المفروض أنّ المتكلّم لم يكن بصدد بيان الحكم الواقعي كي يكون تأخير الخاصّ تأخيرا عمّا أريد بيانه من الحكم الواقعي.
نعم ، إنّ هذا المعنى أعني كون المتكلّم لم يكن بصدد بيان الحكم الواقعي وإنّما كان بصدد بيان الحكم الظاهري إنّما يستكشف من الحكم على ذلك المتأخّر بأنّه مخصّص لا ناسخ ، ولو من جهة كثرة التخصيص ، وكونه هو المتعارف عند أهل اللسان ، فإنّا بعد الحكم بالتخصيص نستكشف أنّ المتكلّم لم يكن بصدد بيان الحكم الواقعي ، وأنّ ما كنّا قد حكمنا به من أنّه أراد بيان الحكم الواقعي كان خطأ منّا.
لكن بناء على ذلك يكون الشقّ الأوّل الذي حكم فيه بكون الخاصّ ناسخا من قبيل الفرض المجرّد الذي لا مصداق له ، إلاّ فيما أحرزنا من الخارج لا من أصالة العموم أنّ المتكلّم كان بصدد بيان الحكم الواقعي.
وحينئذ يكون حاصل التقسيم الذي أفاده صاحب الكفاية قدسسره أنّا إذا أحرزنا من الخارج أنّ المتكلّم كان بصدد بيان الحكم الواقعي ، وأنّ مراده الجدّي هو العموم والشمول لكلّ فرد ومع ذلك حضر وقت العمل ثمّ بعد حضور وقت العمل حكم على بعض أفراد العام بحكم آخر يخالف حكم العام ، فإنّا حينئذ نضطرّ إلى القول بأنّ هذا المتأخّر ناسخ للعام ، وإن لم يكن لدينا إلاّ أصالة العموم الحاكمة ظاهرا بأنّ المتكلّم قد أراد جميع الأفراد ، ثمّ بعد ذلك جاء الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعام ، فهذا الخاصّ المتأخّر وإن كان بمقتضى أصالة العموم المتقدّمة أنّه ناسخ للعام ، إلاّ أنّه بعد فرض سقوط احتمال النسخ ولو من جهة قلّته أو غير ذلك من موجبات تقدّم التخصيص عليه ، نستكشف خطأنا في أصالة العموم ، وأنّه لم يكن المراد الجدّي هو تمام الأفراد ، وأنّه لم يكن المتكلّم بصدد