عند حدوث النوم ، بل لا بدّ في استفادة الانحصار من أمر آخر ، وهو كون الوجوب الحادث عند حدوث البول المفروض كونه مقيّدا به تقييدا مطلقا هو سنخ الوجوب ، وحينئذ عند ورود مثل هاتين القضيتين يكون الذي يرفع عنه فيهما هو هذه الجهة ، دون عموم حدوث الوجوب كلّما حدث البول ، بل يبقى العموم المذكور بحاله ، فعند حدوث البول بعد النوم يحدث وجوب آخر للوضوء ، كما أنّه عند حدوثهما دفعة يحدث للوضوء وجوبان ، وحيث إنّه حقيقة واحدة يستحيل فيها اجتماع الوجوبين المفروض كونهما مثلين ، لم يكن لنا حينئذ بدّ من الالتزام بالتأكّد ، وتكون النتيجة هي تداخل المسبّبات بمعنى تداخل الوجوبات وتأكّدها ، إلاّ أن يقوم دليل خارجي يدلّ على اختلاف المتعلّق في إحدى القضيتين عنه في الأخرى كما في باب الأغسال ، بحيث يكون حقيقة غسل الجنابة مثلا مغايرة لحقيقة غسل الحيض ، فلو دلّ دليل مع ذلك على الاكتفاء بغسل واحد كان من قبيل التداخل في