منظومته في المنطق في بيان أقسام الماهية من الاعتبارات العقلية وهي ثلاثة :
الأوّل : أن تلحظ من حيث هي ، أي لا بشرط اقترانها بشيء من لواحقها من كلّية أو جزئية أو ذاتية أو عرضية أو وجود أو عدم إلى غير ذلك ممّا يلحقها ذهنا أو خارجا ، ولا بشرط عدمه. وهي بهذا الاعتبار ليست إلاّ هي ، على معنى أنّها بملاحظتها في نفسها ومن حيث نفسها ليست عين شيء ممّا عداها ونفسه بل غيره وإن اتّحد معها خارجا أو ذهنا ، بل لا يمكن أن يعبّر عنها حينئذ إلاّ بهي المشار بها إلى ذاتها أو بلفظها الموضوع بازائها ، فلو أفيدت بغير ذلك كان ما تفاد به إمّا عنوانا منتزعا منها أو خارجا عنها لاحقا لها. وأيّا ما كان يكون مغايرا لها ولو بالاعتبار وإن اتّحد معها ذاتا ، فما هي من حيث هي إلاّ هي ، كذا يجب أن يفهم ذلك ، وتسمّى حينئذ الماهية المطلقة واللاّبشرط فلا تنافي الف شرط.
الثاني : أن تلحظ مع واحد من عوارضها على سبيل الشرطية أو الشطرية ، وتسمّى الماهية المقرونة والمخلوطة وبشرط شيء ، فلا تجتمع إلاّ مع ما لا ينافيه.
الثالث : أن تلحظ بشرط لا شيء معها أصلا ، وهي المسمّاة بالمجرّدة وبشرط لا. ولا يمكن زيادة اعتباراتها على ما ذكر. فانكشف أنّ الماهية لا بشرط شيء وكونها جزئية أو كلّية عرضية أو ذاتية جنسا أو فصلا ماشيا أو ضاحكا إلى غير ذلك شيء ، وأنّ أيّ ماهية فرضت مع أيّ صفة فرضت لها تلك الاعتبارات ، بل لا اختصاص لها بالماهية بذلك المعنى ، بل كلّ مفهوم إذا لوحظ مع آخر جرى فيه ما قلناه ومنه كافّة الجزئيات (١).
وقال في المقدّمة التي ساقها لبيان إقامة البرهان على وجود الكلّي الطبيعي :
__________________
(١) منتقى الجمان في شرح لؤلؤة الميزان : ٧٠.