بواسطة شرط آخر اقتضى حدوث وجوب القصر ، وبقي ذلك الشرط مستمرّا إلى حين السفر ، أو أنّ المراد هو جهة الحدوث ليكون المعنى كلّما حدث السفر يحدث الوجوب بحدوثه. والظاهر من أمثال هذه القضايا هو الثاني ، خصوصا فيما لو كان الوجوب مستفادا من الهيئة ، بأن يكون الجزاء بلفظ فقصّر.
وحينئذ نقول بعونه تعالى : إنّ حاصل القضية هو أنّه كلّما حدث السفر فقد حدث وجوب القصر بحدوثه ، والمستفاد من ذلك أمران :
الأوّل : أنّ السفر هو الشرط الوحيد في حدوث الوجوب ، فتكون القضية من هذه الجهة دالّة على انحصار الشرط ، إذ لو كان هناك شرط آخر وهو الخوف ويحدث الوجوب بحدوثه ، وكان قد سبق السفر بالحدوث ، لم تصدق هذه الكلّية ، وهي كلّما حدث السفر يحدث الوجوب بحدوثه ، لأنّه في الصورة المفروضة لا يكون الوجوب حادثا بحدوث السفر ، بل يكون حدوثه سابقا على حدوث السفر.
الأمر الثاني : أنّ السفر هو تمام ما يعتبر في وجوب القصر ، على وجه لا يحتاج ترتّب وجوب القصر على السفر إلى عطف مثل الخوف عليه بالواو ، إذ لو كان كذلك بحيث إنّه كان الشرط في وجوب القصر هو السفر مع خوف العدو لم تصدق الكلّية المزبورة ، وهي أنّه كلّما حدث السفر حدث وجوب القصر ، إذ ربما حدث السفر وحده فلا يكون الوجوب المذكور حادثا بحدوثه.
وإذا تمّ الأمران المذكوران في قولك كلّما حدث السفر فقد حدث بحدوثه وجوب القصر ، كان محصّل ذلك هو أنّ هذه القضية كما تأبى من أن يكون الخوف شرطا في وجوب القصر قائما مقام السفر ، فكذلك تأبى من أن يكون الخوف المذكور ضميمة إلى السفر في لزوم حدوث الوجوب لحدوثه ، والأوّل