المحرّمة على نوع الإنسان ولا يعمّ أشخاص نوعه ، انتهى (١).
فتراه قدسسره لم يستدلّ على هذا الانصراف بالتشكيك ولا بنحوه من نقص الطبيعة ، بل لم يكن في البين إلاّ مجرّد الانصراف العرفي.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ المراد من القسم الثاني هو ما يوجب التوقّف في الحكم بإرادة المطلق ، لاحتمال كون ذلك المقدار من النقص في الفرد قرينة على عدم إرادته ، فيكون كما أفيد بقوله : إلاّ أنّ المطلق معه يكون في حكم احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية الخ (٢) ، وحينئذ يكون الفرق بين القسمين هو أنّ القسم الأوّل يكون موجبا لظهور اللفظ فيما عداه ، بخلاف الثاني فإنّه لا يوجب إلاّ التوقّف ، وهذا المقدار من الفرق أيضا لا ضابط له.
وعلى أي حال ، ليس الملاك في الفرق بينهما هو ما يتراءى من عبارة الكتاب ، من أنّ اللفظ في الأوّل ينصرف عنه وفي الثاني ينصرف إلى غيره ، فإنّ الظاهر أنّ أحدهما عين الآخر ، فإنّ الانصراف عنه عين الانصراف إلى غيره ، بل الظاهر ممّا حرّرته عنه قدسسره وما حرّره عنه المرحوم الشيخ محمّد علي من أنّ اللفظ في الأوّل ينصرف إليه وفي الثاني ينصرف عنه ، هو أنّ الانصراف إلى الشيء أقوى من الانصراف عن الشيء.
قال المرحوم الشيخ محمّد علي في مقام الردّ على الكفاية في عدم احتياج مقدّمات الحكمة إلى عدم وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب ما هذا لفظه : وثبوت القدر المتيقّن في مقام التخاطب لا دخل له في ذلك ، لأنّه لا يكون بيانا ولا يصلح للبيانية ، إلاّ إذا رجع القدر المتيقّن إلى حدّ الانصراف ، سواء كان من
__________________
(١) رسالة الصلاة في المشكوك : ٩٣ ـ ٩٤.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٤٣٥ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].