العام إنّما يتعرّض الحكم الواقعي ليس إلاّ ، وأنّ الحكم الظاهري إنّما يستفاد من دليل حجّية ذلك العام ، فيكون هذا الحكم الظاهري بمنزلة الطارئ على العام ، لا أنّ العام يكون متكفّلا له ، فقد أفاد شيخنا قدسسره في مقام الاعتراض على الكفاية بما عرفت ممّا حاصله : أنّه لا محصّل لكون العام متكفّلا للحكم الظاهري.
ومن ذلك يظهر التأمّل فيما تضمّنته الحاشية الأولى على ص ٥٠٧ (١) ممّا ظاهره أنّه بعد المساعدة على مسلك الكفاية في بيان كيفية استعمال العام في مورد التخصيص ، من الركون إلى الارادة الاستعمالية التي يكون مقتضاها كون العام متكفّلا بالحكم الظاهري ، لا يكون ما سلكه في المقام رافعا لقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ، لأنّ العام إن كان حجّة على إرادة الحكم الواقعي كان تأخير التخصيص عن وقت الحاجة قبيحا ، وإن لم يكن حجّة على الواقع لم يمكن أن يكون مدركا للحكم الظاهري ، لأنّ هذا الإشكال راجع إلى أنّ العام لا يمكن أن يكون عبارة عن الحكم الظاهري الذي هو عبارة عن حجّية أصالة العموم إلاّ بعد إثباته الواقع وهو عين الإشكال الذي وجّهه عليه شيخنا قدسسره من أنّ العام لا يتكفّل بالحكم الظاهري وإنّما يتكفّل الحكم الواقعي ، وهو أعني العام بمنزلة الموضوع للحكم الظاهري المتولّد من دليل حجّيته.
أمّا مع قطع النظر عن هذا الإشكال فإنّ لصاحب الكفاية قدسسره أن يقول إنّ العام إن كان واردا في مقام بيان الحكم الواقعي تعيّن كون الخاصّ الوارد بعد العمل بالعام ناسخا له ، إذ لا يجوز تأخير بيان المراد الواقعي عن وقت الحاجة إليه ، وإن لم يكن العام إلاّ في مقام بيان الحكم الظاهري ، كان الخاص المتأخّر مخصّصا لذلك المراد الواقعي من العام ، ولا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، لأنّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٣٩٤.