لافادته لم يتحقّق بالنسبة إليه موضوع أصالة كون الكلام مسوقا في مقام البيان ، فإنّ موضوع هذا الأصل هو أن يكون الكلام صادرا لافادة شيء ، وبعد كونه صادرا لافادته يكون الأصل أنّه مسوق لمقام البيان بالنسبة إلى ذلك الشيء الذي كان الكلام صادرا لافادته ، والمفروض أنّ الحكم الثاني لم يكن الكلام صادرا لافادته ، فلا يكون الأصل المذكور جاريا بالنسبة إليه ، لعدم تحقّق موضوع الأصل المذكور بالنسبة إليه ، لا أنّه قد تحقّق فيه موضوع الأصل المذكور ولكن منع مانع من الأخذ به كما في مثل قوله تعالى : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ )(١) في مقام التشريع ، فإنّ الكلام يكون مسوقا لافادة وجوب الصلاة ، فيكون موضوع أصالة كون المتكلّم في مقام بيان تمام ما له الدخل في ذلك الوجوب متحقّقا فيه ، ولكن منع من الأخذ بذلك الأصل أمر آخر وهو كون الكلام مسوقا لمجرّد بيان مشروعية وجوب الصلاة ، وبذلك نخرج عن مقتضى الأصل أعني الحكم بأنّه صادر لبيان تمام ما له الدخل في الوجوب المذكور ، انتهى.
قلت : الظاهر منه قدسسره انحصار ما يوجب سقوط الأصل المذكور بهذين الوجهين ، وبناء عليه يكون القطع بعدم تحقّق شيء منهما موجبا للقطع بكون الكلام صادرا لبيان تمام ما له الدخل في الحكم من دون حاجة إلى إعمال ذلك الأصل ، لأنّ الحاجة إليه إنّما تتحقّق في صورة الشكّ في كون الكلام مسوقا في مقام البيان لا فيما لو حصل القطع بذلك ، وحينئذ ينحصر الأخذ بذلك الأصل فيما لو شكّ في تحقّق أحد هذين الوجهين ، فإنّ الشكّ في ذلك يكون موجبا للشكّ في كون الكلام مسوقا في مقام البيان ، وبذلك الشكّ يكون موردا للأصل المذكور.
__________________
(١) البقرة ٢ : ٤٣.