وليس في البين إلاّ نفس المنطوق ، وإجراء الحساب معه دون نفس المفهوم ، فلاحظ وتدبّر.
قوله : وأمّا توهّم أنّ عموم العلّة تكون مانعة عن انعقاد ظهور الكلام في المفهوم ، لاحتفاف الكلام بما يصلح للقرينية ، فمدفوع بأنّ الصلاحية للقرينية إنّما تتحقّق في غير موارد الحكومة ، وأمّا فيها فيستحيل ذلك ، فإنّ قرينيته إنّما تكون عند حفظ موضوعها ، والمفهوم رافع لموضوعه بالفرض ، فكيف يمكن أن يكون هو مانعا عن الظهور في المفهوم ... الخ (١).
ربما يقال إنّه يمكن التأمّل في ذلك ، فإنّ المفهوم لو كان أوّلا وبالذات يحكم بأنّ خبر العادل ليس من قبيل الظنّ ، لكان حاكما على عموم العلّة ونحوها ، أمّا لو كان رفعه للموضوع في طول إثباته حجّية الظنّ الحاصل من خبر العدل المفروض كون عموم العام مانعا من حجّيته ، فلا يمكن حكومته عليه ، فلا يكون المقدّم هو المفهوم ، إلاّ إذا التزمنا بطريقة التخصيص.
ثمّ إنّ الذي يظهر ممّا حرّرناه عنه قدسسره في مسألة حجّية خبر الواحد (٢) هو إبطال طريقة التخصيص ، لكون العام متّصلا بالخاصّ ، فيكون من قبيل احتمال قرينية الموجود ، وأنّه قدسسره لم يعتمد في تقديم المفهوم إلاّ على طريقة الحكومة.
نعم ، هو قدسسره التزم في صحيحة إسماعيل بن جابر (٣) في قاعدة التجاوز (٤) بتقدّم المفهوم على العام المتّصل ، كما أنّه قدسسره في هذا المقام أيّد هذا المعنى وشيّده.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٨٥ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) راجع المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الحاشية على فوائد الأصول ٣ : ١٧١.
(٣) وسائل الشيعة ٦ : ٣٦٩ / أبواب السجود ب ١٥ ح ٤.
(٤) لاحظ فوائد الأصول ٤ : ٦٣٣ وما بعدها / المبحث الرابع. وحواشي المصنّف قدسسره عليه تأتي في المجلّد الحادي عشر.