يكون مع حفظ العام في ظرف وجود الشرط وعدمه ، وذلك مثل أن يقول : الماء ينفعل بملاقاة النجاسة ، ثمّ يقول : الماء ينفعل إذا لم يكن كرّا ، أو يقول : أكرم العالم ، ثمّ يقول : أكرم العالم إذا لم يكن فاسقا ، فإنّ المفهوم في كلّ منهما وإن كان أخصّ من مورد العام ، فإنّه في الأوّل عدم الانفعال إذا كان كرّا وفي الثاني عدم وجوب إكرام العالم إذا كان فاسقا ، وواضح أنّ الأوّل أخصّ من العام الذي هو انفعال مطلق الماء ، والثاني أيضا أخصّ من العام الذي هو وجوب إكرام العالم ، إلاّ أنّ المنطوق في كلّ منهما أخصّ مطلقا من العام ، فإنّ الماء الذي ليس بكرّ أخصّ مطلقا من مطلق الماء ، وكذلك العالم الذي ليس بفاسق أخصّ مطلقا من مطلق العالم.
نعم يتصوّر له مثال بعيد وهو ما لو كان العنوان المأخوذ محفوظا في طرف المنطوق والمفهوم أعمّ مطلقا أو من وجه من العام ، وكان منطوق الشرط نقيضا لما هو أخصّ مطلقا من العام ، مثل أن يقول : أكرم العلماء ، ثمّ يقول : أكرم كلّ رجل أو كلّ علوي إذا لم يكن نحويا ، فإنّ الرجل أو العلوي الذي ليس بنحوي أعمّ من وجه من العام الذي هو العالم ، مع أنّ المفهوم الذي هو الرجل النحوي أو العلوي النحوي أخصّ مطلقا من العالم.
ثمّ لا يخفى أنّ مفهوم الأولوية دائما يكون من الموافق ولا يتصوّر فيه مفهوم المخالفة ، أمّا ما يستفاد من الواسطة في العروض كما في مثل حرمة الخمر لأنّه مسكر ، أو الواسطة في الثبوت كما في مثل حرمة الخمر لعلّة الاسكار ، فكما يتصوّر فيه الموافق فينتقل إلى كلّ مسكر أو كلّ ما وجدت فيه علّة الاسكار ، فكذلك يمكن أن يتأتّى فيه المفهوم المخالف ، وهو أنّ الخمر إذا لم يكن مسكرا ولم يكن فيه علّة الاسكار فليس بحرام ، وذلك من جهة أنّ الواسطة في العروض وكذلك الواسطة في الثبوت مطردة ومنعكسة ، فمفهوم الموافقة يتولّد من الاطراد ومفهوم المخالفة يتولّد من الانعكاس.