العام منافيا للمفهوم المفروض كونه مخالفا للمنطوق ، وحيث إنّ مورد ذلك الحكم المخالف للمنطوق إنّما هو نقيض مورد الحكم في طرف المنطوق ، فينبغي أوّلا تنقيح حال مورد الحكم في طرف المنطوق ، وبيان النسبة بينه وبين مورد الحكم في الدليل العام ، وبذلك تعرف النسبة بين مورد الحكم في طرف المفهوم ومورد الحكم في الدليل العام.
فنقول : إنّ مورد الحكم في طرف المنطوق بالنسبة إلى مورد الحكم في طرف العام (١) لا يخلو من إحدى النسب الأربع : التساوي والتباين والعموم المطلق والعموم من وجه ، فتكون الصور أربعة :
الأولى : فيما لو كان مورد الحكم في طرف المنطوق مساويا لمورد الحكم في الدليل العام كأن يقول أكرم كلّ عادل ثمّ يقول أكرم الإنسان إن كان تاركا للكبائر والصغائر. وفي هذه الصورة لا يكون العام معارضا لشيء من المنطوق والمفهوم.
الثانية : فيما لو كان مورد الحكم في طرف المنطوق مباينا لمورد الحكم في الدليل العام ، فتارة يكونان من قبيل الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، وأخرى يكونان من قبيل المتباينين اللذين لهما ثالث. مثال الأوّل أن يقول الماء القليل لا ينفعل ، ثمّ يقول إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء ، إذ لا يخلو الماء عن أحد الأمرين ، أعني القلّة والكثرة التي هي عبارة عن الكرّ. ومثال الثاني أن يقول تجب الزكاة في الغنم ، ثمّ يقول إذا كانت النعم من الإبل وجبت فيها الزكاة.
ففي المثال الأوّل يكون المفهوم معارضا للحكم العام معارضة التباين ، حيث إنّ عدم الكرّية المحكوم عليها في طرف المفهوم بالانفعال هي عين القلّة
__________________
(١) بيان : لا يخفى أنّ مرادنا بالدليل العام في هذه الكلمات هو الدليل الذي يكون بازاء مفهوم المخالفة وإن لم يكن أعمّ منه [ منه قدسسره ].