النهي عن العمل بالظنّ ، وقد يكون الأمر بالعكس بأن [ يكون ] المفهوم أعمّ مطلقا من ذلك الدليل المقابل ، مثل أن يقول أكرم العلماء إن كانوا عدولا في قبال قوله أكرم فسّاق الفقهاء ، فإنّ مفهوم الأوّل هو أنّ الفسّاق من العلماء لا يجب إكرامهم ، سواء كانوا فقهاء أو كانوا نحويين أو غيرهم من العلماء الفسّاق ، وهو أعمّ مطلقا من قوله أكرم فسّاق الفقهاء ، وحيث إنّه لا يمكن رفع اليد عن المفهوم إلاّ بالتصرّف بالمنطوق ، نقول إنّ قوله أكرم العلماء إن كانوا عدولا وإن دلّ بظاهره على انحصار القيد بالعدالة ، إلاّ أنّ قوله أكرم فسّاق الفقهاء يكون موجبا لرفع اليد عن ظهوره في الانحصار ، لأنّه بمنزلة قولك أكرم العلماء إن كانوا فقهاء ، ويكون مقتضى الجمع هو أنّ الشرط يكون أحد الأمرين على سبيل منع الخلو أعني العدالة أو الفقاهة على ما مرّ تفصيل الكلام فيه في باب المفاهيم (١) ، فراجع.
ومنه يظهر الحال فيما لو كان بين مفهوم المخالفة والدليل المقابل عموم من وجه ، مثل قوله عليهالسلام « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » (٢) في قبال قوله « الماء الجاري لا ينجّسه شيء » (٣) وتفصيل الضابط في هذه المعارضات هو ما كنّا حرّرناه سابقا بقولنا :
وأمّا مفهوم المخالفة فتحرير الكلام في بيان كونه معارضا للعام يتوقّف على تمهيد مقدّمة : وهي أنّ محلّ الكلام كما عرفت إنّما هو فيما لو كان الحكم الذي يتضمّنه الدليل العام غير مناف للمنطوق ، وإنّما محلّ الكلام هو كون حكم
__________________
(١) تقدّم ذلك في أوّل هذا المجلّد ، راجع حاشية المصنّف قدسسره المفصّلة في الصفحة : ١٧ وما بعدها.
(٢) وسائل الشيعة ١ : ١٥٨ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١ ، ٤ ، ٦ ( وفيه : إذا كان ... ).
(٣) مستدرك الوسائل ١ : ١٩٠ / أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ١ ، ٤.