انعدامها من ذلك الموضوع ، وحينئذ تكون متوسّطة بين ما هو من قبيل تنقيح المناط وما هو من قبيل حكمة التشريع ، هذا كلّه في مقام الثبوت.
وأمّا مقام الإثبات فحاصل الكلام فيه ، أنّ الحكم على العلّة المأخوذة في الحكم بأنّها من قبيل العلّة المنصوصة ، وأنّ الحكم غير مختصّ بمورده بل يكون تابعا لتلك العلّة أينما وجدت ، يتوقّف على أمور ثلاثة :
الأوّل : أن تكون العلّة من العناوين العرفية التي تكون معرفتها بيد العرف ليصلح أن يخاطب بها المكلّف ، وتلقى عهدتها عليه فعلا أو تركا ، وذلك مثل الاسكار ونحوه من العناوين العرفية القابلة للالقاء على عاتق المكلّف. أمّا لو لم تكن العلّة من هذا القبيل بل كانت أمرا مجهول الحقيقة عند العرف مثل النهي عن الفحشاء بالنسبة إلى الأمر بالصلاة ونحو ذلك من العلل التي يجهلها العرف ولا يمكن أن تلقى إليه وأن يكلّفوا بها ، لم تكن العلّة المذكورة صالحة لأن تكون من منصوص العلّة ، ولا يتعدّى عن مورد الحكم إلى ما توجد فيه العلّة ممّا هو خارج عن مورد الحكم المذكور ، بل تكون حينئذ من قبيل حكمة التشريع غير المطّردة ولا المنعكسة.
الأمر الثاني : أن لا يكون للحكم المعلّل إضافة إلى المورد ، بحيث نحتمل فيه أن تكون العلّة المذكورة علّة لحكم خصوص ذلك المورد دون غيره ممّا وجدت فيه تلك العلّة ، كأن يقول إنّ تحريم الخمر لأجل الإسكار ، فإنّه يحتمل فيه كون الإسكار علّة لخصوص حرمة الخمر دون غيره ممّا وجد فيه الإسكار ، بل لا بدّ أن يؤخذ الحكم المذكور أعني التحريم مطلقا لتكون العلّة المذكورة أعني الإسكار علّة لذلك الحكم المطلق ليسري الحكم إلى كلّ ما وجدت فيه تلك العلّة.