وأمّا الأوّل ، وهو ما كان فيه مورد الحكم في ناحية المنطوق أخصّ منه في ناحية الدليل العام ، فهو وإن كان مورد الحكم في طرف المفهوم منه نقيضا لمورد الحكم في طرف منطوقه ، وكان نقيض الأخصّ أعمّ من وجه من عين الأعمّ الذي هو مورد الحكم في ناحية الدليل العام ، إلاّ أنّ هذه المناقضة لمّا كانت في ظرف كون كلّ من المتناقضين مصداقا للعام ، لأنّها في مقام المفهوم الذي لا بدّ فيه من كون كلّ من نفس الشرط ونقيضه واردا على أمر واحد ، كان من الضروري هو كون مورد الحكم في ناحية المفهوم أخصّ مطلقا من مورد الحكم في الدليل العام ، مثال ذلك أن يقول : الماء لا ينفعل ، ثمّ يقول : إذا بلغ الماء كرّا لم ينفعل ، فإنّ مفهومه هو أنّ الماء إذا لم يبلغ كرّا ينفعل ، وهو أخصّ من مورد الحكم في ناحية العام الذي هو مطلق الماء ، فيكون مقدّما على العام بلا كلام.
نعم لو كان العنوان المأخوذ محفوظا في طرف المنطوق والمفهوم أعمّ مطلقا أو من وجه من العام ، وكان منطوق الشرط أخصّ من العام ، مثل أن يقول أكرم كلّ عالم ثمّ يقول أكرم كلّ رجل أو كلّ علوي إذا كان نحويا ، كان مورد المنطوق وهو الرجل النحوي أو العلوي النحوي (١) أخصّ مطلقا من العام الذي هو العالم ، مع كون المفهوم الذي هو الرجل أو العلوي غير النحوي أعمّ من وجه من العام. ولو لم يكن في البين عنوان محفوظ بل كان الحكم في المنطوق واردا على العنوان الخاصّ ، كان بين المفهوم والعام عموم من وجه ، لأنّ نقيض الأخصّ أعمّ من وجه من عين الأعمّ كما سيأتي (٢) إن شاء الله في شرح صحيحة إسماعيل ابن جابر.
__________________
(١) [ في الأصل : الرجل العلوي ، والصحيح ما أثبتناه ].
(٢) في الصفحة : ٣٣٧ ـ ٣٣٨.