وجود غيرهما ممكنا كما لو كان المفهوم أعمّ من وجه من العام ، مثل أخبار الكرّ بالنسبة [ إلى ] مثل قوله : « الماء الجاري لا ينجّسه شيء » (١) ، فإنّهما يتعارضان في الجاري القليل ، فلو قدّمنا أخبار الجاري على المفهوم ، وحكمنا بأنّ الجاري القليل لا يتنجّس ، فإنّه حينئذ يصحّ جعل الشرط أحد الأمرين من الكرّ والجاري ، ويتحقّق المفهوم بانتفائهما معا ، بأن يكون الماء ليس بكرّ ولا بجار وهو القليل المحقون ، فيثبت فيه الحكم بالانفعال.
وهكذا الحال فيما لو كان الدليل المقابل للمفهوم أخصّ منه مثل قوله : أكرم العلماء إن كانوا عدولا ، في قبال قوله : أكرم فسّاق الفقهاء ، فإنّ مفهوم الأوّل هو لا تكرم العلماء إن كانوا فسّاقا ، ويكون قوله أكرم فسّاق الفقهاء مخصّصا للمفهوم ، وتكون النتيجة حينئذ أكرم العلماء إن كانوا عدولا أو كانوا فقهاء ، بخلاف ما لو كان الواقع منحصرا بالأمرين المذكورين فإنّه حينئذ لو كان الشرط هو أحدهما كان اشتراطه لغوا صرفا ، إذ لا يخلو الواقع من أحدهما كما فيما نحن فيه من فرض كون المفهوم الذي هو نقيض المنطوق أخصّ من العام ، كما في قوله : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » بالقياس إلى قوله : « خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء » (٢) وكما في قوله : الخبر الواحد لا يكون حجّة إذا كان المخبر به فاسقا الذي هو المتحصّل من الآية الشريفة (٣) لو لم نقل بالحكومة ، فإنّ مقابله عموم المنع عن العمل بالظّن ، سواء كان هو عموم العلّة أو كان هو عموم قوله
__________________
(١) تقدّم استخراجه في الصفحة : ٣٢٤.
(٢) تقدّم استخراجه في الصفحة : ٣٣٠.
(٣) الحجرات ٤٩ : ٦.