الانصراف إليه ليكون بمنزلة القيد المذكور في الكلام ويكون المتكلّم كأنّه بيّن القيد في اللفظ ، أو كان من الانصراف عنه بحيث يكون اللفظ منصرفا عمّا عدا القدر المتيقّن وإن لم ينصرف إليه بخصوصه ، فيكون القدر المتيقّن حينئذ ممّا يصلح للبيانية وإن لم يكن مقطوع البيانية كما في القسم الأوّل الخ (١).
وعلى أي حال أنّ الانصراف عمّا عدا القدر المتيقّن لا بدّ أن يكون موجبا للانصراف إلى خصوص القدر المتيقّن ، فلا يحصل الفرق بين القسمين إلاّ بجعل الثاني منهما وهو ما عبّر عنه بالانصراف عمّا عدا القدر المتيقّن عبارة عمّا يوجب التوقّف في الشمول لما عدا القدر المتيقّن ، فيكون موجبا للاجمال لا أنّه انصراف تامّ ، فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ الشيخ قدسسره في التقريرات (٢) قد ذكر للانصراف خمس مراتب : الأولى مجرّد الخطور. الثانية : ما له استقرار في الجملة لكنّه يزول بالتأمّل. الثالثة : ما يكون لاستمرار الشكّ واستقراره على وجه لا يزول بالتأمّل. الرابعة : ما يوجب التقييد. الخامسة : ما يوجب النقل إلى المعنى المشهور الذي هو المنصرف إليه.
وهذه المراتب كلّها إنّما هي في الشهرة بالنسبة إلى بعض أقسام المطلق وأصنافه ، ولا أثر للأوليين منها ، والثالثة توجب الإجمال ، والرابعة توجب التقييد ، والخامسة توجب النقل وصيرورة المطلق حقيقة في بعض أصنافه على حذو المجاز المشهور الذي ينقلب إلى الحقيقة. ولا يخفى أنّ هذه المراتب إنّما هي في شهرة بعض أصناف المطلق ، ولا دخل لذلك بكونه مشكّكا في قبال
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٥٧٦.
(٢) مطارح الأنظار ٢ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤.